لهجة القطيف العامية من الشعر الفصيح: حرف الحاء

حب

للحبِّ في اللغة تصاريفُ ومعانٍ كثيرة، منها ما هو عام، مثل المحبة والعشق، وما يهمنا هنا هو الخاص بلهجة القطيف، وأولها الحِب: الجرة الكبيرة، قال الزبيدي في التاج: >الحُبُّ بالضَّمِّ: الجَرَّةُ صَغِيرَةً كانت أَو كبيرةً أَو هي الضَّخْمَة منها أَو الحُبُّ: الخَابِيَةُ، وقال ابن دُريد: هو الذي يُجْعَلُ فيه الماءُ، فلم يُنَوِّعْهُ، وهو فارسيٌّ مُعَرَّبٌ، قال: وقال أَبو حاتم: أَصْلُهُ حُنْبُ، فعُرِّب<. (مرتضى الزبيدي – تاج العروس)، وأهل القطيف يكسرون الحاء، ومما جاء في هذا المعنى قول الأغلب العجلي:

وهو إذا جرجر بعدَ الهبِّ

جرجر في حنجرَةِ كالحُبِّ

وهامةٍ كالمرجلِ المنكب([1])

الحَب، بمعنى البذر، ومما جاء فيه شعرًا قول إبراهيم الحضرمي

عصرتهم كالجلجلان بمطلب     

لجوج فدق الحب والقضب يابس([2])

وقول أمية ابن أبي الصلت:

فَأَنبَتَ يَقطيناً عَليها بِرَحمَةٍ      

مِنَ اللَهِ لَولا اللَهِ لَم يَبقَ صاحِيا

وَقولا لَهُ مَن يُنبِتُ الحَبَّ في الثَرى      

فيُصبِحُ مِنهُ البَقلُ يَهتَزُ رابِيا([3])

وقول ابن أبي الحديد:

وقل له حسبك ما منحتك      

واعمل على حسَب ما أَمردتك

وقد عجَمت العود عَجماً والعَجَم حبّ الزبيب والنوى يا ذا الفِهَم([4])

وقول ابن أبي كرمة: وقبله أبيات ذات صلة

وَبُقعَةٍ قَد أَجالَ الطَرفُ نُزهَتَهُ      

حَتّى تَخَيَّرَها مِن مَنبِتِ القُطُنِ

سَهلِيَّةَ النَجدِ لا خَفضٌ وَلا شَرَفٌ      

شَيخٌ مِنَ الفُرسِ مَطبوعٌ عَلى الفِطنِ

أَباحَها جَدوَلاً حَتّى إِذا رَوِيَت      

أَمسى يُدَيِّمُها بِالمَرِّ وَالفَدَنِ

ما زالَ يُتحِفُها بِالماءِ مُجتَهِداً      

حَولَينِ طَوراً وَطَوراً قِمَّةَ الدِمَنِ

حَتّى اِنتَقى حَبَّ مَروِيٍّ فَوَرَّهَهُ      

مِثلَ اللآلِئِ لَم يُدنَس مِنَ الدَرَنِ([5])

وقول شرف الدين البوصيري:

فهْي كالحَبِّ والنَّوَى أعجبَ الزُّ      

راعَ منهُ سنابلٌ وَزَكاءُ([6])

حِبَّاية

الحِبَّاية عند أهل القطيف، فرجة، أو فتحة في أسفل حظار المرزعة، أو البستان، يُمرُّ منها حبوًا، ومما جاء فيها شعرًا قول جواد بدقت الأسدي:

واغرامي لها! كأن بقلبي      

لسناها حباية كسناها([7])

حت

الحَتُّ، والانْحِتاتُ، والتَّحاتُّ، والتَّحَتْحُتُ: سُقُوطُ الوَرَقِ عن الغُصْن وغيرِه. (السيد مرتضى الزبيدي – تاج العروس)

لهذه المفردة عند أهل القطيف لفظان ومعنيان، أحدهما هذا، وهو الفعل: (حتَّ)، ومما جاء فيه شعرًا قول الأعشى من المتقدمين:

وَأَعدَدتَ لِلحَربِ أَوزارَها      

رِماحاً طِوالاً وَخَيلاً ذُكورا

وَمِن نَسجِ داوُودَ مَوضونَةً      

تُساقُ مَعَ الحَيِّ عِيراً فَعيرا

إِذا اِزدَحَمَت في المَكانِ المَضيـ         

ـقِ حَتَّ التَزاحُمُ مِنها القَتيرا([8])

وقوله أيضًا:

تَرى هَمَّهُ نَاظَراً خَصرَهُ      

وَهَمُّكَ في الغَزوِ لا في السِمَن

وَفي كُلِّ عامٍ لَهُ غَزوَةٌ      

تَحُتُّ الدَوابِرَ حَتَّ السَفَن([9])

وقول رؤبة بن العجاج:

وَنَتَّقَ الهَيْفُ السَفا فَاسْتَنْتَقا      

مالاثَ مِن ناصِلِهِ وَحَزَقا

وَاصْفَرَّ مِنْ حُجْرانِهِ ما أَذْرَقا      

وَحَتَّ فِيمَا حَتَّ إِذْ تَحَرَّقا([10])

وقول ابن الأبار من المتأخرين:

لأمر اللّه في الأعضاد فتّ      

وعاقبة اللصوق البحتِ بَتّ

ومجتمعات هذا الخلق شتّى      

ولكن بعدها لا شكّ شتّ

وهل أبصرت ذا ورقٍ نضير      

من الأغصان لم يمسسه حتّ؟([11])

وقول محمد سعيد الحبوبي من المعاصرين:

فإن المطايا عشقن السرى      

فهن يعانقنه بالعنق

كم اعتسفت بي ديمومة         

إذا اصطبحت لم تجد مغتبق

سباسب لم تند غدرانها      

وأشجارها حت عنها الورق([12])

الثاني – الاسم، ويعنون به أجناس السمك الصغار كافة، وله أصل في اللغة. جاء في التاج للسيد مرتضى الزبيدي: >الحَتُّ: المَيِّتُ من الجَرادِ، وج أَحْتاتٌ<

ولم أعثر لهذا المعنى على شعر، لكن، لا ننس ما قلناه في مفتح البحث عن قصور معاجم اللغة.

حجل

الحَجْل والحِجْل القَيْد، يفتح ويكسر، والحَجْل: مشي المُقَيَّد، وحَجَل يَحْجُلُ حَجْلاً: إذا مشى في القيد. قال ابن سيده: وحَجَلَ المُقَيَّد يَحْجُل ويَحْجِل.

والحَجْل والحِجْل جميعاً: الخَلْخَال، لغتان، والجمع أَحْجال وحُجُول. (اللسان). ولأهل القطيف فيها تصاريف، منها:

الحجَل: طائر مهاجر يمر بالقطيف في فصل الخريف، ومما جاء فيه شعرًا قول المتنخل اليشكري:

وَمَرقَبَةٍ نَمَيتُ إِلى ذُراها      

تُزِلَّ دَوارِجَ الحَجَلِ القَواطي

وَخَرقٍ تَحسِرُ الرُكبانُ فيهِ      

بَعيدِ الغَولِ أَغبَرَ ذي نِياطِ

كَأَنَّ عَلى صَحاصِحِهِ مُلاءً      

مُنَشَّرَةً نُزِعنَ مِنَ الخِياطِ([13]).

الحِجْل، أي الخلخال: حلقة من فضة أو ذهب تلبسها المرأة في رسغ رجلها، ويجمعونه على حْجُول، ومما جاء فيه شعرًا قول أبي دهبل الجمحي:

وَكَفٌّ كَهُدّابِ الدِمَقسِ لَطيفَةٌ      

بَها دَرسُ حِنّاءٍ حَديثٌ مُضَرَّجُ

يَجولُ وِشاحاها وَيَعرَبُ حَجلُها      

وَيَشبَعُ مِنها وَقفُ عاجٍ وَدُملُجُ([14])

وقول النعمان بن بشير الأنصاري:

وَارعَ رُوَيداً لا تَسُمنا دَنِيَّةً      

لَعَلَّكَ في غِبِّ الحَوادِثِ نادِمُ

وَيَبدو مِن الخَودِ الغَريرَةِ حِجلُها        

وَتَبيَضُّ مِن هَولِ السُيوفِ المَقادِمُ([15])

وقول منصور النمري:

وَلَو قِستَ يَوماً حِجلَها بِحِقابِها       

لَكانَ سَواءً، لا بَلِ الحِجلُ أَوسَعُ([16])

الظاهر أن معشوقته مصابة بالدرن.

وقول ابن الرومي:

مَن واهَقَ الريحَ وهي جاريةٌ      

أَقصر أو كانَ قَصْرَهُ لَغَبُهْ

جاريتَ ذا غُرّةٍ تشافهُهُ      

وذا حُجولٍ يَمسُّها جُبَبُهْ([17])

وقول محمد بن نصر بن القيسراني:

مِن كلّ شمسٍ لها من خِدْرها فلَكٌ      

وبدرِ تِمٍّ له من فرعه غَسَق

ومن كثيب تجلّى فوقه قمرٌ      

على قضيبٍ له من حُلَةٍ ورَق

وغادةٍ في وشاحٍ يشتكي عطشاً      

إلى حُجُول بها من رِيِّها شَرَقُ([18])

وقول سليمان الصولة:

أرى قول المنجِّم في سهيلٍ      

ضعيفاً ما له عندي دليل

فكم حاكى سهلُ جبينَ ليلى      

برونقه وما مات العذول

متى نعت الوشاة حجول ليلى     

فكل حمامةٍ منها صهيل([19])

والمحجَّل – من الحيوان عندهم – ما كان استدار بقوائمه بياض، ومما جاء فيه شعرًا قول النابغة العجدي:

أَغرُّ قَسامِيُّ كُمَيتٌ مُحَجَّلٌ      

خَلا يَدِهِ اليُمنَى فَتَحجِيلُهُ خَسا([20])

وقول عنترة بن شداد:

وَرَمَيتُ مُهري في العَجاجِ فَخاضَهُ      

وَالنارُ تَقدَحُ مِن شِفارِ الأَنصُلِ

خاضَ العَجاجَ مُحَجَّلاً حَتّى إِذا      

شَهِدَ الوَقيعَةَ عادَ غَيرَ مُحَجَّلِ([21])

ويحجل عندهم: يمشي مشي المقيد، برجل واحدة، وهي لعبة من لعب الأطفال عندهم يسمونها: عگل مگل، ومما جاء فيه شعرًا قول رؤبة بن العجاج:

طَرّادُ سِتٍّ يَحْجُلُ المَحَاجِلا      

تَراهُ في إِحْدَى اليَدَيْنِ زامِلا

كَأَنَّمَا شُدَّ هِجاراً شاكِلا      

يَرْعَى تِلاعَ النَجَفِ المَباقِلا([22])

وقول الخطيب الحصكفي:

صاحَ الغُرابُ فكما تحمَّلوا      

مَشى بها كأنه مُقَيَّدُ

يَحْجِلُ في آثارهمْ بَعْدَهُمُ      

بادي السِّماتِ أَبْقَعٌ وأسْوَدُ([23])

وقول الشريف المرتضى:

مَنازلُ ليس لحيٍّ بها      

معاجٌ ولا وسْطَها منزلُ

خَلَتْ غيرَ ذئبٍ تراه بها       

يُعاسِلُ أو صُرَدٍ يَحْجِلُ([24])

وقول حافظ إبراهيم:

قَصرَ الدوبارَةِ ما لِلَيثِكَ رابِضاً      

وَالذِئبُ في قَصرِ الإِمارَةِ يَحجِلُ

إِنّي سَمِعتُ بِعابِدينَ عُواءَهُ      

فَعَجِبتُ كَيفَ يَسودُ مَن لا يَعقِلُ([25])؟

وقول عبد الله الشقراطسي:

أوصالهُ من صليل الغل في خلَلٍ      

وقلبه من غليل الغل في علَلِ

يظلّ يحجلُ ساجي الطرف خافضَهُ   

لمسكة الحجل لا من مسكة الخجَلِ([26])

وقول كاظم الأزري:

يا محيي الأموات ها ملك الردى      

وافى يجر مساحب الأجناد

لو شام منك وميض لا راضٍ بها      

لأتاك يحجل في قيود قياد([27])

________

([1])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/QcKbDE .

([2])قصيدته: (على مَ يلمن الغانيات الأوانس)، موقع نادي الأدب، الرابط: https://goo.gl/sXTbJ5.

([3])قصيدته: (إلى الملك الأعلى)، موقع كنوز، الرابط: https://goo.gl/4iaG1r.

([4])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، ، الرابط:. https://goo.gl/cgKNRw

([5])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، ، الرابط: https://goo.gl/WEmoCT.

([6])قصيدته: (كيف ترقى رقيك الأنبياءُ)، موقع موسوعة الشعر العربي، الرابط:

https://goo.gl/XWMHNo

([7])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، ، الرابط: https://goo.gl/sLUAq6

([8])ديوانه، مرجع سابق، ص: 88.

([9])مجموع أشعر رؤبة بن العجاج، مرجع سابق، ص: 209 – 210.

([10])ديوان، مرجع سابق، 111.

([11])الأبيات ليست في ديوانه، والمثبت من موقع موسوعة الشعر، الرابط: https://goo.gl/r5yzgF

([12])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/YpNiWt

([13])ديوانه، موقع موسوعة الشعر العربي، الرابط: https://goo.gl/4kTbMK

([14])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/MDusvv

([15])ديوانه، موقع بوابة الأفق، الرابط: https://goo.gl/T3Bbfe

([16])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/QSyHAv

([17])ديوانه، مصدر سبق ذكره، جـ1/357.

([18])حريدة القصر وجريدة العصر، العماد اللأصفهاني، تحقيق شكري فيصل، مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق، المطبعة الهاشمية، دمشق، 1375هـ، 1955م، جـ11/143.

([19])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/1RrTXj

([20])ديوانه، تحقيق واضح الصمد، مر ذكره، ص: 102.

([21])ديوانه، أشرف على تصحيحه إبراهيم الزين، نشر دار النجاح – دار الفكر، بيروت، د. ت. وموقع موسوعة الشعر العربي، الرابط: https://goo.gl/7RP3hA

([22])ديوانه، مرجع سابق، ص: 125.

([23])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/GbB3dz

([24])ديوان÷ مرجع سابق، جـ2/245، والُّصُّرد: بضم الصادِ وفتح الراءِ: طائرٌ فوق العُصفورِ أَبْقَعُ ضَخْمُ الرَأْسِ، ضَخْمُ المِنْقَارِ، له بُرْثُنٌ عظيم. ويقال له: الأَخْطَب. تاج العروس.

([25])ديوانه، موقع موسوعة الشعر، الرابط: https://goo.gl/AwX9ZY

([26])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/wJQRxp

([27])دويان، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/T4bt3x.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×