التقويم ثقافة أمم وأديان

علي منصور الطويل

 

عند الحديث عن التقويم الهجري والتقويم الميلادي يفضل الكثير منا الاقتصار بالاهتمام على تقويم واحدٍ منها فقط دون الآخر، وسرعان ما يتفاجأ بالواقع وهو ضرورة الاهتمام بهما معاً، فأنت تحتاج للتقويم الهجري في متابعات مناسباتك الدينية وواجباتك العبادية كالصوم والحج والأشهر الحُرم قال تعالى:(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) التي حرمها الله تعالى وهو التقويم الهجري القمري المعروف لدينا بأشهره الهلالية القمرية الإثنا عشر شهراً، محرم وصفر وربيع والتي تعتمد على تَوّلد الهلال وتعدد منازلة قال تعالى:(وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39))، كما تعلمون ذلك، وهو يعرف أيضاً بالتقويم الإسلامي.

 

 حيث بدأ المسلمون حساب السنوات به منذ هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنورة وكانت بداية العمل به في السنه السابعة عشر من الهجرة الشريفة، بخلاف التقويم الشمسي المعتمد على الأبراج الفلكية التي تمر فيها الشمس، الذي يأتي على نحوين التقويم الشمسي الهجري والتقويم الشمسي الميلادي، فألاول وضعه العالم في الرياضيات والفلك ابو الفتوح عمر الخيام النيسابوري بمساعدة عدد من زملائه العلماء ويعرف أيضاً بالتقويم الجلالي نسبة لجلال الدين ملك شاه سلطان السلاجقه ووزيره نظام الملك الذي أمر عمر الخيام بالإشراف على بناء مرصد فلكي في أصفهان لمراقبة النجوم بالسماء، وإعداد تقويم هجري شمسي دقيق وبالفعل وفي سنه (468 هـ) (1079 م) أنهى عمر الخيام ورفاقه أدق تقويم في قياس السنة بعدة خانات عشرية من اليوم ليصبح طول السنة بالضبط (365,24219858156) وهو التقويم الذي بين أيدينا اليوم والذي سجل سنته الثانية بعد الأربعمائة والألف من هجرة النبي (ص) ١٤٠٢ بالحساب الشمسي الموافق لسنتنا ١٤٤٥ بالحساب القمري والموافقة ٢٠٢٣ سنة من ميلاد نبي الله عيسى (ع) بالحساب الشمسي بموجب التقويم الميلادي المشهور دولياً في معظم البلدان العالمية، الذي يُعرف بالتقويم الميلادي المسيحي هو التقويم المستخدم في معظم أنحاء العالم.

 دخل هذا التقويم حيز التنفيذ في أكتوبر 1582 بعد المرسوم البابوي الذي أصدره البابا جريجوري الثالث عشر لذلك عرف التقويم باسمه فيقال التقويم  الجرجوري، والذي قدمه كتعديل واستبدال للتقويم اليولياني، كان التغيير الرئيسي هو تغيير السنوات الكبيسة الفضائية لجعل متوسط طول السنة التقويمية 365.2425 يومًا، وهو ما يقترب بشكل أوثق من السنة “المدارية” أو “الشمسية” البالغة 365.2422 يومًا والتي تحددها دورة الأرض حول الشمس، وهذا التقويم اصبح اليوم اعتماد معظم سكان الأرض في تعاملاتهم التجارية والسياسية وجداول حجوزات الطيران وغيرها.

 ورغم تعدد التقاويم بتعدد قوميات البشر على هذه المعمورة مثل التقويم الصيني والتقويم الهندوسي والتقويم الياباني والتقويم الآشوري والتقويم القبطي والتقويم الملكي البريطاني إلا أن ما لفت انتباهي هو تقويم يعرف ب(وقت يونكس): هو تمثيل للتاريخ والوقت يستخدم على نطاق واسع في الحوسبة، يقيس الوقت بعدد الثواني التي انقضت منذ الساعة 00:00:00 بالتوقيت العالمي المنسق في 1 يناير 1970، عصر يونكس، دون إجراء تعديلات بسبب الثواني الكبيسة في الحوسبة الحديثة، يتم أحيانًا تخزين القيم بدقة أعلى، مثل ميكروثانية أو نانوثانية.

 وكما تعلمون أحبتي الكرام أن طول السنة الشمسية أطول من السنة القمرية ب 11 يوماً تقريباً مما يستلزم اختلافهما كلما مضت السنون لذا فكل ثلاث سنوات شمسية 36 شهرا تعادل ثلاث سنوات قمرية وزيادة شهر واحد أي 37 شهرا قمريا، وأن كل اثنين وثلاثين سنة شمسية تقابلها 33 سنة قمرية، أي بزيادة سنة واحدة.

 وأتذكر هنا أن منظمة الصحة العالمية حددت الفئة العمرية لفئة الشباب أنها تبدأ من٢٦ حتى ٦٥ أي أن الرجال والنساء في عمر الخامسة والستون فهم ما زالوا شبابا، وهنا يتكرم التقويم القمري بزيادة سنتين على التقويم الشمسي بحيث أن عمر 65 بالسنين الشمسية تقابلها 67 سنة بالسنين القمرية، وأن كل 96 سنه شمسية تقابلها 99 سنه قمريه اي بزياده ثلاث سنوات، وأن كل 300 سنة شمسية تقابلها 309 سنوات قمرية أي بزيادة تسع سنوات، وهذا ما أشار إليه القران الكريم في قصة أهل الكهف حينما قال فلبثوا في كهفهم إلى آاخر الآية، فالـ300 عام الأولى في الآيه الكريمة هي بحساب السنوات الشمسية والـ 300 سنة مع تسع سنوات الزيادة كما في دليل الآية الكريمة فهي تشير إلى مده مكوث أهل الكهف في كهفهم بحساب السنوات القمرية، وهذا ما ورد في تفسير الآية الكريمة على لسان مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وكرم الله وجهه ورضي عنه.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com