رانيا.. وافقت على دفع 4 ريالات سعودية .. فسرق النصّاب 1710 دراهم إماراتية مجهول انتحل صفة "سُبل" وقدّم عرضاً مغرياً
القطيف: أمل سعيد
قبل أيام من إجازة عيد الأضحى المبارك كانت رانيا حسين على موعد مع تجربة نوعية في حياتها، تجربة لا ينجو من خوضها إلا من رحم ربي، كانت على بعد غفلة أخرى ليُستنزف رصيدها.. ولكن الله سلّم.
ففي أول خميس من الشهر الجاري كانت تنهي إجراءات معاملة لها في الغرفة التجارية بالأحساء، ومن حسن حظها أن أمورها هناك جرت بسلاسة ويُسر وسرعة، إضافة إلى أنها كانت قد أعدّت ميزانيتها على دفع رسوم، وإذا بالموظف يخبرها بأن ليس عليها أن تدفع شيئاً.
تقول رانيا “فرحت كثيراً بأن اليوم انتهى بشكل جيد ومريح، وبأفضل مما توقعت، وفي طريق عودتي من الأحساء إلى القطيف وعدت نفسي ومرافقتي بمكافأة على الإنجاز”، تكمل “دخلنا مقهى، وما كدت أبدأ بشرب القهوة حتى وصلتني رسالة على بريدي الإلكتروني من البريد السعودي “سُبل”، دخلت الموقع ولم أشك للحظة فيه، إذ إن واجهته مطابقة، كما رأيت، للموقع الرسمي، أما الرسالة فكانت: لتسهيل معاملاتك، لا داعي أن تأتي للبريد لاستلام رسائلك نحن نوصلها لك مقابل مبلغ رمزي 4 ريال و34 هللة، استبشرتُ بالرسالة..
لم لا؟
المبلغ ضئيل جداً مقابل خدمة أنا أحتاجها فعلاً، وفي ذيل الرسالة أيقونة لتأكيد رغبتك”.
غلطة الشاطر
وبحسرةِ من وقع في شرك تضيف “ضغطت على الأيقونة وأدخلت بياناتي، واستخدمت بطاقتي البنكية لأدفع. حينها وصلني “الكود”، ولسوء الحظ لم أفتح رسالة الـ (SMS) واكتفيت بقراءة رمز التحقق من الإشعارات المنسدلة من أعلى الشاشة، وأدخلته”، تضحك رانيا من تصرفها، وتعلّق “كنت دائماً أَعجب ممن يتساهلون بمثل هذه الأمور، وأرى أنهم هم من يفتحون الثغرة التي يتسلل منها المخترق أو النصاب ليفعل فعلته، واليوم أنا التي فتحت تلك الثغرة، وأظن أنها غلطة شاطر”.
تقول رانيا “ما كدت أُدخل الرمز حتى وصلتني رسالة السحب وإذا المبلغ المسحوب 1720.10 درهم إماراتي، ارتبكت جداً، بل أظن أنه سُحب الدم من وجهي ليس للنقود التي سُحبت فقط ولكن لأني أدركت أنني الفريسة هذه المرة، أغلقت الصفحة مباشرة، واتصلت بأحد أقاربي كان يعمل في نفس البنك الذي سحبت منه النقود، فنصحني بالاتصال بالرقم المجاني للبنك وبدون تأخير لعمل اللازم”.
رسائل متلاحقة
تتابع رانيا سرد تفاصيل قصتها “اتصلت بالبنك وشرحت له الوضع، فطلب مني الرقم السري لخدمة الهاتف، ولشدة ارتباكي لم أستطع تذكر الرقم، حاولت دون فائدة، فطلب مني أن أعمل استرجاع للرقم السري”، تكمل “شعرت أن الوقت يضيع في تفاصيل لا بد أن أتجاوزها، وتفكيري منصب في كيفية سد الباب أمام المحتال، فاتصلت بخدمة العملاء وطلبت من الموظف إيقاف حسابي، سألني عن السبب وأعدت الشرح مرة ثانية، ففعل، لكنه أخبري أن ليس بإمكاني استخدام الحساب إلا بعد تنشيطه من أحد فروع البنك عبر الحضور ومقابلة الموظف”، تضيف رانيا وكأنها تستدرك أمراً “سألت الموظف إن الحوالة التي قام بها المحتال حوالة دولية، وفي العادة تأخذ الحوالات الدولية وقتاً أطول حتى يتم التحويل، أليس بإمكان البنك إيقاف الحوالة وإرجاعها، خاصة أنه لم يمض على التحويل وقت؟؟!، أجابها مُحدثها: نظرياً نعم، لكن سنرى ما يمكننا فعله”.
لم يرق الرد لرانيا، التي ترى أن هذا الإجراء هو أول إجراء يجب على الموظف في البنك أن يقوم به، دون الحاجة إلى طلب العميل، لكن ما حدث بعد ذلك أعاد تشتيت ذهنها، تكمل “قبل أن أتمالك نفسي وأستعيد تركيزي وفي أثناء محادثتي لخدمة العملاء وصلتني رسالة أخرى على الجوال بكود جديد لسحب مبلغ 3460.8 درهم إماراتي، ولما لم أدخل الكود، وصلتني رسالة ثالثة بكود آخر لسحب مبلغ 346.08 درهم، وكأنه أجرى تعديلاً على الرقم ليكون مقبولاً، استمر المحتال في محاولاته، واستمريت في تجاهله”.
إجازة العيد
قبل أن تنتهي إجازة القطاع الخاص احتاجت رانيا أن تنشط حسابها، لذا ذهبت إلى فرع البنك الذي تتعامل معه، وهناك طلبت من الموظف إعادة تنشيط الحساب، فأخبرها أن حسابها موقوف بشكل غير اعتيادي، وللمرة الثالثة كررت سرد التفاصيل التي تحفر الدرس جيداً في ذاكرتها كلما أعادتها “بعد أن سمع سبب تجميد الحساب، وأن ثمة عملية احتيال جرت عليّ، قال أنه لا يستطيع تنشيط الحساب مباشرة، ويجب أن يرفع إيميل لإعادة الحساب وتفعيله من جديد، وهو مختص فقط بالحالات الطارئة”، حين سمعت رانيا رد الموظف لم تحر جواباً، لكنها جيّشت صبرها لمخاطبة الموظف، تقول “قلت له: ألا ترى أن حالتي طارئة؟، أنا أحتاج حسابي لتخليص معاملاتي المالية، وحسابي موقوف لأنه تعرض لحالة تحويل غير شرعي (احتيال)، وبعد أخذ ورد وعدني أن الأمر لن يطول، ولكن لا بد من إرسال إيميل بالحالة إلى المركز الرئيسي بالرياض”، وافقت رانيا على الإجراء مضطرة، وهي تعلم أن هذا جزاء تهاونها في التثبت من البداية.
أبشر
لم يكتف النصاب بالمبلغ الذي سرقه، وربما كان يؤمل بشيء أكبر، تقول رانيا “في نفس الوقت الذي كانت ترسل لي فيه أكواد للتحويل من حسابي وردتني رسائل من أبشر برمز سري للدخول على المنصة، فعرفت أن هناك محاولة لاختراقي من جهة أخرى، وفور وصول الرسالة الأولى دخلت على صفحتي في أبشر وقمت بتغيير الرقم السري، بل إني قمت بتغيير كل أرقامي السرية، في كل المواقع التي أتعامل معها، خشية أن يتمكن من الدخول على أحدها، وعلى رأي أخوتنا المصريين (اللي يتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي)”، تكمل ضاحكة “تجربة لم تكلفني الكثير، ولله الحمد، لكنها علمتني دروساً جيدة، أهمها أن كلنا معرضون للوقوع في شرك المحتال، فلا أحد يدري خلف أي باب يكمن، وغالبا حاجاتنا.. تكون هي الفخ”.