في لمح البصر.. أراد استرداد 350 ريالاً.. فسُرقت منه 140 ألفاً..! جواد: تجميد الحوالات واجب البنك.. وعليه تحمل مسؤولياته
القطيف: أمل سعيد
كان يظن نفسه في مأمن من سارقي “الكحل من العين”، بل يتعجب من أنه ما زال هناك من يقع ضحية المحتالين، لكنه عاش تجربة موجعة، واختبر فيها كيدهم ومقدرتهم على التسلل إلى الزوايا المعتمة ومن ثم الانقضاض.
ففي غفلة، لم تكن عابرة، سمح لأحد المحتالين أن يمد يده إلى جيبه ليأخذ منه ما يقارب من 140 ألف ريال، دون أن يدرك خطورة ما يقدم عليه، وما التفت إلا حين تحولت المبالغ من حسابه.
لم تدم تجربته أكثر من 48 ساعة، لكنها كانت كفيلة لأن تعطيه درساً قاسياً، يقسم أنه سيظل معه باقي حياته.
وفي تفاصيل الحكاية..
كان جواد يُجهّز حوض الأسماك في مزرعته، وقبل أسبوعين عثر على متجر إلكتروني يبيع أنواعاً من الأسماك، فقرر أن يشتري لينتعش الحوض بساكنيه، وحوّل مبلغ 350 ريالاً ثمن الأسماك إلى صاحب المتجر مقدما، وانتظر توصيل الطلب، وبعد أسبوع وصلت الأسماك لكنها ميتة، وحين تواصل مع البائع ماطل أياماً بجمل تتشابه في المعنى، بعد يومين، بعد بكره.. ، وبعد أن ضج من إلحاح جواد قال له ما عندي لك شي ثم حظره في وسائل التواصل الاجتماعي، عندها قرر جواد رفع بلاغ تجاري على صاحب المتجر.
يقول جواد “فتحت جهاز اللاب توب وكتبت في محرك البحث (بلاغ تجاري في وزارة التجارة)، فظهرت لي روابط كثيرة، ففتحت الرابط الأول، وكانت الصفحة لا تثير الشكوك أبداً، أدخلت بياناتي، الاسم ورقم الهاتف، ورقم الهوية، وملخص البلاغ”.
يكمل “في اليوم التالي وصلني اتصال من هاتف ثابت، في الرياض، وجاءني الصوت لشاب يتكلم بلهجة سعودية صحيحة، سألني أأنت فلان؟، قلت نعم، فعرف بنفسه على أنه يعمل في وزارة التجارة قسم الشكاوى، وأخبرني أنه متصل بخصوص البلاغ الذي قدمته، وطلب مني أن أذكر له التفاصيل”.
يقول جواد “كان الشاب لبقاً في الكلام وكأنه متمرس في مثل هذه القضايا، يسأل بمعرفة ويستمع باهتمام، بالإضافة إلى أنه يعرف معلوماتي، لذا لم يساورني شك في شخصيته إطلاقاً”.
يضيف “بعدما انتهينا من سرد الحكاية قال لي إن استرجاع الفلوس ممكن، لكن يجب أن نقوم بإجراء روتيني ومهم لإتمام عملية استرداد الحوالة، وهي أن نقوم بعمل تعريف لكل الأموال في حسابي عبر لجنة التعريفات المالية في البنك المركزي، ثم يتم استرداد المبلغ من صاحب المتجر”.
يكمل “وافقت وأنا أفكر في أنني سآخذ حقي من الرجل الذي نصب علي في مبلغ 350 ريالاً، وظن أنه نجا من العقاب وأخذ مالاً لا يحق له أخذه، ثم قال تعريف الأموال يتم عن طريق التطبيق الذي سأرسله لك، وكل ما عليك هو أن تحمّله في جوالك واللجنة ستقوم بتعريف الأموال”.
يقول جواد “حمّلت التطبيق وحاولت أن أفتحه لأسجل فيه ولم أستطع، وكان الرجل الذي يدعي أنه من وزارة التجارة يتصل بي بشكل مستمر، ليتأكد من نجاح ما أقوم به، وأخبرته أنني كلما أدخلت بياناتي يرفض الجوال التسجيل في التطبيق، فأخبرني أنه في هذه الحالة يتوجب عليّ أن أفعل ذلك بنفسي وأن أقوم بتحويل جميع الأموال في حسابي، لكن على دفعات، إلى حساب في البنك المركزي في لجنة التعريفات، ليتم تعريفها ثم ترتد بحوالة عكسية إلى حسابي”.
يتأسف جواد كثيراً وهو يسترجع ما حدث ويكمل “كانت الحوالة الأولى بـ 19 ألف ريال، ثم حوالة بـ 50 ألف، ثم حوالة بـ 50 ألف أخرى، والأخيرة كانت بـ 19 ألف أيضاً، كل ذلك والنصاب معي على الهاتف”، ويستدرك جواد كلامه “كان وضع المكالمة على الميكرفون.
وقتها دخل أخي وسمع جزءاً من المحادثة، فنبهني تنبيه نائم (أخوك هذا نصاب)، وأغلق السماعة، فعاود الرجل الاتصال وقبل أن أرد عليه برر أخي كلامه (كيف موظف في وزارة التجارة يبقى وياك كل هالوقت، ويلح في الاتصال، أو يطلب منك أن تحول له فلوس)، وصدقاً سمعت صوت أخي كأنه ماء بارد صُبَّ على وجه نائم، فاستفقت وشعرت أن الدم سُرق من عروقي”.
البنك المركزي
يكمل جواد “لحظات استعدت فيها كل ما حدث، منذ أول اتصال إلى اللحظة التي كنت فيها، فعلاً.. كيف غفلت عن كل هذه الإشارات، كيف استجبت له، عندها بدأت البحث عن رقم البنك الذي أتعامل معه، وتواصلت معهم حكيت القصة، وكل ما قالته السيدة التي أجابتني، نحن الآن رفعنا لك شكوى، وراجع البنك غداً، لتأخذ كشف حساب وتذهب به إلى الشرطة، سألتها وأموالي، قالت ما نقدر نسويلك شي، لقد تحولت الأموال إلى بنك المستفيد”.
يستعيد جواد إحساسه بالغضب ويستأنف سرد حكايته “لم أقتنع بالإجراء، وكنت أحدث نفسي أنا حولت أموالي إلى جهة ما، خطأ، أو غباء، أو سهواً أياً يكن، كيف لا أستطيع استردادها ولم يمض وقت على التحويل؟
هل أنتظر إلى أن يتم تحويلها إلى جهة أخرى؟، وهنا كان البنك المركزي هو وجهتي التالية، اتصلت ورد عليّ الموظف، ومرة أخرى أعدت عليه القصة مسرعا، وكأني أسابق المحتال الذي أتخيله يحمل نقودي شارداً بها، فقال لي سوف نحاول تجميد الحوالات وإن شاء الله ما يكون تصرف فيها، إضافة إلى تجميد الحساب احترازيا”.
يكمل جواد “انتهت مكالمتي مع موظف البنك المركزي وأنا آمل أن يتمكنوا من تجميد الحوالات، وفي اليوم التالي استفقت باكراً، وأنا في طريقي إلى البنك رأيت عجوزاً أعرف أنه على باب الله، فتوقفت عنده وسألته أن يدعو الله أن يُرْجع عليّ ضالتي ومشيت وهو يدعو، وحين وصلت فرع البنك الذي أتعامل معه طلبت كشف حساب، فلم يوافقوا معللين ذلك بأن حسابي مجمد من البنك المركزي ولا يمكن إعطائي الكشف، قلت لهم أنا من طلب تجميد الحساب لأنني تعرضت للسرقة، وأحتاج الكشف لأرفع دعوى في قسم الشرطة، ولم يغير كلامي أي شي في قرارهم”.
قضايا متكدسة
يكمل “خرجت من البنك وتوجهت إلى قسم الشرطة، وطلبت منه رفع الدعوى لكنه قال: لا يمكنني أن أسجل شكواك دون إثباتات، آتني بكشف الحساب ثم نفتح لك ملف، قلت له ما حدث وأنا حانق من كل شي، فقال لي: هوّن عليك، أتظن أنك حين ترفع شكواك الآن ستعود لك أموالك؟!.
وأشار إلى كومة كبيرة من الورق إلى جانبه وقال: كل هذه قضايا نصب واحتيال، لحد الآن لم نستطع أن نصنع شيئاً لأصحابها”.
لطف الله الخفي
يقول جواد “تركت الشرطي وأوراقه وأنا يائس من مقدرتي على صنع شيء، مسلّم أمري لله، وبين لوم نفسي ولوم موظفي البنك قطعت الشارع المؤدي إلى البيت، وأنا في هذه الحال وصلتني ثلاث رسائل في صندوق الوارد، فتحت جوالي وإذا بها حوالات واردة بنفس المبالغ الثلاث الأخيرة، 19 ألف، 50 ألف، ثم 50 ألف أخرى، وأنا بين مصدق ومكذب، دخلت البيت وأعطيت جوالي لأمي لتتوثق مما رأيت، فأكدت أنها حوالات واردة، ولزيادة الاطمئنان ذهبت من فوري إلى البنك أستعلم عن الرصيد فأخبرني الموظف أن 3 حوالات من أصل 4 تمكن البنك من استرجاعها، أما الأولى لم تسترجع ربما لأنها تحولت من البنك، خرجتُ من عنده وأنا أحمد الله كثيراً على لطفه بي ومنه عليّ، فلقد عادت 120 ألف ريال إلى حسابي بعد أن استعوضت الله فيها”.
تجميد الحوالات
يُقال في الحِكم: مرارة التجربة تكسبك حصانة أبدية.
فبعد هذه التجربة زاد بحث جواد في القوانين التي تنظم التعاملات البنكية، يقول “بحثت في دليل مكافحة الاحتيال المالي في البنوك والمصارف العاملة في المملكة العربية السعودية فوجدت مادتين مهمتين في حالات كالتي حدثت معي وهما (3-19 وَ 3ـ20)
الأولى: تجميد المبالغ في حال الإشتباه بأن التعاملات المالية لأحد الحسابات ناتجة عن عملية احتيالية إلى حين التحقق من سلامة مصدرها.
الثانية: التعاون مع البنوك الأخرى في حال تلقي طلب بتجميد المبالغ من أحد البنوك وتوافرت مبررات الإشتباه. وتقع مسؤولية التجميد وتبعاتها على البنك طالب التجميد.
وكلتا المادتين لو عمل بهما لأمكن استدراك الكثير من عمليات النصب، أما أن يجيبني موظف البنك بجملة رفعنا لك شكوى، فهذا ليس حلا بل تضييع وقت الحل”.
اقرأ أيضاً
ماذا أقول غير الله لا يبلانا، و كيف لك أن تثق أين عقلك؟؟؟؟؟ ما الذي دهاك ؟!!
تأكد دائماً ممن حولك إن لم يكن علم بموثوقية المواقع الرسمية أو غيرها.
خسرت مبلغك البسيط و دفعت أضعاف مضاعفة بغلط.
يجب عليه ان يكرم المرأة الفقيرة التي دعت له