إنقاذ امرأة في كورنيش المشاري.. أفكار تتداخل وتتشابك

معصومة الزاهر

بدأ الموقف بصوت سيارتين تنذران بوقوع أمر ما.. أنا وصديقتي انتبهنا.. على الأرض امرأة ملقاة، ورجلٌ يصرخ مذعوراً.. رجلاً كبيراً في السنّ..

برمجتنا الحاضرة في المصائب أنطقتنا بكلمة “ياعلي”. اقتربنا وابتعد الآخرون لكوننا نساء.. إنها امرأة فكان الواجب علينا حملها لإسعافها إلى أقرب مستشفى.. فكان المواساة..

ما تعلمناه يقول إن محاولة الإسعاف لمن يملك القدرة حتى تأتي سيارة الاسعاف بنفسها، أما تحريكها فخطرٌ جداً. لكننا لا نجمع أفكارنا في مثل هذه المواقف، وهو ما ينتج عنه مضاعفات خطيرة أحيانا..

كان جوال المرأة مليئاً بالأسماء.. لكن يبدو أنها دوّنت أسماء أسرتها بشكل تعرفه هي فقط.. بحثنا عمّا يدلنا على أحد لنتصل به. سألناها وسط صراخها.. أجابت: أختي اسمها فلانة..!

تلون حجابي وحجاب صديقتي الأبيضين بدم أحد لا أعرفه.. تناول المقود شاب كان يجري في الكورنيش.. وترك الرجل الذي لا يعرفه أيضا بمقعد الراكب الذي لم تهدأ يداه ولسانه من الدعاء ابداً..

نزعنا من أذنها سماعات.. كل ذاك الضجيج الذي سمعه الجميع بالكورنيش هي لم تسمعه وهي تقطع الشارع .. فأصيبت بكسر برجلها كامل وشرخ بسيط برأسها..

سألناهم إن كانوا في حاجة إلى مساعدة مادية لدفع التكاليف.. المستشفى خاص.. فرد علينا أخو السائق المتسبب .. وضع يده على رأسه ثم أنزلها.. قال: على راسي وكل شي موجود رحم الله والديكم..!

ثالث النساء منا كانت امرأة لا نعرفها أيضاً، وصدفة الحادث جعلتها هناك قلقة على حال المرأة ومصير الرجل.. أخبرتنا بأنها مصابة بالسرطان.. تتعالج.. ويبدو انها تزوجت بعد استئصال رحمها.. أي كانت فرصة الانجاب لديها معدومة..

كان من تزوجت خير سند لها في مرحلة العلاج.. صدفة جمعت من تأثر بأحداث العوامية وأخبار الموت .. مع امرأة تصارع الموت فعلاً.

يبدو أننا تصرفنا جيداً، وكانت عاطفتنا حاضرة والقليل من تكدس الذاكرة .. فكان يسبقها لي تسجيل موقف سيء جداً حيث وقع أمامي رجل مسن عرفته بعدها “أبو علي العوكار” بالعوامية أثر رصاصة توسدت قلبه من أشقياء وتوفي، تم ابلاغ أهله وبدورهم ابلغوا الشرطة بذلك، لم تكن مدرعة ولم يكن مطارداً، كان خلاف بين شابين يقضيان الآن حكمهما..

هل مازلتم تؤمنون بالعداء وتخبروني أن توقفي عن التفكير بمثالية..؟!

هل يشعر أحدكم بسوء الحياة، سوء الحظ، سوء الناس..؟

إن كان أحدكم يكره الآخر؛ هنا تصالحوا فقط، ما لدينا من وقت سنتعلم فيه الحب ونعيش السعادة ونذوق طعم الحياة التي منها حرمنا.

 

* بالمشاركة مع صفحتها في “فيس بوك”.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×