سيرة طالب 91] دعاء السيد السيستاني.. وعلاج سلوفاكيا وداركوف

الشيخ علي الفرج

بعد أن وصلت إلى التدريس والدراسة والمباحثات والمذاكرة الدقيقة في أروقة الحوزة العلمية أصابني المرض (الجلطة الدماغية)، وبعد المعاناة رجعت إلى القهقرى وإلى التعليم البدائي والحروف الهجائية.. كان هذا المرض، هو أن تفتح عينيك وإذا بلحظة واحدة سقطت من سلم الحياة، وأصبح المنال هو أن تصل إلى سفح الجبل الكؤود.

وبدأت مرة أخرى المشي على الأشواك الصعبة، ومرت الأيام بعد الأيام، والشهور بعد الشهور، والسنوات بعد السنوات، إلى عشر سنوات، أما أنا فخوض الحياة وتعبها مرة أخرى، أعاني في النطق والتواصل، وأعاني بطء العقل، وأعاني الإعاقة الشديدة التي قد يقهقه عليك بعض الأطفال بسببها.

أما بعض الرجال فينظرون لك بأسلوب هابط إذا مشيت في الشارع، والبعض إذا تكلم معك رفعوا صوتهم.. يا للبؤس…!

لكن لا أنسى ولن أنسى رب الأرباب المتلطف الذي أيدني باللطف والمدد، واستجاب لأدعية العلماء والمؤمنين، حتى قال بعض الشباب: كنتُ جالساً في مجلس المرجع السيستاني (دام ظله)، فذكر أحدهم مرضك وطلب من السيد أن يدعو لك، فرفع كفيه نحو السماء ودعا لك بالشفاء.

كنت صابراً محتسباً لا تمر عليّ ولا لحظة باليأس والضجر بما أصابني، ولكن مرت عليّ لحظة واحدة في وقت العصر هجم عليّ الاكتئاب بسبب الدواء والعزلة، وإحساسي بأن نافذة الغرفة هي كالسجن، وبهذا وذاك بكيت بكاء المنهك، لحظة من الطيف استغفرت الله، وابتعدت عن الانهيار النفسي والمرض البغيض وهو الاكتئاب، واضبطت حالي وهدأ بالي، فبكيت بكاء الطفل أمام أمه، بكاء العابد إلى المعبود، بكاء المحبوب إلى المحب.

سلوفاكيا أحيتني بإذن الله

سافرت مع أقربائي مرتين إلى دولة (سلوفاكيا) للعلاج، وكانت هذه الدولة تعالج المريض شبه الميت فتحييه بإذن الله، أنا منهم كنت شبه الميت فأحيتني بإذن الله، علاج متميز، وشعب طيب طيب القرى.

من الأمثلة الحية في العلاج لهذه الدولة هو العلاج بالطين، يرتمس جسدك تحت الطين الطبيعي الحار نوعاً ما، ثم يجعل خرقة بيضاء ملفوفة على كل جسدك إلا رأسك، تنتظر نصف ساعة، وإذا غسلت جسدك وفتحت مساماتك فكأنما أنت كالطائر، خفيف الطيران، ويكرر هذه الحالة حتى تشفى جزءاً ما.

السلوفاكيون يجيدون طبخ العلاج، وأتذكر – ولا أنسى أبداً – أنني بعد أن رجعت من هذه الدولة العزيزة استقر بي الحال في بلدي، واشتركت في علاج عيادة (داركوف) في سيهات، وهذا العلاج يشبه علاج سلوفاكيا أو الشيك، ولكنه مصغر جداً.

كنت يوماً من الأيام ذهبت إلى عيادة (داركوف) فقال لي الممرض السيهاتي: تفضل انزل إلى ماء الحوض الكبريتي.

نزلت نزلة طبيعية فارتطمت أعضاء جسدي بالماء الحار جداً.

فقلت له: الماء حار جدا، فكأنما هو يلظي.

فقال: توكل على الله، انزل.

ونزلت نزلة الانشطار.. سبع دقائق تقريباً أحسست بأني سأهلك بمعنى الكلمة، فخرجت وأنا أترنح، كأنما كاد يشنقني حبل الماء بحرارة سيئة، ولما رأى الممرض حالتي، قال لي ببرود: صحيح الماء حار.

ودخلت الغرفة الثانية فرأيت الممرضة التشيكية تنتظرني بتعجب، فقلت لها: أنا الآن غير قادر على أن أتحرك.

قالت: ما هو السبب؟

فقلت: سبحت بسباحة كادت تهلكني.

قالت: من الذي فعل بك هكذا!!

فلت: فلان.

وذهبت لتعاتب الممرض السيهاتي.

ومر عليّ يومان وأنا مريض كمرض الطوارئ، ومن أسوأ أيام حياتي.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×