لهجة القطيف العامية من الشعر الفصيح: حرف الجيم [5]

جِمع

جُمْعُ الكف، بالضم: وهو حين تَقْبِضُها. يقال: ضربوه بأَجماعِهم، إذا ضربوا بأَيديهم.

وضربته بجُمْع كفي، بضم الجيم، ومما فيه من الشعر

لقد أشمتت بي أهل فيد وغادرت        

بجسمي حبراً بنت مصان باديا

وما فعلت بي ذاك حتى تركتها        

تقلب رأساً مثل جمعي عاريا

وأفلتني منها حماري وجبتي        

جزى الله خيراً جبتي وحماريا([1])

وقال حاتم الطائي:

متى ما يجئ يومًا إلى المال وارثي          

يحد ملءَ جُمْع غير ملأى ولا صفرِ([2])

وأهل القطيف، يكسرون الجيم، ويحذفون الكف حذفَ اكتفاء، يقولون: بِتْجُوز والاَّ أعطيك جمع؟ أي أضربك بالجُمع، أظنهم اليوم نسوها وأحلوا محلها البكس الانجليزية. 

الجمة

ذكرتها آنفًا بمعنى: مجتمع الماء، وفاتتني الإشارة إلى أنها موضع في السفينة يتجمع فيه الماء الراشح، قال في اللسان: >وجَمَّةُ المَرْكَبِ البحريّ: الموضع الذي يجتمع فيه الماء الراشح من حُزوزه، عربية صحيحة.

لم أجد لها ذكرًا في الشعر إلا عند أحمد بن ماجد، في قوله:

إذا قَسَمتَ الجمَّةَ في المنازل       

يزلُّ فيها عاقلٌ وجاهل

إلاّ رئيسٌ راصدٌ همامُ      

يراقبُ الأفلاكَ لا ينامُ ِ([3])

وقوله:

ومَن أَحَبَّ مَعرفة الزامِ      

وقسمةَ الجُمَّة بالتَّمامِ

فليَفتَقِد في جُملَةِ المَنازِل      

ما كان منها مُشرِقاً وآفل ِ([4])

والظاهر أنه يريد بها منزلا من منازل النجوم، فكلامه يدل على اتجاه المسار.

الجواز

الجواز: إذن بالسفر تصدره الحكومات لمواطنيها، معروف، قال الزمخشري:

يا قيم الماء فدتك نفسي        

عجل جوازي وأقل حبسي

وخذ جوازك، وخذوا أجوزتكم، وهو صك المسافر لئلا يتعرض له<. (أساس البلاغة)

ومما جاء فيه شعرًا قول الصاحب بن عباد:

عذارٌ كَالطِرازِ عَلى الطِرازِ  

وَشَمسٌ في الحَقيقَةِ لا المجازِ

تَبَدّى عارِضاهُ فَعارَضاني   

وَقالا لا تمرُّ بِلا جوازِ

فَقُلتُ القَلبُ عِندَكُم مُقيمٌ      

وَما حُسنُ الثِيابِ بِلا طرازِ([5])؟

وقول معروف الرصافي:

حللت من العراق وأنت ركز      

بحيث الأرض جيّدة الركاز

فحلَّ اليمن منذ حللت فيه      

وقبلاً كان عنه ذا انحياز

ومّهدت الأمور لنا ففزنا      

من الآمال بالغرر العزاز

ولولا سعيك المشكور كنّا      

كذي سفر يسير بلا جواز([6])

وقول إبراهيم طوقان:

يهاجر ألفٌ ثم ألفٌ مهرباً      

ويدخل ألفٌ سائحاً غير آيبِ

وألف جوازٍ ثم ألف وسيلةٍ      

لتسهيل ما يلقونه من مصاعبِ([7])

جْواف

الجواف: فصيلة من السمك، أبيض، ناصع، ترف، دقيق العظام، كثيرها، يضربون به المثل في كثرة الحسك، فيقولون: جمِّعوا للحف سِلاَّ، يا بنات الجنعدة، والحف فصيلة أخرى من السمك، كثير الحسك، وستأتي، والجنعدة: الكنعدة، فصيلة من السمك مشهور بقلة حسكه ولذة طعمه. جاء في لسان العرب:

أَطْعَمْتُمُ الضَّيْفَ جُوفاناً مُخاتَلةً       

فلا سَقاكم إلهِي الخالِقُ البارِي

والجُوفيُّ والجُوافُ، بالضم: ضرب من السمك، واحدته جُوافَةٌ؛ وأَنشد أَبو الغَوْث:

إذا تَعَشَّوْا بَصَلاً وخلاًّ

وكَنْعَداً وجُوفِياً قد صلاَّ

باتُوا يَسُلُّونَ الفُساءَ سَلاَّ      

سَلَّ النَّبِيطِ القَصَبَ المُبْتَلاَّ

قال الجوهري: خففه للضرورة. وفي حديث مالك ابن دينار: أَكلتُ رغيفاً ورأْسَ جُوافةٍ، فعلى الدنيا العَفاء؛ الجُوافةُ، بالضم والتخفيف: ضرب من السمك وليس من جَيِّدِه. (لسان العرب)، ومما جاء فيه من الشعر قول زياد الأعجم:

أَتَتكَ الأََزدُ تَعثُرُ في لِحاها      

تَساقَطَ مِن مَناخِرها الجُوافُ([8])

جوز

لأهل القطيف لهذه الكلمة تصاريف، فإذا جاؤوا بها بلفظ الأنثى، أرادوا العظْمة المعروفة في قدم الإنسان، وهذه لم أجد فيها شعرًا، ولعلها من المجاز، من باب الكناية تشبيهًا لها بالجوزة، واحدة الجوز: النقل المعروف، كما سيأتي، وإذا أرادوها فعلاً ضموا الأول وسكنوا الثاني، والمعنى: كُفَّ عما أنت فيه، وخلِّه، واتركه، وأحسبها من الجوْز بمعنى الجواز، والعبور، كما تقول: عدِّ عنه، أي تجاوزه، أو من التخفيف. فقد جاء في التاج: >تجَوَّزَ في الصلاة: خفَّفَ، ومنه الحديث: “أَسْمَعُ بكاءَ الصبيِّ فَأَتَجوَّزُ في صلاتي”، أي أُخَفِّفُها وأُقَلِّلُها، وفي حديثٍ آخر: “تَجَوَّزوا في الصلاة”، أي خفِّفوها وأَسْرِعوا بها. وقيل: إنّه من الجَوْز: القَطْع<، وكأنه عنى الكفَّ والتوقف، فإن صح هذا التفسير، فهو ما يريده أهل القطيف، بقولهم: جُوز، أي كُفَّ.

وإذا أتوا به اسمًا فتحوا الأول وسكنوا الثاني، وله معنيان: الأول: رفس الحيوان بالرجل، يقول أحدهم لطفله يحذِّره من الاقتراب من الحيوان: تباعد عنه لا يضربك جوز، يعوُّرك<. ويطلقون التسمية نفسها، على لعبة كانوا يمارسونها في عيون الماء بالضرب على الماء بأن يمد اللاعب جسمها على الماء أفقيًّا ثم يضرب منافسه بإحدى رجليه، وفي هذا المعنى من الشعر قول الحارث بن ظالم المري:

ألا سائل النعمان إن كنت سائلا      

وحي كلابٍ هل فتكت بخالد؟

عشوت عليه وابن جعدة دونه      

وعروة يكلا عمه غير راقد

وقد نصبا رجلا فباشرت جوزه      

بكلكل مخشي العداوة حارد([9])

والثاني وهو النَقْل المعروف، جاء فيه من الشعر قول ابن الرومي يصف مجلسًا:

خذ يا مُريدَ الأكِل اللذيذِ      

جَرْدَقَتَي خُبْزٍ من السَّيمذِ

لم تَر عينا ناظرٍ شبهيهما      

فاقْتسِر الحرفين من وجهيهما

حتى إذا ما صارتا صَفائِفا      

فانتف على إحداهما تنائفا

من لحم فروجٍ ولحم فَرخِ      

يدورُ جوذابهما بالنَفْخِ

واجعل عليها أسطُراً من لوزِ      

معارضات أسطراً من جَوزِ([10])

وقول محمود قابادو:

وَذَهبيّ نمرٍ فَضّضوه بسكّرٍ      

وَحَشوا حشاهُ لبّ جوزٍ وفستقِ

كَحبشيّةٍ قَد أقبلت في مُلاءةٍ      

تَقول لزوجٍ: مِن رُضابي فاِستقِ([11])

وقول مصطفى زين الدين الحمصي:

قم يا نديمي، فهذه البصماء      

حيَّت فما لي اليوم عنها غناءُ

وانهض بنا نجرع كؤوس القطر من      

حول الصدور فما سواها شفاءُ

وأزل بها ضرَّاء جوعي إن لي      

عين عليها دائماً وكفاءُ

حمراء إن صنعت بجبن لذلي      

لاسيما إن سامها قشطاء

مفروكة من فوقها جَوْزٌ كذا      

ك سنوبر منقى له لألاء([12])

وقول نقولا الترك الأسطنبولي:

فَدْمٌ بتلفيق المحال له فمٌ      

كالصُّور يوم البعث حين يبوّقُ

أشعاره حشوٌ بلا معنى فقد      

حاكاه جوزٌ فارغٌ أو بندقُ([13])

([1])إصلاح المنطق، ابن السكيت، شرح وتحقيق أحمد محمد شاكر، وعبد السلام محمد هارون، دار المعارف، القاهرة، د. ت. ص: 252.

([2])ديوانه، دار صادر، بيروت، د. ت. ص: 46.

([3])كتاب الفوائد في أصول علم البحر والقواعد، أحمد بن ماجد، مخطوط غير مرقم، مكتبة الكونغرس، أمريكا، رقم: 2008401696.

([4])المصدر السابق.

([5])ديوانه، المستدرك، شرحه، وظبطه وقدم له إبراهيم شمس الدين، نشر مؤسسة الأعلمي، بيروت، الطبعة الأولى، 1422هـ، 2001م، ص: 157.

([6])ديوانه، مراجعة مصطفى الغلاييني، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، د. ت. ص: 508.

([7])الأعمال الشعرية الكاملة، إبراهيم طوقان، بإشراف إحسان عباس وتقديم فدوى طوقان، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الثانية، 1993م، ص: 222.

([8])ديوانه، جمع وتحقيق ودراسة يوسف حسين بكار، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمَّان، الأردن، الطبعة الأولى، 1403هـ، 1983هـ، ، ص: 83.

([9])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/mnBPVq.

([10])ديوانه، شرح وتحقيق عبد الأمير علي مهنا مرجع سابق، جـ6387.

([11])ديوانه، موقع بوابة الشعراءئ، الرابط: https://goo.gl/gUbm3i.

([12])ديوانه، بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/ZuDKf2.

([13])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/brsSQt.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×