محمد العلي: علي الفرج شاعر ومؤلف كبير.. غيّر في الشعر وفي النظر إلى اللغة المصطفى يُقيم حفل تكريم بحضور شعراء وأدباء ومثقفين
القطيف: صُبرة
على سبيل الدُّعابة خاطب السيد زكي العوامي الشاعرَ محمد العلي؛ قائلاً “لماذا لم تُصبح مرجعاً [فقهياً]..؟ لو صرتَ مرجعاً لأرحتنا بانفتاحك”..!
وقبل أن ينتبه العلي إلى سؤال العواميّ؛ رد الشاعر جاسم الصحيح بأن “الأستاذ مرجعٌ فعلاً”.. هنا؛ امتلأ المكان بموجة ضحك ودودة للسؤال الجريء، والإجابة السريعة.
ثلاثة مشاريع
الشاعر العليّ؛ كان في القطيف مساء البارحة. غالب متاعب جسده، وحلّ ضيفاً “خاصّاً جداً”، على حفل تكريم الشيخ علي الفرج الذي أقامه نزار المصطفى في منزله، ودعا إليه أصدقاء مشتركين بينه وبين العلي والفرج. بدا الحفل نخبوياً، ومحدودَ الدعوة في شخصيات ثقافية من القطيف والأحساء. والعنوان هو الاحتفاء بالفرج الذي يعمل على مشروعه الخامس في سيرته الثقافية.
المشروع الأول؛ هو التحاقه بالدراسة الحوزوية في أواخر الثمانينيات. فيما كان الشعر مشروعاً موازياً ثانياً، قدم فيه تجربة جديدةً مثّلتها مجموعته “نسيج المرايا”. ثم اتجه إلى مشروع لسانيٍّ إلى حدّ بعيد؛ فكان المشروع الثالث الذي تمخّض عنه كتابان “كائن اللغة” و “تكوين البلاغة”.
المشروع الرابع اجتماعي ثقافي، يُعرف في القديح باسم “بيت الحكمة”.
والعام قبل الماضي؛ “دشّن” الفرج مشروعه الخامس، التاريخي، حين خرج إلى العلن كتابه “العباس بن علي بين الواقع والأسطورة”. وهو الكتاب الذي أثار جدلاً صاخباً، وما زال. لكن المشروع الكامل قيد البناء حتى الآن، عبر سلسلة تحقيقات تاريخية تتناول سيرة كربلاء. وحتى الآن؛ أخرج إلى النشر بعضاً منه.
كبير ومُغيّر
ومساء البارحة؛ وصفه الشاعر محمد العلي بأنه “شاعرٌ كبير ومؤلف كبير”. جاء هذا التوصيف في ختام فقرات الحفل. وقال العلي إن الفرج “أعطى لمن حوله كيف ينظرون إلى اللغة وكيف ينظرون عن العالم”. وأضاف “سميت هذا خروجاً عن السياق، فكما أن السياب خرج عن السياق، وغيّر مجرى النهر، كذلك بالنسبة لوضعنا؛ الشيخ علي كسر السياق وخرج عن نمط المديح الغث، والأفكار المهترئة، وغيّر في اللغة، غيّر في النظرة، في الرؤية.. هذا يُذكر للشيخ”.
حضور نخبوي
الدكتور هشام الفارس، أدار الحفل بعفوية ودودة، وقدّم لـ 12 فقرة ما بين قصيدة وكلمة، بدأت بصاحب المكان الذي استرجع سيرةً ذاتية للفرج، مارّاً بأطول من 20 سنة من علاقة الصداقة الأدبية بينه وبين المكرَّم.
جاسم الصحيح وحيدر العبدالله وحسن الربيح وشفيق العبادي وفؤاد الجشي ومحمد الماجد وجاسم عساكر؛ شاركوا بنصوص شعر، فيما شارك حسن المصطفى وعصام الشماسي وعدنان العوامي وحبيب محمود بكلمات.
العوامي والمصطفى لم يحضرا الحفل، وناب المهندس زكي العوامي عن الأول، فيما ناب مقدم الحفل الدكتور الفارس عن الثاني. وكلتا الكلمتين تناولت شخصية الشيخ الفرج الجريئة التي جمعت الالتزام الديني والانفتاح الثقافي والفكري، والتقت الكلمتان في إبراز هذا الجانب الذي اتسم به الشيخ في مواجهة الخرافة بالبحث العلمي والنظرة النيّرة.
أما الشماسي؛ فقد ركّز على شاعرية الشيخ الفرج التي استطاع من خلالها “أن يستلهم الطرائق التي تحقق له الابتكار مع الحفاظ على سلامة اللغة وتراكيبها ببراعة ولياقة بالغتين”. وتناول محمود البدايات الأولى لسيرة الشيخ الفرج، وتطوّرها وانفتاحها.
بقدر ما كان الحفل نخبوياً وجادّاً؛ كان منوّعاً وخفيف ظل، وتتالت فقراته سريعة ليأتي دور المكرَّم الشيخ الفرج مخاطباً أحبته “الذين ينظرون بتكريم ومحبة”، قبل أن يُلقي قصيدة “شوق للإمام الرضا”. وبها كانت نهاية الحفل.