درب زبيدة.. أهم طرق الحج التاريخية في الجزيرة العربية خُطط بطريقة علمية وهندسية فريدة

رفحاء: واس

يعد درب زبيدة، من أقصر الطرق بين الكوفة والديار المقدسة، ومن أهم طرق الحج التاريخية في الجزيرة العربية، الذي سلكته القوافل التجارية قديمًا، ويتميز بدقة مساره واتجاهاته ومحطاته، حيث خُطط بطريقة علمية وهندسية فريدة، وأقيمت على امتداده؛ المحطات والاستراحات، ورُصفت أرضيته بالحجارة في المناطق الرملية، وأنهى معاناة الحجّاج مع الظمأ ولهيب الشمس في ذلك الزمن.

ذُكِرَ “درب زبيدة” في كتب الجغرافيين والرحالة القدامى من المسلمين وغيرهم، مثل الرحالة الليدي آن بلنت، في كتابها “رحلة إلى بلاد نجد”، كما ذكره ياقوت الحموي، وأبو إسحاق إبراهيم الحربي وغيرهم، من الذين رصدوا الأعلام، والمنارات، والمواقيد، التي حددت المسار من الكوفة إلى مكة، حيث يهتدي سالك الدرب ليلاً بالمواقيد والمشاعل، ونهاراً بالمنارات وعلامات “الرجوم”، إضافة إلى انتشار العديد من المواقع والمنشآت الأثرية؛ مثل الآبار، والبرك، والسدود، والقصور، والمساجد، وغير ذلك من المرافق الأساسية والعلامات المتعددة على طول الطريق.

من جانبه أوضح المرشد السياحي خلف الغفيلي، في تصريح لوكالة الأنباء السعودية “واس”، أن العلامات والمنارات على “درب زبيدة” التي يهتدي بها المسافرون على طول الدرب، مبنية من الحجر، بعضها مربع الشكل، والبعض الآخر دائري الشكل، وتسمى البريد والمشرف، والمسافة بين البريد وما يليه تقدر بنحو 12 ميلًا إسلاميًا ( 24 كيلومترًا )، وفي منتصف المسافة بين كل بريدين يوضع “المشرف”، والمشرف عادة أطول من البريد، وذلك لكسر المسافة بين كل بريدين، وكان يكتب على البريد لوحة موضح عليها رقمه والمسافة المتبقية بينه وبين البريد الذي يليه، وعدد البُرد بين الكوفة ومكة 758 ميلاً إسلامياً – الميل الإسلامي يساوي 2 كيلومتر-.

من جهة أخرة أكد الباحث في مجال الآثار والمؤرخ عبدالرحمن التويجري لـ”واس” أن درب زبيدة زود بالعديد من أعلام الطريق مثل المنارات ،الرجوم ،المواقيد، التي توضح المسالك التي يمر بها المسافرون ليلًا ونهارًا؛ وأشار إلى أن أبو إسحاق إبراهيم الحربي، يعد من أوائل الجغرافيين الذين رصدوا الأعلام والأميال التي تحدد مسار طريق حج الكوفة – مكة ، حيث رصد انتشار الأعلام في المناطق السهلية بشكل ملحوظ، وحدد المسافة بين العلم والآخر في حدود الكيلين أي ما يقارب الميل، كما تتقارب الأعلام في المناطق التي تتداخل فيها الطرق وتتفرق.

وأضاف أن تقارب الأعلام لبعضها يمنع تضليل المسافرين؛ كما بنيت الأعلام على التلال والمرتفعات الطبيعية بحيث يمكن مشاهدتها من مسافات بعيدة.