[1 من 4] قبل استلام شهادة وفاة علاقتكم الزوجية
نعيمة آل حسين
أيها الآباء والأمهات قبل وقوع الطلاق، هل شعرتم بالزلزال بين أقدام أبناءكم؟
كما يشعر المطلقين بالفشل والضياع والوحدة والغضب في لحظة الطلاق وما بعدها، يشعر أيضا أبناء المطلقين أن الأرض غارت من تحت أقدامهم، وأن زلزالاً مروعاً قد دمر البيت وذهب بالدفء والاستقرار والراحة والحب إلى الأبد، وهم ينظرون إلى الأب والأم وكلٌ منهما يمشي عكس اتجاه الآخر ويعطيه ظهره، والأبناء لا يدرون مع أيهما يذهبون؟! والمؤكد أنهم سيلحقون بأحد الأبوين ويفقدون الآخر، وأنهم لن يريانهما “معاً” بعد ذلك، وكلمة “معاً” هنا تتغير معها “نوعية الحياة”.
وبناءً على ذلك يحتاج أبناء المطلقين إلى نوع من الرعاية النفسية والاجتماعية إذا أردنا أن نُخفف أو نُلطّف من آثار الطلاق “أبغض الحلال عند الله، وأصعب الحلول عند الناس”.
وقد نفهم من العنوان أن الرعاية تبدأ بعد الطلاق، ولكن هذا غير حقيقي وغير واقعي، فالرعاية تحتاج لأن نبدأها “قبل وقوع الطلاق، وأثناء الطلاق، وبعد الطلاق”.
قبل وقوع الطلاق:
كثيراً ما يشهد الأبناء مظاهر صراع الأبوين وخلافاتهما ونزاعاتهما المؤلمة، وبعض الأزواج والزوجات رغم علمهما بالأثر السيئ لذلك؛ لا يستطيعان التوقف عن إظهار كل ذلك أو بعضه أمام الأبناء، وقد تكون ثمة رغبة لا شعورية أو شعورية لدى أحدهما لإظهار ذلك أمام الأبناء بهدف الضغط على الطرف الآخر “خاصة إذا بدأ أنه يتألم من ذلك أو يحاول إيقافه”.
أو بهدف استقطاب الأبناء بعد تشويه الطرف الآخر وإهانته أمامهم “مع أن العكس يحدث في الحقيقة حيث يكره الأبناء الطرف المُعتدي وربما يحتقرونه ويبتعدون عنه”.
أو بهدف إظهار أنه ضحية وأنه يحتاج لمساعدة الأبناء للضغط على الطرف الآخر المعتدي.
المهم أنّ الأبناء في كل الحالات يعيشون في بيتٍ قد تحول لحلبة صراع، وأصبح شبيهاً بساحة معركة بدلاً من أن يكون عامراً بمعاني السكن والمودّة والرحمة.
وهذا ما يدعو المتحمسين للطلاق كحل في مثل هذه الظروف لأن يقولوا بأن انفصال الأبوين عن بعضهما في مثل هذه الظروف أفضل للجميع، على الرغم من معرفتهم بكل مساوئ وتبعات الطلاق.
وقد تتوقف المنازعات والمشاجرات وتحل محلها حالة من الفتور واللامبالاة وفقد إحساس كل طرف بالآخر فيعيش الزوجان وكأنهما غريبين على بعضهما ويلف البيت سحابة باردة وينعدم فيه الدفء والحب والطمأنينة، ويعيش الأبناء فى هذا الجو وكأنهم يعيشون فى قبر تخلو منه الحياة والمشاعر، ويصبح كل شخص منعزلاً عن الآخر وكأن كل منهم يعيش في جزيرة لوحده.
فمثل هذه الظروف سواءً كانت الصاخبة منها أو الباردة الفاترة تترك آثارها العميقة على الأبناء، وقد يعبّرون عنها بطرق مباشرة صريحة خاصة إذا كانوا في مرحلة من النضج تسمح بذلك وقد لا يستطيعون التعبير عنها بهذا الشكل فتتسرب إلى نفوسهم وتتغلغل فيها لكي تظهر في شكل اضطرابات في النوم أو أحلام مفزعة أو فقدان للشهية أو إفراط في الطعام، أو تغيرات في الوزن “بالنقص أو الزيادة” أو تبول لا إرادي، أو هروب من البيت أو من المدرسة، أو اندفاع نحو الأقران بحثاً عن الحب والأمان لديهم، أو تعاطياً لمخدرات أو مسكرات هرباً من الألم النفسي ومن الشعور بالتعاسة والإحباط وبحثاً عن لذة حتى ولو كانت زائفة، أو يتورطون في علاقات خطرة بحثاً عن الدفء الإنساني الذي افتقدوه داخل البيت.
وقد يُستقطب الأبناء ناحية أحد الوالدين ليدخلوا في صراع مع الآخر وقد ينقسمون بين الأب والأم فيذهب بعضهم مع هذا أو يذهب البعض الآخر مع ذاك ويتحول البيت إلى معسكرين متصارعين.
وربما انتبه الوالدان لذلك أو لم ينتبهوا، ولكنهم ماضون في صراعهم أو انفصالهم أو فُتورهم أو استقطابهم غير مُدركين، أو مُدركين، لآثار كل ذلك على البُنية النفسية لأطفالهم.
ومن هنا تأتي أهمية التدخل من المحيطين بهم والمهتمين بشئونهم والخائفين عليهم لتحسين هذه الأوضاع ولمحاولة رأب الصدع وحل الصراع.
وإذا لم ينجح كل هذا فلا أقل من حماية كل الأطراف من الآثار المُدمرة لهذا الجو المضطرب وذلك من خلال الارتقاء بلغة الخلاف ومن خلال وضع ضوابط وحدود لأدوات الصراع وآلياته.
وقد يكون هذا شبيهاً لما يحدث في الحروب، فعلى الرغم من شراسة ووحشية الصراعات المسلحة، إلا أن ذلك لم يمنع من وضع شرائع وقوانين تطبق في زمن الحرب فتحظر أشياء وتجرم أشياء بهدف التقليل من الآثار المدمرة للحرب إذا كان منعها صعباً أو مستحيلاً.
والطرف الثالث الذي يتدخل بين الزوجين ليضبط إيقاع العلاقة المضطربة قد يكون أحد الأقارب من عائلة الزوجة أو الزوج، أو يكون اثنين أحدهما من عائلة الزوجة والآخر من عائلة الزوج، وهو ما جاء في القرآن الكريم “وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما” والحكمة في هذا الاختيار الثنائي أن نضمن العدالة وعدم التحيّز الذي قد ينشأ عن الإنتماء العائلي والتحيّز العاطفي.
ونلمح في الآية الكريمة معنى “التبكير” بهذا التدخل الإصلاحي وذلك في تعبير “وإن خفتم شقاق بينهما” أي أننا كمجتمع سنقوم بهذه المُهمة عند مجرد الشعور بالخوف من احتمالات الشقاق بين الزوجين ولا ننتظر أن تحدث الحرب بينهما فيُدمّر كل منهما الآخر ويصبح الإصلاح عندئذ مستحيلاً حيث يكونا قد وصلا إلى حالة اللا عودة.
يُتبع غداً
اهمشي يقلدو اي شي تافه مومهم ضياع الزوجه لو الابناء .. لايتزوجون احسن والله 💔 لهذا كرهنا الزواج بسبب الظلم راحت ايام الطيبين