“تميزنا فأبدعنا”.. زهراء الصفّار قصة “بصيرة” فقدت بصرها الأولى على 13 فتاة من الصم والبكم في صناعة المكرميات
القطيف: شذى المرزوق
قرابة 25 سنة قضتها زهراء الصفار معتمدة على بصيرتها بعد فقدانها حاسة البصر في سن صغيرة، زادتها تلك السنوات اصراراً وعزماً لتصنع الفارق في حياتها.
بدأت بنضالها وكفاحها لإكمال تعليمها، واتقانها عمل الحاسب الآلي والبرامج المكتبية، وصولاً لاكتشافها جانب مهاري جديد لديها وهو صناعة المكرميات.
جاء هذا الاكتشاف الذي عبرت عنه بسعادة أثناء مشاركتها ضمن 13 فتاة من فئة ذوات الإعاقة في برنامج فن صناعة المكرميات ضمن مشروع “تميزنا فأبدعنا” الذي نظمته جمعية العطاء النسائية الأهلية بالقطيف، وقد مثلت الصفار تحدياً كبيراً في البرنامج الذي استهدف الفتيات من الصم والبكم فقط.
الاستماع للمدربة
وحول خوضها هذه التجربة قالت: “في الوقت الذي كُنّ زميلاتي فيه بحاجة لمترجمة لغة الإشارة، كنت أنا بحاجة قوية إلى الإيمان بي وبقدراتي وإمكانية نجاحي، خاصةً أن أدوات العمل ترتكز على أصابع اليد، والبصر، فيما اعتمدت أنا على الاستماع إلى توجيهات المدربة، والبصيرة لإرشاد أصابع يدي بالطريقة المناسبة للف الخيوط ببعضها، وتشكيل المنتج سواء قاعدة للأكواب، أو تعليقات الجوال والحقائب، وحتى تعليقات النبتات الزراعية، والمنسوجات التي تستخدم في الديكورات الداخلية”.
تميز واتقان
وأكملت: “الحمد لله الذي بفضله تم اجتياز هذا العمل بتميز واتقان، كنت سعيدة للغاية وأنا أشهد انبهار المجموعة وفريق العمل وحتى المدربة على ما صنعته يداي، وهذا دفعني للتفكير والتخطيط لاستمرارية العمل على تطوير هذه المهارة حيث اطمح لافتتاح مشروع خاص بفن صناعة المكرميات”.
وكانت الصفار قد سبق أن عملت في كتابة المحتوى الالكتروني عن بعد، قبل أن تتوجه لاكتشاف مهارات جديدة لديها من ضمنها اتقان صناعة المكرميات وهو أحد فنون الحياكة اليدوية، مشابه لفن نسج الكوروشية مع اختلاف الأدوات والطريقة.
انفصال الشبكية
وعن إصابتها بالعمى أوضحت: “جاء ذلك بعد تدرج في ضعف النظر وأنا في المرحلة الثالثة الابتدائية، ليتم اكتشاف مرض انفصال الشبكية في عينيّ أثناء الفحوصات الطبية، ولم تمر فترة طويلة حتى فقدت البصر تماماً وأنا في عمر العاشرة”.
ولفتت ابنة بلدة القديح، أنها سعت جاهدة لاستكمال دراستها بعد فقدانها البصر، ومرور 5 سنوات بدون دراسة “لم يكن من السهل إيجاد مدرسة تقبل بي تلميذة كفيفة بين تلميذاتها، فأمضت عائلتي 5 سنوات بحثاً عن مدرسة استطيع فيها استكمال دراستي، حتى وجدنا أخيراً المدرسة السادسة الابتدائية، هناك تم قبولي ولكنني أعدت دراسة الصف الأول الابتدائي ثم تحولت منه لدراسة الصفوف العليا وبالفعل أتممت الدراسة بتفوق حتى تخرجي من ثانوية حي المحدود في سيهات، ثم توجهت لتعلم مهارات الحاسب الآلي وعملت افتراضياً في هذا المجال”.
رسالة للشباب
وجهت الصفار رسالتها للشباب من هذه الفئة بعدم الاستسلام والشعور باليأس من الإعاقة، بل دعت إلى النهوض ونفض المشاعر السلبية والنظر بإيجابية وبعزم لكل مجالات الحياة والعمل على تحسين الذات وتطويرها، مشيرة للدعم القيادي الذي توليه المملكة لهذه الفئة وفتح مجالات مختلفة للدراسة والعمل لهم.