زكي الصالح: في العوامية 18 أسرة تحمل لقب “العوامي” "العواميات" العربية كثيرة.. وتشابه الأسماء لا يدلّ على تطابق أو وجود علاقة
القطيف: ليلى العوامي
كشف الباحث في التراث زكي الصالح عن وجود 18 أسرة كريمة تحمل لقب “العوامي” في بلدة العوامية وحدها، موضحاً أن هذا التشابه لا يعني وجود رابط نسبي فيما بينها، بالضرورة.
وجاء هذا الإيضاح؛ تعقيباً على تقرير نشرته “صُبرة” على لسان مواطن مصري اسمه محمد مهنا حسن العوامي الذي قال إن جذوره النسبية تعود إلى بلدة العوامية السعودية، طالباً التواصل مع من وصفهم بـ “أبناء عمه”.
ووصف الصالح ما ذكره المواطن المصري بأنه مجرد “تشابه” أسماء، ولا يعني بالضرورة وجود علاقة ارتباط.
الصالح عقّب بإفادته استجابة لأسئلة وجهتها له “صُبرة”، وفيما يلي نصها:
هدف نبيل ومحمود
بداية أحب أن أنوه بمبادرة الأخ محمد مهنا حسن العوامي بالتواصل مع صحيفة “صُبرة” للبحث عن أصوله وأبناء عمومته في عوامية القطيف، وأثني على هدفه من هذا السعي كما صرح بـالتعرف على رحمه والصلة بهم و”جمع شمل العائلة”.
ولا شك أن هذه الأهداف نبيلة ومقدرة ومحمودة، ولكن يؤخذ على الأخ محمد عدم تقديمه أدلة أو مستندات تثبت زعمه بوجود رابطة بين عشيرة العوامي في مصر وبين عوامية القطيف.
وجوابي له ـ كواحد من أبناء العوامية السعودية وأحد المهتمين بتاريخها وتراثها ـ هو أن الأمور قد اشتبهت عليه، فوجود تشابه وتطابق في أسماء البلدات لا يعني بالضرورة وجود علاقة ارتباط بينها أو بين ساكنيها، فالتشابه هو ظاهرة في أغلب أسماء الأماكن والبقاع في وطننا العربي وغيره من البلدان والأقاليم.
وتكاد لا توجد قرية أو مدينة في بلداننا العربية إلا ولها شبيهة في الاسم على أقل تقدير، ولعل مدينة الإسكندرية هي أشهر مثال؛ فهناك -كما في بعض المصادر- أكثر من 30 مدينة حول العالم تحمل اسم الإسكندرية، ورغم ما يدعى بأن تسميتها نسبة للإسكندر المقدوني إلا أنه لم يدعِ أحدٌ أن هناك وشائج قربى بين أهاليها وساكنيها.
وكذلك الحال بين أهالي مدينة ممفيس مصر وممفيس تينيسي بالولايات المتحدة الأمريكية، وطرابلس لبنان وطرابلس ليبيا وصور عُمان وصور لبنان….إلخ.
المواطن المصري محمد العوامي
ماذا عن بلدات القطيف..؟
وعلى صعيد بلدات القطيف، يوجد تشابهٌ بين أسمائها وأسماء بلدات في أماكن ومناطق جغرافية أخرى كبلدة أم الحمام والجش والملاحة ودارين وسنابس والجارودية..
هناك مثلاً أم الحمام في الرياض وليبيا، وبلدة الجش في فلسطين، وقرية الملاحة في منطقة عسير وفلسطين وسوريا، وضيعة دارين في قضاء عكار بلبنان، وسنابس البحرين وكفر السنابسة في مصر، وبلدة الجارودية في سوريا…
أما عوامية القطيف نفسها فبالإضافة لعوامية سوهاج والأقصر المصريتين اللتين ينحدر الأخ العوامي المصري من إحداهما؛ هناك بلدة العوامية في قضاء جبلة في سوريا وإلى جانبها بلدة قبو العوامية، وقد زرت عوامية سوريا في عام 2000م ونشرت عن زيارتي تلك في نشرة “قطاف الرامس” عدد محرم 1427هـ التي كانت تصدر عن جمعية العوامية الخيرية.
وتختلف أسباب التسميات باختلاف أماكن “العواميات”، فعوامية القطيف تعود تسميتها كما هو الراجح لزعيم الأزد وأمير الزارة الحسن بن العوام.
وعوامية سوهاج للزبير بن العوام كما يقول المنتمون إليها. وعوامية الأقصر نسبة للعوامي الجد المؤسس. أما عوامية سوريا لكونها “تعوم على الرزق” كما أفادني أحد كبار السن فيها.
أخطاء باحثين
وفي هذا الصدد أود أن أشير إلى أن من الأخطاء الشهيرة التي يقع فيها الباحثون في الأنساب هو نسبة فرد أو عائلة ما إلى أسرة أو بلدة أو قبيلة بمجرد موافقة اسم هذا الفرد أو العائلة لاسم هذه البلدة أو لقب تلك الأسرة أو القبيلة وذلك قبل التدقيق والتحقيق وهذا من الاستعجال في النتائج،
على سبيل المثال هناك في الوطن العربي من يحمل لقب العوامي في ليبيا واليمن ومصر، ولقب الخويلدي في ليبيا وآل قديح في فلسطين والجشي في لبنان وسوريا وفلسطين، ولقب الجارودي في سوريا ولبنان ومصر والمغرب العربي.
وليس من المقبول منطقاً أن أنسبهم إلى بلدات العوامية والخويلدية والقديح والجش والجارودية دون التثبت والتحقق بمجرد التشابه والتوافق في الأسماء والألقاب.
ومما أثار استغرابي في هذا السياق هو لجوء إعلامية لبنانية لتأليف كتاب بعنوان “آل جارودي وصدى السنين” ضمت فيه جميع الأسماء البارزة من الحاملين للقب الجارودي في لبنان والسعودية وفلسطين ومصر والمغرب العربي واعتبارهم أبناء عمومة لأسرة واحدة وأعادت أصولهم إلى جدهم الأول “الجارود” وإلى بلدة الجارودية في القطيف؟!
فقر معلومات
وفي ظني أن هذا ما وقع فيه أخونا ابن عوامية مصر، حيث اختلطت عليه المسميات. وافتقر إلى المعطيات الدقيقة الموصلة إلى جذوره. كما أن عدم إحاطته بالمعلومات التاريخية عن طبيعة الهجرات والأماكن التي يعتقد الانتماء إليها؛ جعله يقع في وهم الانتماء إلى بلدة تبعد عن مسقط رأسه آلاف الكيلومترات.
ويكشف انتسابه إلى الهاشميين من أحفاد عبدالمطلب وقوله “عوامية القطيف هم أبناء عم جدي حسن العوامي” عدم معرفته بطبيعة التركيبة السكانية لأهالي عوامية القطيف، فهم ينتمون إلى عوائل وأسر مختلفة.
ويبلغ عدد من يحمل منهم فقط لقب “العوامي” 18 أسرة، خمس منها سادة هاشميون والباقي عوام. ناهيك عن غيرهم من حملة لقب العوامي في باقي قرى ومدن القطيف كصفوى والتوبي والقديح، وسيهات والربيعية وتاروت وحلة محيش والجش وأم الحمام، فضلاً عن من يسكن القطيف المدينة: القلعة وباب الشمال والدبيبية والكويكب والمدارس.
وكل هؤلاء الكرام فيهم السادة الهاشميون وغيرهم من العوام.
دي إن آيه
والبحث عن أبناء عمومه فيهم كما يأمل دون تقديم ما يساعد على ذلك وكل ما في جعبته هو “أحاديث والده وأجداده” هو ضرب من المستحيل، والحل الوحيد الذي أمامه هو أن يقوم بعمل الفحص الجيني (الدي إن أيه) وهو قادر إن شاء الله على دفع تكاليفه بحكم عمله في التجارة، ومن خلاله فقط بالإمكان التعرف على من يرتبط بهم بصلة قرابة إن وجدت … وإذا استطاع الوصول إلى القطيف فأهلاً وسهلاً به بين أهله وناسه وقلوبنا قبل بيوتنا مفتوحة له فأهل العوامية والقطيف كباقي أخوتهم من أبناء الشعب السعودي هم أهل كرم وجود وشهامة.
اقرأ أيضاً