إبرة واحدة فقط.. دمّرت حياة خرّيج.. بالإيدز.. والهيروين أسرة فقدت ثلاثة أبناء: الكبير محكوم بالقتل.. والأوسط مسجون 20 سنة.. والصغير مدمن

الاختصاصي جلال عبدالناصر يُثير أسئلة الرقابة الأسرية في قضية المخدرات

سيهات: شذى المرزوق

هي لحظة واحدة فقط من سوء الإدراك. في تلك اللحظة عبرت نزوة طيش واحدة، ودفعت بالشاب الذي تخرج للتو من جامعته، وقدم أوراقه في احدى الشركات النفطية..

لحظة واحدة فقط؛ وإبرة هيروين واحدة دمّرت كلّ شي.. دمّرت الصحة.. دمّرت الوظيفة.. دمّرت المستقبل.. الإبرة الوحيدة كانت ملوثة بالإيدز. ومنها بدأت رحلة الإدمان، الشاب الطموح الذي كان مقبلاً على تأسيس أسرة والحصول على وظيفة.. انهار كلُّ شيء أمامه.. صار مريضاً بالإيدز.. ومُدمناً..!

قصص إدمان

كثيرةٌ هي قصص إدمان المخدرات. وعلى هامش محاضرته “أسرة خالية من المخدرات”، مساء البارحة في سيهات؛ سرد الاختصاصي النفسي جلال عبدالناصر؛ قصصاً من واقع خبرته ومعايشته لكثير من المآسي التي كانت المخدرات طرفاً فيها.

المحاضرة نظمها مركز “رفاه”، وتناول مشكلة الإدمان، ووسائل الوقاية من داخل الأسرة، وتشخيص الحالات، والوسائل التي يتبعها المراهقون في إخفاء المخدرات.

وفي حديثه الجانبي لـ “صُبرة” قال الاختصاصي عبدالناصر إن “هنالك العديد من الحالات المؤسفة لمدمنين تأثرت حياتهم وحياة أسرتهم بشكل كبير جراء انسياقهم خلف الإدمان”.

وعاد عبدالناصر بذاكرته إلى مواقف مر عليها.. بينها قصة والدين في الستين من العمر، خسرا ثلاثة من أبنائهم بسبب المخدرات.. الابن البكر نُفّذ فيه الحكم بالقتل تعزيراً بعد ثبوت تورطه في قضية مخدرات كبيرة.

بينما ضاع مستقبل الثاني في السجن حتى الآن بحكم يتعدى ٢٠ سنة. وبقي لديهما الصغير الذي هو في طور العلاج الآن، وفي حالة صعبة ومتدهورة من الإدمان، وحاول الانتحار أكثر من مرة مما دفع الوالدين الطاعنين في السن لمحاولة علاجه، وهما في حالة متأثرة ومؤثرة من الخسارة الفادحة في أبنائهم الثلاثة”.

الهيرون الأخطر

وعن المخدرات المنتشرة قال عبدالناصر إن “الهيروين هو الأخطر من ناحية شدته وسرعة استجابة الجسم له وسرعة إدمانه، لأنه ذو مفعول قوي وسريع. بينما أخطر نوع في تدمير الإنسان هو الميثمفيتامين المعروف بـ “الشبو” بالإضافة حبوب الكبتاجون”.

ويرى أن “الشبو هو الأكثر انتشاراً والأكثر استخداماً”، وعرّفه بأنه “مادة كيمائية مركبة نشطة مخلّقه يتم صنعها واستحضارها وتعتبر منشطاً، وتسبب حالات من الهلوسة البصرية والفكرية والهذيان”.

يضيف “بينما الكبتاجون وسجائر الحشيش هي الأكثر استخداماً عند فئة المراهقين وصغار السن”.

وحسب متابعته لحالات إدمان كثيرة، قال إن “أصغر متعاطٍ مرّ عليه كان طفلاً في الـ ١٢، كان يدرس في السنة السادسة الابتدائية”.

غياب الرقابة

وأكد عبدالناصر أن “غياب الرقابة على الأبناء في الأسرة هو أحد الأسباب المؤثرة في إدمان صغار السن”، ونوه عبدالناصر بأن “الإدمان قد يغفل عنه الوالدان ولا يعلمان به إلا بعد فترة متأخرة”، خاصة “في حالة انفصال الوالدين بطلاق أو بوفاة أحدهما أو كليهما، أو في حالة كون الأب متعاطياً”. يضيف “هنا يكون الطفل عرضة لاستخدام المخدرات بلا رقابة ولا متابعة وقد يستغرق امر اكتشافه وقتاً أطول ممن هو تحت كنف والديه”.

أنت سيد قرارك

وعن برنامج تأهيل وتدريب الأفراد على اختلاف أعمارهم للحصول على حماية ومناعة من الإدمان ومخاطره أكد عبدالناصر “دور المهارات الحياتية في تطوير الذات وإثباتها وتعزيز الثقة في النفس ومهارات التفكير والاتصال والعمل على تنظيم الوقت للحد من الدخول في متاهات هذه الآفة المنتشرة، وكذلك للاستمرار في التعافي منها لمن هم في فترة العلاج والمتابعة”، مؤكداً أهمية اعادة بناء الكثير من المهارات الإبداعية والفكرية التي تأثرت بالإدمان”.

ختم عبدالناصر حديثه بقوله مخاطباً كل شاب وشابة “أنت شخصية مختلفة كوحدة مستقلة بذاتك، وأنت صاحب القرار، لاتدع أحداً يقدم أو يؤخر في نافذة أولوياتك تقدم بثقة ولا تفصل بعض مهاراتك الحياتية عن بعضها.. قيّم ذاتك على إنجازك.. وإن أخفقت؛ استحضر ثقتك واسعَ من جديد”.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×