إهانة المسلمين معاداة للسامية..!
حبيب محمود
من محاسن المخاض الدولي الراهن؛ هو توفير “بضائع سياسية” جديدة على رفوف النظام العالمي المحتملة ولادته. وهذه “البضائع” قد تكون بديلة عن البضائع المحتكرة غربياً. ومن المحتمل أن تستفيد دول العالم الثالث الموضوعة في الهامش الدولي منذ انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
المنتصرون في تلك الحرب؛ وضعوا مصالحهم على طاولة مجلس الأمن، دون النظر المكافيء لمصالح الدول الأخرى في الأمم المتحدة. وما إن خرج “المتفقون” من اجتماع مجلس الأمن؛ حتى بدأوا صراعاً جديداً بين المصالح، وفتحوا الأمم المتحدة مسرحاً للاستقطاب وفرض القوة السياسية والاقتصادية، على بقية الدول.
ظهر صراع المعسكرين الرأسمالي في الغرب والاشتراكي في الشرق، وظهرت صراعات بينية في المعسكرين، استفاد منها المنتصرون، وأولدوا حرباً باردة طويلة، وحروباً بالوكالة كثيرة، واستغلّ كلٌّ منهم مؤسسات الأمم المتحدة للتجسس والضغط والاستفزاز والاستغلال.
وحين سقطت الشيوعية في الشرق، أواخر الثمانينيات، وُلد نظام دولي جديد، ضغط به الغرب ليكون القطب الواحد هو المهيمن على ظهر الكوكب. ولأن القطب المسيطر كان دولة واحدة؛ فإنه مضى قدماً نحو فرض الأمركة عبر السلاح والسلعة والإعلام، موظفاً وكالات الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والبنك الدولي، وسائر المؤسسات الدولية، لتكريس موقعه قطباً واحداً لا شريك له.
وسط كلّ هذا الدعك الدولي القطبي؛ تكرّس مفهوم عالمي خطير في تأثيره، هو “معاداة السامية”. وليس لهذا المفهوم إلا وظيفة واحدة مغلوطة، هو حماية المشروع الصهيوني من أي نقد يمكن أن يفكّر فيه فرد أو مؤسسة أو دولة. وغاية هذه المغالطة هو حصر “السامية” في اليهود، وتجاهل أن السامية تشمل سائر أبناء سام بن نوح، بمن فيهم العرب..!
الغرب المسيحي هو الذي اضطهد اليهود، وشرّدهم، وعذّبهم. ثم حين أنّبه ضميره أوطنهم أرضاً غير أرضهم، وغذّاهم وقواهم بكل إمكانيات فرض السيطرة. ثم حرّم على الأفراد والمؤسسات والدول انتقادهم، تحت طائلة الاتهام بـ “معاداة السامية”، حتى وإن شرّدوا وعذّبوا ودمّروا..!
لكن الغرب يلوي المعيار ذاته، حين يتعلق الأمر بمعاداة أمة كاملة، وإهانة كتابها المقدس، والإساءة إلى رموزها.
وإلا فإن الإساءة إلى القرآن الكريم ورموز الأمة الإسلامية؛ ينطبق عليها ـ تماماً ـ سلوك معاداة السامية، لأن أغلب المسلمين اليوم ينتمون إلى سام بن نوح، مثلهم مثل اليهود المنحدرين من العرق السامي، مع الانتباه إلى أن أكثر اليهود القادمين من أوروبا ليس ساميين أصلاً..!
فمن هم الساميون..؟ نحن العرب؟ أم الأوروبيون..؟
اقرأ أيضاً