آخر المتحرشين “المستورين” وأول “المفضوحين” في السعودية هل تدخل قضايا التحرش مرحلة تفعيل العقاب الاجتماعي..؟
التشهير بمصري وسعودي ويمني خلال 5 أيام.. وحكم 5 سنوات لوافد
صُبرة: تقرير خاص
سوف يتذكر السعوديون، والمقيمون في السعودية معاً، أن شهر أبريل من العام الجاري 2024؛ شهد انعطافاً نوعياً في تعاطي الجهات المسؤولة مع قضايا التحرش الجنسي.
وخلال هذا الأسبوع فقط؛ حملت بيانات الأجهزة المعنية 4 أخبار نوعية للغاية، وعلى اتجاهين:
أولهما: التشهير بمتحرشين، بأسمائهم، وجنسايتهم.
الثاني: صدور حكم قضائي كبير في قضية تحرش.
تقارب زمني شديد، بين بيانات الأمن العام والنيابة العامة، في قضايا متشابهة، ليقدّم هذا التقارب رسالة شديدة الخطورة؛ هي أن تفعيل العقاب الاجتماعي ضدّ المتحرشين، بدأ عملياً، في مرحلة الضبط والتحقيق. ما يعني أن المتحرش سوف “يُعاقب” مبكّراً، حتى قبل مثوله للقضاء.
آخر المتحرشين المستورين..!
آخر خبر نشره حساب الأمن العام في “إكس” عن التحرش بلا أسماء؛ كان ذلك الذي قبضت فيه دوريات الأمن بمحافظة الطائف على “مواطن” ظهر في مقطع فيديو وهو يتحرش بامرأة. نُشر هذا الخبر 12 مارس الماضي. وقد اكتفت تغريدة الأمن العام بوصف المتحرش بأنه “مواطن”، ويمكن القول إنه كان “محظوظاً”، لكونه آخر المتحرشين “المستورين” في السعودية..!
نشر خبر القبض عليه؛ تمّ بعد سلسلة من التفاعلات المحلية المستاءة من سلوك شابً ظهر في مقطع الفيديو متحرشاً بامرأة لفظيا أثناء نقلها في مركبة، وقد جرى إيقافه واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه وإحالته إلى النيابة العامة”.
هذا الشاب المواطن؛ كان آخر المستورين..!
أول المفضوحين ظهر في مكة..!
وما بين 12 مارس و 12 أبريل؛ ظهر أول المتحرشين المفضوحين في السعودية، وفي يوم جمعة، ومن قلب مكة المكرمة. ليقع الاسم الثلاثي للمصري وليد السيد عبدالحميد، في تغريدة أمنيّة صريحة، قال فيها حساب الأمن العام في “إكس” إن المقبوض عليه في العاصمة المقدسة تحرش بامرأة، و “تمّ إيقافه واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه، وحالته إلى النيابة العامة”.
ولم يمضِ إلا يومٌ واحد؛ حتى انتشرت تغريدة مماثلة من حساب الأمن العام نفسه، موضحة أن المواطن السعودي ناصر هادي حمد آل صلاح مقبوض عليه لتحرشه بامرأة. وقال الحساب “تمّ إيقاف المتحرش واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه، وإحالته إلى النيابة العامة”.
المفضوح الثالث كان يمنياً، اسمه داود علي حسن علي، وحدثت قضيته في منطقة عسير، حيث قُبض عليه، وأُحيل إلى النيابة العامة أيضاً. ونشر الأمن العام البيان أمس الأول الأربعاء 17 أبريل 2024.
ونُشرت البيانات الثلاثة في غضون 5 أيام فقط، ما يُشير إلى تأكيد الجدية المؤكدة أصلاً، في مواجهة هذا النوع من الجرائم.
حكم الحدّ الأقصى
أمس الخميس 18 أبريل 2024؛ كشفت النيابة العامة، عن صدور حكم نوعي في قضايا التحرش، وقالت إن نيابة الآداب العامة أنهت تحقيقاتها مع وافد بتهمة التحرش بامرأة. وقالت إن النيابة العامة أصدرت أمراً بإيقاف المتهم وإحالته للمحكمة المختصة، وطالبت بإيقاع أقصى العقوبات النظامية، وبناءً على ذلك صدر بحقه حكم يقضي بإدانته بما نُسِبَ إليه، وسجنه مدة خمس سنوات، وغرامة مالية قدرها ١٥٠،٠٠٠ ريال “مئة وخمسون ألف”.
وما يلفت النظر هو مدة الحكم الصادر عن القضاء التي تصل إلى 5 سنوات، وهذه المدة في السجن هي القصوى في العقوبة، بحسب نظام مكافحة جريمة التحرش الصادر بموجب مرسوم ملكي في 16 رمضان 1439هـ. وصدور حكم بالعقوبة القصوى ينطوي على تفسيرات يمكن ربطها بالمادة السادسة من النظام.
الفقرة الأولى من المادة تقول “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة مالية لا تزيد على مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من ارتكب جريمة تحرش”. وتؤكد المادة، أيضاً، أن إيقاع هذه العقوبة “المدنية” يتم “دون إخلال بأي عقوبة أخرى تقررها أحكام الشريعة الإسلامية أو أي عقوبة أشد ينص عليها أي نظام آخر”.
إذن لماذا وصل الحكم إلى 5 سنوات..؟
الفقرة الثانية من المادة السادسة تتضمّن تشديداً في العقوبة، استناداً إلى اعتبارات وجيهة. تقول الفقرة:
2- تكون عقوبة جريمة التحرش السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على ثلاثمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حالة العود أو في حالة اقتران الجريمة بأي مما يأتي:
- أ- إن كان المجني عليه طفلاً.
- ب- إن كان المجني عليه من ذوي الاحتياجات الخاصة.
- ج- إن كان الجاني له سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه.
- د- إن وقعت الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية.
- هـ- إن كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد.
- و- إن كان المجني عليه نائماً، أو فاقداً للوعي، أو في حكم ذلك.
- ز- إن وقعت الجريمة في أي من حالات الأزمات أو الكوارث أو الحوادث.
ومراجعة القائمة؛ يضع إشارات إلى نوعية الجريمة التي ارتكبها الوافد، وهي ـ على الأرجح ـ جريمة ارتُكبت بحسب منطوق الفقرة “ج” أو “د”.
للاطلاع على نظام مكافحة التحرش؛ اضغط الوصلة