“الصيران” .. أقدم مساجد سيهات.. قصص الجنّ مرّت من هنا اكتسب اسمه من "صيران" النار في حرق الجص
القطيف: شذى المرزوق
وسط مساجد مدينة سيهات، يعلن “الصيران” عن نفسه، مسجداً أثرياً، تختزن جدرانه والمراحل التي مر بها، قصصاً وتفاصيل كثيرة عن شكل بيوت الله سابقاً، وكيف تطورت اليوم، سواء في الشكل أو المضمون أو نوعية الخدمات التي تقدمها.
ومن بين تلك القصص، حكايات لا تخلو من خرافات الجن والعفاريت، التي نسجتها عقول البعض عن المسجد.
ورغم أن مكان “الصيران” هو نفسه لم يتغير من إنشائه، إلا أن له موقعين مختلفين؛ الأول يتميز بإطلالة ساحرة على البحر، والثاني يتوسط العمران من جميع الجهات.. كيف هذا؟ يجيب عن هذا السؤال من عاصروا تاريخ المسجد. بان البحر كان يصل إلى حدوده، في وقت سابق، وسرعان ما أصبح يقع في قلب حي الخصاب، مُحاطاً بالبيوت من جميع الجوانب، بعد دفن مساحات كبيرة من البحر، ويجاور حي الخصاب أحياء أخرى جديدة مع اتساع المساحة.
موقع المسجد
بني المسجد في مكان بعيد عن العمران، في موقع أقل ما يُقال عنه، أنه ساحر وهادئ، و”الصيران” اسم قديم، يرجع إلى عقود مضت، وتغير إسمه اليوم إلى مسجد الإمام الهادي، ويقبع في زاوية بعيدة من حي الخصاب.
ولأن المسجد كان بعيداً ـ آنذاك ـ عن العمران، فقد كانت أعداد المصلين فيه قليلة، إذ يتخوف الناس من الذهاب إليه ليلاً، ولذلك نشطت حوله حكايات وخرافات الجن والأرواح، التي تختزنها ذاكرة كبار السن في سيهات، ويتناقلونها اليوم من باب الدعابة.
قصة الجان
واسترجع جعفر النصر إحدى تلك القصص، قائلاً “تم تثبيت قطعة من الحديد أو ما شابهها على أرض المسجد خلال النهار، وطُلب من أحذ الأشخاص الشجعان، صاحب قلب قوي، الذهاب إلى قطعة الأرض ليلاً لانتزاع القطعة، وقد بادر بذلك، وهناك تعثر ثوبه في قطعة حديد أخرى، وسقط مغمىً عليه، ظناً منه أن هناك جاناً يُمسك بثوبه، وحين أبطأ، ذهب إليه أصحابه، ليجدوه على الأرض في وضع الإغماء وثوبه عالق، ومن هنا انتشرت قصص الجن القريبة من المسجد”.
طراز قديم
وعن تصميم وشكل مبنى مسجد الصيران، قال النصر “أتذكر شكله منذ الصغر، كان مبنياً على الطراز المعتاد للمساجد القديمة، نصف المساحة مسقوفة، وبها المحراب، والنصف الآخر عبارة عن حوش، والبناء كان بسيطاً، مكوناً من الجص والحجر الذي كان يُجلب من البحر، والسقف من جذوع النخل، ومن الطبيعي أن البناء بهذه المواد المتواضعة، يحتاج إلى ترميم أو تجديد بين فترة وأخرى”.
وأكمل “في العقود الأخيرة، حيث تطورت فنون البناء والعمران، والإمكانات المادية، تمكن المحسنون من إعادة بناء المسجد بالمواد والأساليب المستحدثة، مثل الأسمنت والخرسانة المسلحة، وتسقيفه بالكامل، مع أجهزة التكييف والأبواب الحديثة، وهذا التحديث والتطوير حصل لكل المساجد القديمة في البلدة، دون استثناء، كما هي الحال في البلدات والمدن الأخرى”.
تحضير الجص
وتطرق النصر إلى سبب تسمية المسجد بـ”الصيران”. وقال “سُمي بهذا الاسم، لأن الأرض الفضاء أمام المسجد كانت تستخدم لتحضير الجص بأنواعه المختلفة، وفي هذه العملية تُستخدم النيران لحرق الحجر، التي كانت تسمى بـ”الصيران”.
وأوضح “موقع المسجد حالياً، هو نفسه الموقع القديم، وهو يقع في في مكان معزول عن العمران، إذا ما استثنينا بعض البيوت القديمة شمال حي الخصاب، أي شمال المسجد بمسافة لا بأس بها، في المقابل، فإن المنطقة شرق المسجد والمغتسل، كانت أرض فضاء حتى البحر، أي أن البيوت الحالية شمال وجنوب وشرق المسجد، لم تكن موجودة، ومستنقعات البحر لم تكن بعيدة عن المسجد، والبيوت الحالية جنوبه، مع انتشار نخل كبير يسمى بـ”نخل القديح”، وتمتد مساحة النخيل من بيت آل خاتم غرباً، حتى بيت سعود الشافعي شرقاً، ومن جنوب المسجد حتى الشارع العام (شارع الملك فيصل) جنوباً.
واستدرك النصر “بُعد المسجد عن العمران، عزز عزوف المصلين عن الصلاة فيه نهاراً، باستثناء عدد قليل من الناس، وفي المساء لا أحد يقترب منه، لعدم وجود إنارة في البلدة قديماً، وفي وضع كهذا، ينشط الخيال عند الناس، وينسجون القصص حول وجود الجن في المناطق المظلمة المقفرة”.
حُصر وفوانيس
ومن جانبه، يصف القائم على المسجد، عبد الهادي الرميح شكله ومعالمه قديماً. ويقول “كان مظللاً بسقف في مقدمته، يسع لـ3 صفوف لصلاة الجماعة، كما كان مفروشاً بالحصر، وله مأذنة صغيرة عند مدخل المسجد من الجانب الأيمن، ويقف فيها المؤذن للآذان، ليسمع صوته أهل الحي، ويعتمد في إضاءته على التريكات (الفوانيس)”.
الترميم والتوسعة
أكمل الرميح “شهد عام 1399هـ بداية التغيير لتوسعة المصلى، إذ أصبح يتسع لـ6 صفوف من المصلين، يتمتعون بست أجهزة تكييف من نوع شباك، وذلك بعد إدخال الكهرباء إليه، وتزويده بمكبرات الصوت، من أجل رفع الآذان، وتركيب حوضين للوضوء، ولا توجد دورات مياه حينها”.
وتابع “في عام 1404هـ قام الحاج عبدالله المطرود ـ رحمه الله ـ بإعادة بناء المسجد كبقية المساجد التي أُعيد بناؤها في سيهات على الطراز الحديث، وتم عمل مئذنة كبيرة على غرار المئذنة السابقة الصغيرة، وفي عام 1406هـ، شهد المسجد صيانة شاملة، مع بناء دورتي مياه، أما في عام 1410هـ تقريباً، فقد تم هدم دورات المياه، وعمل 6 دورات مياه، وفي عام 1418هـ تم عمل صيانة شاملة للمسجد مرة أخرى، وتم استحداث قسم خاص للنساء، مع 3 دورات مياه لهن”.
وأضاف “المسجد تم ترميمه مرة واحدة، قبل هدمه، لإعادة بنائه عام 1404، ومرتين بعد إعادة البناء، من أجل توسعة المرافق، مع عمل صيانة له، وتبلغ مساحته بعد التوسعة (حالياً) 18متراً مربعاً ×12متراً مربعاً، من ضمنها مساحة قسم النساء البالغة 50.13 متراً مربعاً × 30.3 متراً، بالإضافة إلى 85.9 متراً مربعاً تمت إضافتها للمسجد، وهي مخصصة لدورات المياه والسور”.
الخدمة المجتمعية
وكما هي غالبية مساجد محافظة القطيف، لا يقتصر دور المسجد على أداء الصلاة جماعة، بل تتم إقامة حزمة من البرامج والفعاليات الدينية والإجتماعية، وكذا عدد من الخدمات المجتمعية، التي تعود بالنفع على أفراد المجتمع.
وتعليقاً على هذا الأمر، عدّد الرميح الخدمات التي يقدمها مسجد الهادي، والقائمون عليه للمجتمع. وقال “يشهد المسجد إقامة برامج المساعدات للمستفيدين والمحتاجين، وبرنامجاً خاصاً بمؤونة رمضان، تحت مسمى برنامج الإمام الهادي، كما يشهد برنامج الإمام الرضا لتعليم الصلاة، والتكليف الشرعي، هذا عدا إحياء المناسبات الدينية فيه، بما فيها ليالي القدر، والعيدان، وذكرى مواليد ووفيات أهل البيت عليهم السلام، وبرامج الدعم، مثل دعم مشاريع جمعية سيهات”، مستشهدًا بـ”مشروع كافل اليتيم، ومشروع كريم، ودعم وتقديم البرامج القرآنية والثقافية والتوعوية على مدار السنة”.
القائمون على المسجد
واسترجع الرميح أسماء القائمين على خدمة المسجد، منذ بداية التشييد، وحتى اليوم. قال “إذا لم تخذلني الذاكرة، هناك 3 من القائمين عليه، بدءًا من إبراهيم تركي السبع، ومن بعده سعود كاظم العلي، والآن تحت إشرافي أنا عبد الهادي الرميح”.
وعن الإمامة في المسجد، قال الرميح “تناوب عليها 3 من مشايخ سيهات،وهم الشيخ عبد المجيد أبو المكارم، الشيخ محمد علي بن الشيخ عبد المجيد، وإمامه الحالي هو الشيخ حسين منصور آل عباس”.
وعن المؤذنين، أشار الرميح إلى تعاقب عدد كبير منهم إبراهيم تركي السبع، مكي إبراهيم سواد، عبد المجيد أبو السعود، علي إبراهيم السبع، سيد هاشم سيد علي السادة، محمد عبدالله الهلال، عبدالله علي مكحل، عيسى علي مكحل، شهاب حسن شهاب، عبد الهادي عبد الجليل الرميح، ومحمد حسن سكيري، بجانب عدد من المؤذنين غير المستمرين.
السلام عليكم
مع احترامي للكاتبه المسجد ليس الاقدم في سيهات
والدليل انه يقع خارج سور سيهات
يجب التحري والدقة قبل النشر