لهجة القطيف العامية من الشعر الفصيح: استدراك على حرف الباء [1]

تنويه البياح:

ذكرته في موضعه وقلت إنه لم يرد في التاج، ولا في اللسان، ووجدت أنَّ التاج أورده في باب الواو (بوح)؛ لذلك لزم التنويه.

————

بارَجة

البَارِجَةُ: سَفِينَةٌ كَبِيرَةٌ، وجمعُها البَوَارِجُ، وهي القَرَاقيرُ والخَلايَا، قاله الأَصمعيّ، وقَيّد غيرُهُ فقال: إِنّها سَفِينَةٌ من سُفَنِ البَحْرِ تُتَّخَذُ “للقِتَالِ”.

(السيد مرتضى الزبِيدي – تاج العروس)

أطرح سؤالاً لا بدَّ واردٌ على ذهن القارئ، ألا وهو: ما الجديد في هذا؟ كل أهل الأمصار يعرفون هذه السفن، وأجيب: هذا صحيح، ولكن ليس كل الأمصار فيها بيت معروف بالبارجة، كان من أهم معالم قلعة القطيف الأثرية، وقد أزيل مع ما اكتسح من آثار القطيف المهمة. هذا البيت هو بيت آل عبد الحي، وقد استُبدل بمبنى مجمَّع تجاري في مدينة سيهات.

إن في إيرادي له هنا إجابةً على سؤال كثيرً ما وُجه لي عن سبب تسمية هذا البيت بالبارجة، وكان جوابي دائمًا: إنه مبنى ضخم مستطيل، وقريب الشبه -شكلاً – من البارجة. أما شواهد البارجة من الشعر، فمنها قول أحمد نسيم:

فهل لغيرِك يومَ الغزو ذو لجب

يصطف من بلد قاص إلى بلد؟

من كل بارجةٍ كالطود شاهقةٍ

ترمى بذي ضرم بالنار متقدِ([1])

وقول أحمد شوقي:

أَنافَ خَلفَ سَماءِ اللَيلِ مُتَّقِداً

يُخالُ في شُرَفاتِ الجَوِّ كيوانا 

تَطوي الجَواري إِلَيهِ اليَمَّ مُقبِلَةً

تَجري بَوارِجَ أَو تَنسابُ خُلجانا([2])

وقول أبي الفضل الوليد:

وغوَّاصةٍ تحتَ المياهِ تسلّلت

ونسّافةٍ فوقَ المياهِ اسبكرّت

بوارجُ أسطولٍ إذا ما تزَحزَحَت

تُزَعزِعُ أركانَ الحصونِ المنيعةِ([3])

وقول حافظ إبراهيم:

وَإِذا اِجتَوَتكَ مَحَلَّةٌ وَتَنَكَّرَت

لَكَ فَاِعدُها وَاِنزَح مَعَ النُزّاحِ

في البَحرِ لا تَثنيكَ نارُ بَوارِجٍ 

في البَرِّ لا يَلويكَ غابُ رِماحِ([4])

البارح

البارِحُ: الرِّيحُ الحارَّةُ، كذا في الصحاح. قال أَبو زيد: هو الشَّمال في الصَّيْف خاصَّةً، جمعه بَوارِحُ، وقيل: هي الرِّياحُ الشَّدائدُ التي تَحمِل التُّرابَ في شِدّةِ الهُبوبِ، قال الأَزهريّ: وكلامُ العربِ الّذين شاهدْتهم على ما قال أَبو زيدٍ. وقال ابنُ كِنَاسَةَ: كلُّ رِيحٍ تكون في نُجومِ القَيْظِ فهي عند العرب بَوارِحُ. قال: وأَكثرُ ما تَهُبُّ بنُجومِ المِيزانِ، وهي السَّمائمُ.

 (السيد مرتضى الزبِيدي – تاج العروس).

يضع أهل القطيف لفظةَ البارح اسمًا للرياح التي تهبُّ في أوَّل الصيف (برج السرطان)، فتنضج البُسْرَ وتصيِّره – بقدرة الله – رطبًا.

ومما جاء فيه شعرًا قول ذي الرمة:

لا بَلْ هُو الشَّوْقُ مِن دَارٍ تَخَوَّنَها

مَرًّا سَحَابٌ ومَرًَّا بارِحٌ تَرِبُ([5])

وقوله أيضًا:

لَعَمرُكَ إِنّي يَومَ جَرعاءِ مُشرِفٍ

لِشَوقي لَمُنقادُ الجَنيبَةِ تابِعُ

غَداةَ امتَرَت ماءَ العُيونِ وَنَغَّصَت

لُبانًا مِنَ الحاجِ الخُدورُ الرَوافِعُ

ظَعائِنَ يَحلُلنَ الفَلاةَ وَتارَةً

مَحاضِرَ عَذبٍ لَم تَخُضهُ الضَفادِعُ

تَذَكَّرنَ ماءً عُجمَةُ الرَملِ دونَهُ

فَهُنَّ، إِلى نَحوِ الجَنوبِ، صَواقِعُ

تَصَيَّفنَ حَتّى أَوجَفَ البارِحُ السَفا

وَنَشَّت جَرامِيزُ اللِوى وَالمَصانِعُ([6])

وقول رؤبة بن العجاج:

تَنَشَّطَتْ بِالعَسْفِ وَالإِمْجاجِ

شَأْسَ الصُوَى مَحْدَوْدِب الأَخْراجِ

كَأَنَّ عَزْفَ الجِنِّ ذِي الأَهْزاجِ

بِهِ حَنِينُ الزَجِلِ الصَنَّاجِ

جاوَزْتُهُ في كَوْكَبٍ وَهّاجِ

يُحْمِيهِ سَجْرُ البارِح الأَجَّاجِ([7])

وقول أبي حية النمري:

تراهُ سماءً بينَ حَيلَيْنِ ما لهُ

سوى ذاكَ ظِلٌّ من كِفاءٍ ولا سِترِ

إذا البارحُ الحامي الوَديقةِ لفَّهُ

علينا ترى مُسْتَكْشِماً أشَرَ المُهْرِ([8])

بازَم

الإبْزيمُ والإبْزامُ: الذي في رأس المِنْطَقة وما أَشبهه، وهو ذو لِسانٍ يُدْخَل فيه الطَرَف الآخر، والجمع أَبازيمُ، وقال ابن شميل: الحَلْقة التي لها لِسان يدخَل في الخَرْق في أَسفل المِحْمَل، ثم تعضّ عليها حَلْقَتها، والحَلْقة جميعاً إبْزيمٌ، وهو الجَوامِع تَجْمع الحَوامِلَ، وهي الأوازِمُ قد أَزَمْنَ عليه. أَراد بالمِحْمَل حَمائل السيف. والبَزيمُ: خَيْط القِلادة. قال ابن بري: الإِبْزيمُ حديدةٌ تكون في طرَف حزام السرْج يَسْرَج بها، قال: وقد تكون في طَرف المِنْطَقة.

(ابن منظور – لسان العرب).

أرأيتَ قدْر الاختلاف عند العرب في اسم هذه الأداة؛ بين إبزيم، وبزيم، وأوازِمُ؟ فأين المشاحَّة إذا أضاف له أهل القطيف اسمًا آخر فسمَّوه: (بازَم؟).

البازَم – عند أهل القطيف – هو ذلك الشيء نفسه الذي  قرأت شرحه في لسان العرب، وهو حديدتان في طرفي السير أو الحزام، تولج إحداهما في الأخرى ليُشد ما أحاطت به، من شيء. ومما جاء فيه شعرًا

قول شاعر:

هُمُ ما هُمُ في كلِّ يَومِ كَريهة،

إذا الكاعِبُ الحَسْناءُ طاحَ بَزيمُها([9]).

وقول مُزاحِم العُقيلي:

إِذا اَضمرت لم يقلق النِسعُ واحتبى

به جوزُ حدباءَ الحصيرين عَيهَلِ

تظلُ إِذا ما أُسمعت عاجَ أَو بدا

لها السوط غضبى في الجديلِ المسلسلِ

يُباري سَديساها، إذا ما تَلَمَّجَت

شَباً مِثلَ إِبْزيمِ السلاح المُوسّلِ([10]).

وقول العجاج:

يَدُقُّ إبْزيمَ الحِزام جُشَمُهْ

عَضَّ الصقال، فهو آزٍ زِيَمُه([11])

وقول العجاج أيضًا:

يَكادُ يَرمي القَيقبانَ المُسرَجا

لولا الأبازيمُ، وأنَّ المِنْسَجا

 ناهى عنِ الذِّئْبَةِ أَن تَفَرَّجا

لِأَقحَمَ الفارِسَ عَنهُ زَعَجا([12])

وقول جرير في البَعِيث:

تَركناك لا تُوفي بِجارٍ أَجَرْتَهُ،

كأَنَّك ذاتُ الوَدْعِ أَوْدى بَزيمُها([13]).

وقول دكين بن رجاء الفقيمي:

أعْطِ الأميرَ مُصْعَباً ما احْتَسَبا

واجعلْ لهُ من سَلْسَبِيلٍ مَشْرَبا

فَرْعاً يَزينُ المِنْبَرَ المُنَصّبا

قلباً دَهِيّاً ولِساناً قَصْعَبا

هذا وإنْ قيلَ له هَبْ وَهَبا

جوارياً وفِضّةً وذَهَبا

والخَيْلَ يَعْلكن الحديد المنشبا

فوراً تلجلجن أبازيمَ الشّبا

قد جَعل الناس إليه سببا([14])

بدحة

البَدْحُ، بالفَتْح: نَوْعٌ من السَّمَك (تاج العروس)، البَدْحُ: سَمَكَةٌ قَرِيبٌ من خَمْسِ أصَابعَ. (المحيط في اللغة).

البَدْح المعروف في القطيف: ضرب من السمك، فضِّيُّ اللون، يشبِه سمك القرقفان، ويمتاز عنه بصغر الكف، ومما جاء فيه من الشعر قول سالم بن غسان اللواح، الخروصي:

خلفتني شلو الحوادث كلما

نعت النعاة فإنني مفجوع

بي منك ما بك في الضريح فربما

أنت المريح وإنني لنزوع

وكأنني بدح من الحزن الذي

أورثتني عن أمه مخلوع([15])

([1])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/ATJGrr.

([2])الشوقيات، أحمد شوقي، نشر دار العودة، بيروت، 1988م، جـ1/277..

([3])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/ZJwTzK.

([4])ديوانه، ضبطه وشرحه وصححه ورتبه أحمد أمين، أحمد الزين، وإبراهيم الأبياري، نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1978م، ص: 417.

([5])ديوانه، تحقيق أحمد حسن بسج، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1416هـ، 1995م، ص: 7.

([6])نفسه ص: 156.

([7])مجموع أشعار العرب، اعتنى بتصحيحه وترتيبه،  وليم بن الورد البروسي، دار ابن قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع، الكويت،  ، ص: 32.

([8])شعر أبي حية النمري، جمعه وحققه د. يحيى الجبوري، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، 1975م، ص: 56.

([9])المعجم المفصل في المعرَّب والدخيل، د. سعدي ضنَّاوي، نشر دار الكتب العلمية، بيروت، ص: 20.

([10])شعر مزاحم العقيلي، نحقيق نوري حمودي القيسي، وحاتم صالح الضامن، في الجزء الأول من المجلّد الثاني والعشرين من مجلّة معهد المخطوطات بالقاهرة سنة 1976م،  ص: 119.

([11])ديوانه، سبق ذكره، جـ2/145..

([12])ديوانه، نفسه، جـ2/75 – 76.

([13])في ديوانه نشر دار بيروت ص: 450، ودار مكبة الحياة ص: 549، بريمها، براء مهملة، والتصويب من لسان العرب، وتاج العروس.

([14])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/R86M42.

([15])ديوانه، موقع موسوعة الشعر العربي، الرابط: https://goo.gl/v3pkAr.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×