أيها القطيفي.. لا تخجل من قول “أبوك استحرَگـ فيكْ”..! بشهادة اللغويين: حكّ الأسنان عند الغضب هو "الحرق" و "الاستحراق"
بطمأنينةٍ وهدوء؛ يُمكنني التقرير بأن كلمة “استَحْرقْ” مفردةٌ ذات أهمية دلالية وبلاغية أصيلة في اللهجة الدارجة في القطيف وبعض مناطق البحرين..!
“استحرقْ” تعني “غضب”. والكلمة وشيكة الانقراض. والأجيال الشابّة لا تستخدمها تحرُّجاً من إيغالها الشعبيّ الذي يبدو ركيكاً في الذائقة.
الذي يقودني إلى الطمأنينة؛ هو وجود دليلين على صلة بمادة الكلمة “حَرَق” في بعض معانيها المعجمية.
الأول: حرق الأسنان:
يقول الأزهري “الأَزهري: الليث الحَرْقُ حَرْق النابَيْن أَحدهما بالآخر”. أي حكّ نابَيْ الأسنان. وهذا الفعل يتمّ عند الغضب.
هناك أيضاً “في الحديث: يَحْرقُون أَنيابهم غَيْظاً وحَنَقاً أي يَحُكُّون بعضها ببعض. ابن سيده: حرَق نابُ البعير يَحْرُقُ ويَحْرِقُ حرْقاً وحَريقاً صرَف بِنابِه، وحرَق الإنسانُ وغيرُه نابَه يَحرُقه ويَحْرِقُه حرْقاً وحَرِيقاً وحُروقاً فعل ذلك من غَيْظ وغضَبٍ“.
الثاني: استشاط
“شاطَ يَشيطُ شَيْطاً وشَيْطُوطَةً وشِياطَةً، بالكسر: احْتَرَقَ”. ويقال “اسْتَشَاطَ عليه: التَهَبَ غَضَباً”. وما حدث ـ هنا ـ هو دخول “است”، لتتحوّل دلالة “الحرارة” فيزيائياً إلى “غضب” نفسياً.
القاعدة، ذاتها، يمكن تطبيقها على “استحرق”، فـ “حرَق” تعني اللهب. يقول ابن الأعرابي “حرَقُ النار لهَبُه” خاصة أن “التحرُّق والحُرقة” هما الحرارة، وليس الاحتراق. و “التحرٌّق” يأتي بمعنى الغضب، أيضاً.
وابن منظور شرح الحديث “إِذا اسْتَشاطَ السُّلْطان تَسَلَّطَ الشيطان”؛ فقال “يعني إِذا استشاط السلطان أَي تحرَّقَ من شدَّة الغضَب وتلهَّب وصار كأَنه نار تسلَّط عليه الشيطانُ فأَغْراه بالإِيقاع بمن غَضب عليه، وهو اسْتَفْعَلَ من شاطَ يَشِيط إِذا كاد يحترق”.
هذا كلّه يقودني إلى أن كلمة “استحرق” هي تصريفٌ من “حرَق” متصلٌ بدلالة “الحرارة” التي تحمل دلالة مجازية “الغضب”.
والله أعلم.
حبيب محمود