جعجعة تنموية 5] قالوا القطيف.. فقلت: ماذا فعلت جمعياتها..؟ أقبّل أيادي كل من مسح دمعة يتيم واحترم حاجة أرملة

الدكتور نايف الدبيس

 

قالوا القطيف فقلت غاية مقصدي

ألق المراسي أيها الربان

قالوا القطيف فقلت نبض قصائدي

وربيع قلبي حسنها الفتان

قالوا القطيف فقلت موطن مولدي

وبه سيدفن في الثرى الجثمان

حسب موقع وزارة التجارة فإن سجلات المؤسسات التجارية: ٤٤٩٦٥ أما سجلات الشركات ذ م م : ١٢٨٨

وأخيراً سجلات شركات مساهمة: ١٧٧ ، أرقام تنبئ عن زخم تجاري في محافظة القطيف.

حب التعليم يخفق في قلوب أكثر من ١٠٠ ألف طالب وطالبة يدرسون في أكثر من ٣٠٠ مدرسة، وتميزهم في المنافسات والاختبارات الوطنية والعالمية لم يعد خاف.

حب الناس بالقطيف للرياضة متمثل في ١٣  نادي رياضي برزت انجازاتها في مختلف الرياضات والمنافسات المحلية والدولية.

الطواقم الطبية والتمريضية التي تمثل وقود المنشآت الصحية في المنطقة الشرقية وخارجها هو علامة ناصعة معترف بها.

زخم التطوع في محافظة القطيف لامع حد السطوع.

مجتمع القطيف مجتمع حيوي. لكن إلى أي حد تترجم حيويته إلى لغة التنمية؟ هذه الحيوية تحتاج حاضنة.

لب الموضوع أن تحظى محافظة القطيف بالتنمية التي تليق بقدرها. بتاريخها ومواردها. عدد السكان بالمحافظة نصف مليون ونيف، ٨٠٪ منهم سعوديون.

١٥٠ ألف طفل و ١٧ ألف مسن يمثلون أبرز مستهدفات التنمية حيث الإنسان هو محور التنمية. هذا العدد من السكان لا يمكن أن يسهم في التنمية بل إن أحوالهم هي المرآة التي تعكس مخرجات الحراك التنموي.

١٦٠ ألف رجل وامرأة بين عمر ٣٠-٥٩ سنة يعيشون اليوم بيننا من المفترض أنهم بعمر الفتوة والقوة والخبرة. هذا العدد يمكن أن ننقصه بمقدار ٣٠٪ جراء ظروف اقتصادية-صحية-اجتماعية تمنعهم من المشاركة الفعالة، فيبقى لدينا قرابة ١٠٠ ألف على الأقل نتوقع منهم الإسهام في الحراك التنموي. مما لا شك فيه أن جزء من الإسهام التنموي للفرد هو ما يقوم به من واجباته الوظيفية المهنية والاجتماعية. لكن جزءًا آخر يمكن أن ننتظره من ربع هذا العدد على الأقل وهنا نكون وصلنا لعدد ٢٠-٢٥ ألف رجل وامرأة.

 وهنا نحن نتكلم عن حدود ٥ ٪ من المواطنين بالمحافظة

١٪ تقريباً مسجلون في المجالس العمومية للجمعيات

المديريات الممثلة لمختلف الوزارت الخدمية في محافظة القطيف هي قاعدة انطلاق الأنشطة الحكومية المحققة للتحول الوطني والممررة لنتائجه في المرافق الخدمية. تحقق التنمية في المدن الصغيرة كالتي تتكون منها محافظة القطيف بأعداد سكان تتراوح بين ١٠ آلاف حتي ١٠٠ ألف ، لا يكون بحجم وسرعة وأسلوب التنمية في المدن الكبرى. الجمعيات الأهلية هي من أبرز المنصات الملائمة لتحقق التنمية في المدن الصغيرة لاسيما إذا تحالفت مع القطاع الخاص المحلي. لو أن هذه القطاعات الثلاثة تتحالف وتطلق مبادرات تعاونية ذات محاور ثلاثة :

الصحة -التعليم-الاقتصاد ، لأمكن تسريع التحول التنموي والوصول للتميز التنموي. ومن المناسب ذكره هنا ، ما أشارت إليه الأدبيات الجديدة التي سلط الضوء على جوهرها المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي تحت عنوان : الاستثمار الاجتماعي. عدد من الأصدقاء ومنهم صديقي ناصر ،دخلوا المخيمات التدريبية التي أخضعت الملتحقين بها لمدة أسبوع للتعليم المكثف والتهيئة وتكوين العقلية الملائمة لهذا المفهوم الجديد الذي يمكن أن يجعل ميدان التحالف بين القطاع الخاص وغير الربحي ميدان خصب وذو إنتاجية ربحية وتنموية.

الآن، ذلك العدد (٢٠-٢٥ ألف مواطن ومواطنة) بحاجة لمنصة عمل تنموي الأفضل أن تكون بقالب يحقق التنمية ذات الأثر المستدام ألا وهو الاستثمار الاجتماعي. صديقي ناصر كان يظن أن الجمعيات سوف تكون جاهزة لاستقباله لكنه حاول في واحدة ثم الثانية، نعم جمعيتان ولكن لم يجد أياً منهما جاهزاً لتوطين الاستثمار الاجتماعي فيها فعاد إلى صومعته. إنني عندما كتبت هذه السلسلة من المقالات كان وقودي أمثال صديقي ناصر البارعين في الفكر المرتفعين في الهم والهمة لأجل تنمية ذكية وحقيقية، أحد مشاريع صديقي ناصر كان إعادة تدوير النفايات! 

عندما ننادي بتطوير الوضع الإداري وتحويل الجمعيات إلى منصات عمل ذات أنظمة وسياسات وأدلة إجراءات إنما نفعل ذلك لأجل أن لا تضيع الفرص التنموية التي تنتجها عقول شباب وشابات القطيف أولاً ثم تحرض عليها التحولات الوطنية الاقتصادية والاجتماعية.

هناك ٧٠  ألف شاب وشابة أعمارهم بين ٣٠-٣٩ في محافظة القطيف. هل بيئات الجمعيات الأهلية ترحب بهم وبأفكارهم وتوجهاتهم؟ هل تفتتحون بنوك فكرية لكي يتقدم هؤلاء الشبان بإيداع أفكارهم فيها ويأمنون عليهم أنها ستجد رعاية واستثمار حقيقي؟ ادعوهم واستمعوا إليهم فستجدوا منهم مئات كانوا بالخارج وتلقوا تعليمهم الجامعي أو ما بعد الجامعي في مختلف دول العالم من اليابان حتى كندا مروراً بأوروبا. على الأقل اجتهدوا لجذب ١٠٪ منهم = ٧٠٠٠ شاب وشابة سعوديين هممهم  خضراء كمزارع القطيف ولامعة كشواطئ القطيف. اسألوا صديقي حسين عما وجد في ٦٠ شاب وشابة تقدموا لهاكاثون التطوع في جمعية سيهات!( انظر الرابط أدناه)

كيف للجمعيات أن تعيد تنظيم البيت الداخلي في كل واحدة منها لكي تكون بيتاً للشباب وأفكار الشباب وذكاء الشباب؟ العمل هو أعظم علاج وقائي من كثير من الآفات التي تنتهي في آخر المطاف لهدم المقومات الاقتصادية والاجتماعية التي توجب الفقر والعوز وبالتالي الانضمام إلى فئات مستفيدي الجمعيات بشكل تقليدي! بدل أن يكون منتج للوطن أمسى مستهلك للمعونات .

إذن كلما ازدادت منصات العمل الحقيقي وكانت مرحبة بالشباب فنحن ضربنا عصافير تنموية بحجر واحد:

  1. حماية وقائية
  2. زخم فكري
  3. حيوية اجتماعية
  4. تنمية وطنية

لو أن الجمعيات تسترد دورها التنموي الحقيقي، وتركز جيداً ، وتعيد النظر في أهدافها الرسمية في اللائحة الأساسية لكي تسمح لها نظاماً بتبني برامج تنموية متعددة ولا تصطدم بالمنع الرسمي، وتبدأ في الاتصال والتعاون الجاد مع الجهات التالية:

  • شبكة القطيف الصحية وتحصل معلومات عن الصحة العامة للسكان المتوزعة ملفاتهم في ٣٠ مركز صحي ومستشفى مركزي
  • مكتب إدارة التعليم وتحصل معلومات عن ٣٠٠ مدرسة وأوضاع الطلاب فيها
  • الغرفة التجارية فرع القطيف والتعرف على أوضاع التجار
  • المنصة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية وتفتح كل جمعية حساب في المنصة وتبدأ في رفع فرص تنموية وتنشرها بين أوساط القطاع الخاص القاصية والدانية.

لو أن أعضاء المجالس العمومية في الجمعيات الأهلية يستردون دورهم الحقيقي ويركزون على وظيفة هذه المجالس لترشيد عمل مجالس الإدارة للقيام بما يلي:

  • إعادة تشكيل الهياكل التنظيمية
  • تدعيم صفوف الإدارة التنفيذية بذوي الكفاءة التخصصية
  • تمويل كاف لعملية التحول بأبعادها المختلفة : الرقمي – الإداري – الاستثماري
  • إصدار التقارير شهرياً عن التقدم أو عدمه والشجاعة في مشاركة الأسباب
  • الاستفادة من كل ذي عقل وذي همة حتى لو لم يكن ممن ينطوي تحت جناح معين
  • تحديث أدلة الحوكمة والالتزام الجوهري بما ورد فيها
  • نشر الخطط التشغيلية السنوية والأهداف المرحلية

وأخيراً ، قد تتوقف مقالاتي في شأن الجمعيات، إلا أنني أعلم أن هناك جهة لن تتوقف عما هو أكثر من مقالات، هناك جهة أعلنت قبل عام بالضبط عن تأسيسها وأمسكت بزمام إصلاح الجمعيات الأهلية بالقطيف حين اجتمع ٤٦ رجل وامرأة لتدشين جمعية اتقان العمل التنموي. تتبعت تصريحات براقة لقادة هذه الجمعية الكريمة إلا أننا بانتظار التعرف على آلية عمل شجاعة لهذه الجمعية وعلى المخطط الزمني لتحقيق أول النتائج الملموسة لا أن تكون جعجعة مضافة لا طحين لها!

مصير الجمعيات في مضمار التنمية لا يمكن أن يخرج عن أحد الاحتمالات:

  1. العكوف على العمل الرعوي وتطويره فحسب والاستقالة من مضمار التنمية
  2. المشاركة كشخصية اعتبارية مع آخرين لتأسيس جمعيات تخصصية جديدة
  3. دفع الثمن كاملاً لإنجاز التحول الحقيقي لمنظومة العمل لكي تكون تنموية

في ختام هذا السياق لا أنسى العاملين في أروقة كل جمعية بصمت وإخلاص على مدى السنوات لمسح دمعة يتيم أو إشباع بطن طفل أو إسناد ظهر أرملة أو إيواء مسن لا راعي له، أقبل أياديهم ، يداً يداً. كل ما دار في سلسلة مقالاتي لم يكن تقليل لشأن الأعمال المعتادة التي دمتم تقومون بها، بل لأجل توسيع نطاق العمل لكي يتمكن من احتواء ودعم أنماط جديدة من صعوبة العيش وأشكال مختلفة من الحاجة تنبثق من ظروف معاصرة وتحويل كل قابلية تنموية إلى نجاح تنموي عمراني وإنساني.

ـــــــــــــــ

١  https://www.saihatss.sa/news/%D9%87%D8%A7%D9%83%D8%A7%D8%AB%D9%88%D9%86-%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%8A%D8%AC%D8%AA%D8%B0%D8%A8-%D9%A6%D9%A0-%D9%85%D9%87%D8%AA%D9%85%D8%A7%D9%8B-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A/

اقرأ أيضاً:

جعجعة تنموية 4] هل تمارس المجالس العمومية دورها الحقيقي؟

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×