مسجد أبو عزيز.. فكرة التراث في تصميم حديث ضيوف "بستان تاروت" وقفوا على "الروازن" وأسقف "الچندل" ورموز الأقواس والمحراب
القطيف: صُبرة
كانت جولة في مسجد حديث الإنشاء، لكنّها جولة نوعية في مسجد جعل من “الحداثة” أسلوباً للاستفادة من “التراث” وإعادة وضعه أمام الأجيال الجديدة. الأجيال التي لم تُصلّ في مساجد “مكشوفة”، وأغلبها لم تُشاهد “روازن”، ولم تقع عينها على “چندل”، وبالكاد شاهدت الأقواس القديمة.
مساء البارحة، وعلى هامش افتتاح مهرجان “بستان قصر تاروت”، تجوّل مجموعة من ضيوف المهرجان في المكان، وتوقّفوا في “مسجد أبو عزيز”، الذي يُعتبر أحدث مسجد في جزيرة تاروت، وثاني أحدث مسجد في محافظة القطيف، بعد مسجد السيدة خديجة في حي المجيدية.
وفي الجولة ظهرت أقواس و “روازن”، وخشب “چندل” وألواح “باسكير” ومسفوفات خوص.. وكل ذلك يجسد “الهوية” القطيفية التي ظهر عليها المسجد بعد إعادة إنشائه في موقعه مقابل قلعة تاروت التاريخية.
هوية قطيفية، و “كما كانت عليه مساجد آبائنا”، على حدّ تعبير المتصدّي لإعادة إعماره رجل الأعمال عبدالله آل نوح، الذي سبق أن صرّح بذلك لـ “صُبرة”، في آخر أيام شهر شعبان الماضي. وفي هذا المسجد كان هاجس إحياء التراث الإسلامي الموروث في مساجد القطيف هو نقطة الارتكاز الأولى في التصميم، كما سبق أن قال آل نوح أيضاً.
تطوير وتغيير
مساجد القطيف تأثرت تلقائياً بمستجدات المعمار منذ أواسط خمسينيات القرن الماضي، ومثلما تطوّرت المساكن من البناء المعروف بـ “العربي” إلى المسلّح والخرسانة الجاهزة، طال هذا التغيير المساجد أيضاً، لتدخل مكوّنات وتصاميم مختلفة عمّا كانت عليه المساجد القديمة والتاريخية. وحين لمعت فكرة إعادة إعمال مسجد “أبو عزيز” في تاروت؛ تركّزت النظرة إلى الحفاظ على مسمّى المسجد ليكون كما هو “مسجد أبو عزيز”، وعلى جعله “مثل مساجدنا في القطيف سابقاً”، لتكون المكوّنات جزءاً من التحديث، وليس التحديث بمفهوم التغيير.
أشكال تجريد رمزية
وهكذا كان؛ حضرت الأقواس المعروفة، وفي شكلها التجريدي الذي يرمز إلى السجود، ليضمّ المسجد أربعة منها في وسطه، متّكئة على 4 أربعة أعمدة، وتتربع على الأعمدة والأقواس قبة ذات 7 نوافذ ترمز إلى عدد السماوات السبع في الثقافة الإسلامية. وفي مقابل ذلك؛ يظهر المحراب متشكلاً أعلاه من 7 أقواس ترمز إلى الأرضين السبع. وفي شرفة المحرب مربع يرمز إلى الكعبة المشرّفة.
روازن عميقة وسطحية
ثمّ تأتي جدران المسجد، بتشكيلة الـ “روازن” المتعارفة في بيوت “العربي” في القطيف سابقاً، وفي مساجدها أيضاً. وهي “روازن” متنوعة، في شكل مربعات ومستطيلات، وأقواس مختلفة، عميقة وسطحية. وتُضاف هذه التشكيلات الهندسية إلى تشكيلات نوافذ ذات طابع إسلامي في أعلى الجدران، ذات طول مقوّسة من الأعلى، وذات زجاج أزرق وشفاف، ويظهر هذا الجمال داخل المسجد وخارجه.
چندل تاروت.. والهند
بعد هذه العناية بالتفاصيل؛ تأتي عناية جديدة بالأسقف، لتظهر مثل بيوت القطيفيين ومساجدهم من قبل. قد تكون الخرسانة هي الأصلب في إنشاء الأسقف، لكن الواجهة التي يراها الناس هي صفوف من خشب الـ “چندل” أو الـ “دنچل” ـ كما يُسمّى في بعض مناطق الخليج، وعلى هذه الصفوف تتقاطع صفوف أخرى من خشب الـ “باسكير”. ومن أجل توفير العدد الكافي من مادة البناء النادرة؛ “حصلنا على كمية لا بأس بها من بيوت قديمة في حي الديرة بتاروت، والجزء الباقي استوردناه من الهند”.
أخيراً؛ يأتي باب المسجد، فهو قصة أخرى ضمن القصة الأوسع في تنفيذ مشروع إعادة الإعمار. ومن أجل الحرص على تكامل الهوية، واستبعاد الشوائب والإضافات الخارجة عن الهوية؛ وُضع باب عمره أكثر من 400 سنة، جُلب من مملكة البحرين التي تتشابه هويتها المعمارية مع هوية القطيف.
عن المسجد:
- المساحة: 226 متر مربع فقط.
- السعة: 100 مصلّ من الرجال، 40 من النساء.
- تخصيص وقت العصر لحلقات قرآن في رمضان.
من جولة البارحة