شهر رمضان وفائض الطعام
وئام المديفع*
الإسراف في كل شيء مذموم ومنهي عنه، لا سيما في الطعام والشراب، قال الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}
الأعراف/٣١.
وهناك مشكلة شائعة في مجتمعنا وهي طبخ كميات كبيرة من الطعام في شهر رمضان خصوصاً، ويتكرر السؤال سنوياً ماذا نصنع بفائض الطعام؟
والإجابة هنا حتى تختفي هذه الظاهرة علينا إيجاد حلول للأسباب وليس حل للظاهرة ذاتها، وكل الذي نحتاجه جميعاً هو الوعي،
فكما نطالب أنفسنا وأولادنا بالوعي الدراسي والصحي والثقافي والاهتمام بالنظافة والتنظيم داخل البيت وغير ذلك علينا أن نكون نحن الوالدين على وعي بالاحتياجات التي يرغب فيها أفراد الأسرة في الطعام على مائدة الإفطار وذلك بالتشاور معهم ووضع جدول أسبوعي لمائدة الإفطار بالاتفاق مع أفراد العائلة
لأن في الأغلب الذي يحدث تجتهد الأم وترهق نفسها في الطبخ طوال اليوم ثم تتفاجىء بعدم رغبتهم في بعض الأطباق لذلك فالتصنع لهم شىء يرغبون إليه.
كذلك عندما يشارك الأبناء في مساعدة والدتهم يستشعرون حجم التعب وبالتالي يقدرون الجهود،
أيضاً لا داعي للإكثار من الأصناف فالعين تشبع عند رؤية أطباق كثيرة فتصبح الرغبة في الأكل أقل وتدخل الحيرة ماذا يختارون من الأصناف، ولتكن الكميات معقوله تناسب عدد أفراد الأسرة
وبالأساس الصائم لا ينبغي له الوصول حد الشبع دفعه واحدة بل يكون ذلك بالتدريج من أجل صحته وعدم الشعور بالتخمة التي تجعله لا يستطيع تأدية بقية واجباته ومسئولياته وعباداته والتركيز على الأكل الصحي والمفيد بدل تلك التي تحتوي على كميات كبيرة من السكريات والزيت.
لذا حتى لا يزيد الطعام؛ من البداية تقدير احتياج الأسرة ومشاورتهم ووضع ميزانيه محددة وكتابة الاحتياجات وعدم دخول السوبرماركت والشراء بشكل عشوائي، وتحديد الأصناف اليومية، هذا كله من شأنه الحد من إهدار الطعام والمحافظة على الوضع الاقتصادي للأسرة.
ولنتذكر أن في هذا العالم من لا يجدون لقمة العيش وشهر رمضان المبارك جاء ليذكرنا بهم وليعلمنا على ترويض أنفسنا على الصبر على الجوع والعطش لنستشعر ما يعانيه الفقراء والمساكين والمستضعفين في هذا العالم.. هو شهر عبادة لا شهر الأكل فقط.
وجدير بالذكر لا بأس من الحديث مع الأبناء بجلسه حوار عائلية عن الإسراف ومساوىء التبذير قال تعالى {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} الإسراء/ ٢٧
وهناك معلومة جميلة من جماليات وأسرار الرسائل في القرآن الكريم الذي يريد منا الله عز وجل الالتفات لها وهي أن كلمة الإسراف ذكرت في القران الكريم ٢٣ مرة ومثلها ذكرت كلمة المساكين ذلك يستحق التأمل.
كما يترتب على الإسراف في الطعام والشراب مفاسد كثيرة: منها: أن الإنسان كلما تنعم بالطيبات في الدنيا قَلَّ نصيبه في الآخرة.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَكْثَرُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
وكما نضع جدول لقائمة الطعام المراد طبخها اليوم لنضع جدول عبادات يومي يلتزم فيه أفراد العائلة بوقت محدد مثل قراءة جزء من القرآن الكريم، الذهاب لدور العبادة للصلاة والدعاء، الصدقة وغير ذلك.
لذا علينا التخطيط للشهر الكريم من كل النواحي بوعي (الدينية، الثقافية، الاقتصادية، الصحية،…) حتى نخرج من الشهر المبارك وقد أضاف لصحائف أعمالنا ما يوصلنا لجنات النعيم.
نسأل الله تعالى أن يمن علينا بالمغفرة والرضوان ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وكل عام وأنتم لله أقرب.
ـــــــــــــــــــــــــــ
*مستشارة نفسية واجتماعية