السيد حسن العوامي.. الشاهد المشهود عليه في منصة منتدى الثلاثاء عاش 95 سنة متصدّياً لقضايا المجتمع متحاوراً مع المختلفين معه بتحضُّر

القطيف: صُبرة

يجلس السيد حسن العوامي، هذا الأسبوع، أمام منصّة الشهادة لا عليها، ليُصغي إلى شهادة المجتمع في حقه، بعدما أمضى قرابة 7 عقود من حياته في خوض قضايا المجتمع وتسجيل شهاداته عنه. المنصّة لمنتدى الثلاثاء الثقافي الذي ينظم حفل تكريم للعوامي، مساء الثلاثاء، في قاعة شهاب، ويشارك فيها 6 من مثقفي القطيف يمثلون أجيالاً وأطيافاً مختلفة من معاصري الرجل الذي عاش نحو 95 سنة مشغولاً بقضايا مجتمع القطيف ومشاركاً في صناعة كثير من المواقف المشرفة.

ينتمي السيد العوامي إلى جيل المثقفين الاجتماعيين في شرقيّ المملكة الذين ظهروا منذ خمسينات القرن الماضي، وشهدوا على التحوّلات الكبيرة التي عاشتها المنطقة، واختطّ لنفسه نهجاً تنويرياً محافظاً، ترجمته مشاركاته المتنوّعة في تبنّي المطالبات التنموية والخدمية منذ شبابه الأول. وعُرِفت أدواره في دعم تعليم المرأة وتأسيس الأندية الرياضية والمؤسسات الاجتماعية، علاوةً على مشاركاته الكثيرة في التواصل مع مؤسسات الدولة وقيادتها السياسية لحلحلة بعض القضايا والإسهام في حلّها. كما شاهد المجتمع مبادراته المثقفة الهادئة إلى جمع الكلمة والحوارات البنّاءة.

وُلد السيد العوامي في قلعة القطيف عام 1345هـ، من أسرة علمية معروفة، وتلقّى تعليمه مثل سائر أبناء جيله، بادئاً بالقرآن الكريم والقراءة والكتابة ومباديء اللغة والشعر على يد الشيخ محمد الصالح البريكي وأخيه الميرزا حسين. ثم تلقّى تعليماً أعلى على يد شقيقه السيد علي العوامي. وحين هاجر إلى النجف أواخر الستينيات؛ سعى إلى إكمال تعليمه حوزوياً، فاسـتأنف دراسة الفقه والأصول والمعاني والبيان.

وإلى جانب ثقافته الدينية المحافظة؛ عُرف السيد العوامي بتنوِّره وتطلّعات التحديث في تفكيره وممارسته. وكان ملفّ تعليم المرأة في القطيف واحداً من الملفات التي شغلته إلى أقصى التفاصيل. في الوقت نفسه؛ سجلّ كتاباه “الضائعون” و “المرأة في الإسلام” موقفاً دينياً متحاوراً مع الأفكار الأكثر جرأة، خاصةً في مراحل انتعاش التيارات اليسارية في المجتمع، ليقف وسطياً بين المتشددين في منع تعليم المرأة ونظرائهم المتشددين في الطرف المقابل.

ووظّف العوامي براعته في الكتابة الرصينة في التعبير عن أفكاره ومخاطبة المجتمع، ويمكن القول إنه واحدٌ من الكتّاب القلائل، في القطيف، الذين استمرّوا في الكتابة الاجتماعية من أبناء جيله، من مثقفي الخمسينيات، وصولاً إلى كتاب التسعينيات. ومن الندرة الذين جمعوا أهم ما كتبوه في حياتهم وأعادوا نشره في كتب. حيث أصدر “من وحي القلم” في 3 أجزاء، و “من ثمرات عمري”، وهما كتابان يمكن الاستدلال بهما على كثير من ظواهر مجتمع القطيف على امتداد 5 عقود في الحدّ الأدنى. وهما ما يرقى بهما إلى مستوى “شهادة” ناشط اجتماعيّ من جيل عاش ومارس النشاط الاجتماعي قبل ولادة مصطلح “ناشط اجتماعي”.

عاش السيد حسن العوامي نحو 95 سنة، واكتسب احترام مجتمع القطيف ومسؤولي الدولة، كمثقف ملتزم، وممارس اجتماعي، وكاتب محافظ ومتنور. ويأتي حفل تكريمه ليكون الثاني من نوعه، بعد تكريم ديوانية القطيف إياه في شهر رمضان 1429، الذي حمل عنوان “العوامي في وجدان الوطن” وأقيم في مزرعة رجل الأعمال جمال البيات.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×