لهجة القطيف العامية من الشعر الفصيح: استدراك على حرف الباء [2]

براح

البَرَاحُ: كسَحَابٍ: المُتَّسِعُ من الأَرض لا زَرْعَ بها، وفي الصّحاح: ولا شَجَرَ”. ويقال: أَرضٌ بَرَاحٌ: واسعةٌ ظاهرةٌ لا نباتَ فيها ولا عُمْرانَ.

(السيد مرتضى الزبيدي – تاج العروس)،

وهذا المعنى عينه لدى أهل القطيف، ومما جاء فيه شعرًا قول مرةَّ بن جنادة العليمي:

لا يَنْكُلوَن إذا تقوَّض صَفُّهمْ

جَزَعا على الإخْوانِ عند جِلامِها

فوقَ البَراحِ من السوابِح بالقنا

يُرْديِنَ مَهْيَعةَ الطريقِ بهامِها([1])

وقول القعقاع بن عمرو:

لَحَربٌ شَمَّرَت بِلوى قُدَيسٍ

أَحَبُّ إِلَيَّ مِن دَعَةِ البَراحِ

وَضَربُ كَتيبَةٍ وَطَعانُ أُخرى

أَلَذُّ إِلَيَّ مِن لَبَنِ اللِقاحِ([2])

وقول ابن الأبار:

غَلَبَ التَّوَلُّهُ فالعُقولُ غوارِبٌ

لَمَّا تَحَجَّبَ والكُروبُ طَوالِعُ

وَكأَنَّ بَرْدَ الظِّلِّ قَيْظٌ لافِحٌ

وكأَنَّ عَذْبَ العَيْشِ سُمٌّ ناقِعُ

يَسْوَدُّ مُبْيضُّ الصِّفاحِ الناصِعُ

وَيَضيقُ مُنْفَسِحُ البَراحِ الواسِعُ([3])

وقول الشريف الرضي:

وَأَخلَوا لَهُ مُعشِباتِ العَلا      

ءِ يَرعى الجَميمَ وَيُسقى الجِماما

مَشَيتَ البَراحَ وَراجَ الذَليـ

ـلُ يوصِدُ باباً وَيُرخي قِراما([4])

وأهل القطيف، إذا أرادوا الساحة التي بين المنازل أتوا بها بلفظ الأنثى.

بُرص

البرَص: مرض معروف، وليس هو غرضنا، وإنما المراد البُرْص، وهو البخيل في لهجة أهل القطيف، فإذا وصفوا أحدًا بأنه (بُرْص) فهم يعنون أنه بخيل، والبرص عندهم اسم لجنس من الوزغ، كبير الحجم، وإذا قال أحدهم لصاحبه: >والله أنا أحبك، صدقك<، يجيبه: >حبك برص<، يعني الوزغة. قال الزبيدي: >سامُّ أَبْرَصَ، بِتَشْدِيدِ المِيمِ، قالَ الأَصْمَعِيُّ: ولا أَدْرِي لِمَ سُمِّيَ بذلِكَ، هُوَ مُضَافٌ غَيْرُ مركَّبٍ ولا مَصْرُوفٍ: الوَزَغَةُ، وقالَ الجَوْهَرِيُّ: هُوَ من كِبارِ الوَزَغِ، وهُوَ مَعْرُوفٌ، معرِفَة، إِلاَّ أَنَّه تَعْرِيفُ جِنْسٍ<. (تاج العروس).

وظنِّي أنهم كنَّوا به عن المحل، فالبرصاء: الأرض القاحلة، التي رُعي زرعها فعريت منه. انظر (تاج العروس)، وما وجدته في معنى الشح والقحط قول ابن دريد الأزدي:

ما خِلتُ أَنَّ الدَهرَ يُثنيني عَلى      

ضَرّاءَ لا يَرضى بِها ضَبُّ الكُدى

أُرَمِّقُ العَيشَ عَلى بُرصٍ فَإِن      

رُمتُ اِرتِشافاً رُمتُ صَعبَ المُنتَهى([5])

وقول الأعمى التطيلي:

أتاكَ بِنُصْحِهِ جَوْراً وَجهلاً      

كما نَصَح الأمينَ أبو الحسَين

أذلُّ لديكَ منْ وَتِدٍ بقاعٍ      

وَأقْبَحُ فيه من بَرَصٍ بكين([6])

بَرْم

البرْم فتلُ الحبل والخيط، كذا ينطقه أهل القطيف (بَرم) بفتح الباء وتسكين الراء، وفي المعاجم برم، وإبرام. قال ابن منظور: > وأَبْرَمَ الأَمرَ وبَرَمَه: أَحْكَمه، والأصل فيه إبْرامُ الفَتْل إذا كان ذا طاقيْن. وأَبْرَمَ الحَبْلَ: أَجادَ فتله، وقال أَبو حنيفة: أَبْرَمَ الحَبْلَ جعله طاقَيْن ثم فَتَله. وأَبْرَمَ الأَمرَ وبَرَمَه: أَحْكَمه، والأصل فيه إبْرامُ الفَتْل إذا كان ذا طاقيْن. وأَبْرَمَ الحَبْلَ: أَجادَ فتله. وقال أَبو حنيفة: أَبْرَمَ الحَبْلَ جعله طاقَيْن ثم فَتَله. (ابن منظور – لسان العرب)

ويضيف أهل القطيف معنى آخر وهو الخداع، والتحايل، فيقول الرجل لمن يشعر منه المراوغة: >يا الله، ابرم علينا!<، وأحسبه كنايةً استعاروها من الالتفاف، كما يلف المِبرَم. ومن شواهد الفتل والإحكام، قول كِنانة ابن أبي الحقيق:

فلو أنَّ قَومي أطاعوا الحليمَ      

لم يَتَعَدَّوا ولم يُظلَمِ

ولكن قومي أطاعوا الغُوَا      

ةَ حتى تَلفَّظَ أهلُ الدَمِ

فأودَى السَفيهُ برأي الحَليمِ      

وانتَشَرَ الأمرُ لَم يُبرَمِ([7])

وقول حسان بن ثابت:

وَما السَيِّدُ الجَبّارُ حينَ يُريدُنا      

بِكَيدٍ عَلى أَرماحِنا بِمُحَرَّمِ

نُبيحُ حِمى ذي العِزِّ حينَ نَكيدُهُ      

وَنَحمي حِمانا بِالوَشيجِ المُقَوَّمِ

وَنَحنُ إِذا لَم يُبرِمِ الناسُ أَمرَهُم      

نَكونُ عَلى أَمرٍ مِنَ الحَقِّ مُبرَمِ([8])

وقول ابن الرومي:

ولا رُشدَ إلا بتوفيقِهِ      

وإن محَضَ الرأيَ من يمحضُ

ومن ذا يُدَبِّرنا غيرُهُ      

ومن يُبرمُ الأمرَ أو ينقضُ

تبارك مَنْ لمْ يزل نورُهُ      

يزيدُ بياناً ولا يغْمضُ([9])

وأما (برم) بمعنى الخداع، فلم أجد فيه شعرًا.

بُرمة

البُرْمَةُ: قِدْر من حجارة، والجمع بَرَمٌ وبِرامٌ وبُرْمٌ<. (ابن منظور – لسان العرب)، والبُرمة عند أهل القطيف: إناء من الفخار، ومما جاء فيها من الشعر قول طرَفة:

أَنّي حَمِدتُكَ لِلعَشيرَةِ إِذ      

جاءَت إِلَيكَ مُرِقَّةَ العَظمِ

ألقوا إليك بكل أَرْمَلَةٍ        

شَعْثاءَ تَحْمِل مِنْقَعَ البُرم([10])

وقول النابغة الذبياني:

بانَت سُعادُ وَأَمسى حَبلُها اِنجَذَما      

وَاِحتَلَّتِ الشَرعَ فَالأَجزاعَ مِن إِضَما

إِحدى بَلِيٍّ وَما هامَ الفُؤادُ بِها      

إِلّا السَفاهَ وَإِلّا ذِكرَةً حُلُما

لَيسَت مِنَ السودِ أَعقاباً إِذا اِنصَرَفَت      

وَلا تَبيعُ بِجَنبَي نَخلَةَ البُرَما([11])

وقول جرير:

وُجِدَ الكَتيفُ ذَخيرَةً في قَبرِهِ      

وَالكَلبَتانِ جُمِعنَ وَالميشارُ

يَبكي صَداهُ إِذا تَهَزَّمَ مِرجَلٌ      

أَو إِن تَثَلَّمَ بُرمَةٌ أَعشارُ([12])

وقول أبي هلال العسكري:

يُطعِمُ دونَ الشَبعَ أَولادَه      

وَيَختِمُ البَرمَةَ وَالجَفنَه

لَم يَروِ إِلّا خَبَراً واحِداً      

قَد تَذهَبُ البِطنَةُ بِالفِطنَه([13])

وقوله أيضًا:

لَكَ بَرمَةٌ نَزَّهتَها        

مِن أَن تُدَنَّسَ بِالدَسَم

بَيضاءُ يُشرِقُ نورُها      

كَالبَدرِ في غَسَقِ الظُلَم([14])

وقول البحتري:

لَكَ مِن حاتِمٍ وَأَوسٍ وَزَيدٍ      

إِرثُ أُكرومَةٍ وَإِرثُ فَخارِ

سُمُحٌ بَينَ بُرمَةِ أَعشارٍ      

تَتَكَفّا وَجَفنَةُ أَكسارِ([15])

وقول الشريف الرضي:

يا طالِباً بِالثَأرِ أَعجَلَكَ الرَدى      

عَن أَن تَنامَ عَلى وُجودِ الثارِ

يَعتادُ ذِكرُكَ ما تَهَزَّمَ مِرجَلٌ      

وَطَغى تَغَيُّضُ بُرمَةٍ أَعشارِ([16])

بط

البط، جنس من الداجن، معروف، وليس هو مرادنا. مردنا البطُّ، بمعنى الشَّقِّ، والقطع. جاء في تاج العروس: >بَطَّ الجُرْحَ وغيرَه، مِثْل الصُّرَّة وغيرِها، يبُطُّهُ بَطًّا: شَقَّه، وكَذلِكَ بَجَّه بَجًّا، وفي الحَدِيث أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ به وَرَمٌ فما بَرِحَ حتَّى بُطَّ” أَي شُقَّ. والمِبَطَّةُ، بالكَسْرِ: المِبْضَعُ الَّذي يُشَقُّ به الجُرْحُ<.

وهذا المعنى دارج لدى أهل القطيف، وأكثر ما يستعملونه في قطع سعف النخل وكربه، ومما جاء فيه شعرًا قول ابن الرومي:

ألزم اللّؤمُ أنفَك الذُلَّ حتى      

هو سيّانِ ذِلَّةً والمِقَطُّ

ذاك تحت المُدى مُذالٌ وهذا      

دُمّل الذِّلَّة الذي لا يُبَطُّ([17])

بعط

بَعَطَهُ، كَمَنَعَهُ: ذَبَحَهُ، يقولون: بَعَطَ الشَّاةَ، وشَطَحَها، وذَمَطَها، وبَذَحَهَا، وذَعَطَها، إِذا ذَبَحَها، نَقَلَهُ الفَرَّاءُ.

(السيد مرتضى الزبِيدي – تاج العروس)، وشاهده في الشعر قول إبراهيم بن هرمة:

إِنّي امرؤٌ أَدَعُ الهَوانَ بدارِهِ      

كرماً وإِن أُسَمِ المذلةَ أَبعطِ([18])

بَوَّة

البوَّة، لغةً: الحمقاء، وعند أهل القطيف: جنس من الجوز، ومما جاء فيه شعرًا قول مهدي أحمد خليل:

كَأَنّي لطرّاق المَواخير مجزَم      

تَنَقَّلَ من خَصر لِخَصر إِلى خَصرِ

إِذا زُرتَني ظُهراً فَقَد زُرتَ بَوَّةً      

وَفي اللَيلِ اِذ تَأتي تَرى طَلعَة البَدر([19])

كناية عن اسوداد لون الوجه.

([1])وقعة صفين، الموسوعة العربية الإلكترونية، الرابط: https://goo.gl/5zVb9S.

([2])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/haKmKf.

([3])موقع موسوعة الشعر العربي، الرابط: https://goo.gl/1F2Xn3.

([4])ديوانه، مرجع سابق، جـ2/322 .

([5])قضايا التقد الأدبي المعاصر، د. محمد القاسمي، دار يافا العلمية للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى،1430هـ 2010م، ص: 126.

([6])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/u1eqhX.

([7])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/wtzb14.

([8])ديوانه، شرحه وكتب هوامشه وقدم له أ عبد أ مهنا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 1414هـ 1994م، ص: 234.

([9])ديوانه، سبق ذكره، جـ4/60.

([10])ديوانه، شرحه وقدم له مهدي محمد ناصر الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثالثة، 1423هـ 2002م، ص: 79.

([11])ديوانه، شرح وتعليق د. حنا نصر الحتي، نشر دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى، 1411هـ، 1991م، ص: 159.

([12])ديوانه، سبق ذكره،  جـ1/202.

([13])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/JwPExk

([14])موقع موسوعة البخل، الرابط: https://goo.gl/eeQQs2.

([15])البيت ساقط من ديوان طبعة دار بيوت، وهو في موقع موسوعة الشعر العرب، الرابط:

https://goo.gl/5GLUsf

([16])ديوانه، مرجع سابق، جـ1/491.

([17])ديوانه، مرجع سابق، جـ4/7.

([18])ديوان، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/ktGX5r.

([19])ديوانه، موقع بوابة الأفق، الرابط: https://goo.gl/JBDLtb.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×