بعد نجاتها من سرطان الثدي.. الدكتورة هنادي تنصح كلّ أربعينية بالفحص سردت تفاصيل المواجهة من الإصابة إلى الشفاء

القطيف: ياسمين الدرورة

لا يستطيع الإنسان أن يتخطى تجارب الحياة التي اخترقت كيانه، وتركت أثراً في وجدانه، دون أن تصنع منه شخصًا جديدًا .

هنادي غزال، طبيبة أسنان تعمل في القطاع الصحي، تسكن مدينة الدمام، أم لثلاثة أبناء. سردت قصتها وكيف كانت على موعد مع تحدٍّ غيّر مجرى حياتها. والقصة الكاملة مسرودة في مقطع فيديو نشره التجمع الصحي في المنطقة الشرقية.

 الصدفة أم القدر..؟
تقول “ذات يوم دخلت علي صديقتي المقربة “فاطمة” المكتب لتخبرني بنبرة صوت منخفضة يشوبها الخوف والإنكار، لأنها تشعر بوجود شيء يشبه الكتلة في صدرها.
لحظتها فتحت عيني في دهشة لم أستطع معها أن أتفوه بكلمة واحدة ربما لأنها طبيبة سأصدق ما تختبره دونما شك”.
تضيف ” بعد ذلك تابعت بقلق و اهتمام بالغ مواعيدها على مدى أسبوعين حتى أطمئن على سلامتها وأن حالتها تستدعي المتابعة فقط كإجراء روتيني أما بقيت الأمور فهي بخير”.

بين الشك واليقين شعرة
كان قد مضى أسبوعان من قصة صديقتي إلا أن هواجس القلق بدأت تنتابني، أصبحتُ معها أكثر حرصاً على تفقد نفسي، كنت أتحسس صدري في الفحص السريع مرارًا محاولةً تكذيب أناملي لكن وجود كتلة بصدري كان واقع أصدق من رغبتي.
سارعت إلى زوجي استنجد بكذبة أرغب بشدة بسماعها منه لكن لم تسعفه الكلمات في طمأنتي ، وكأن موقف صديقتي يتكرر لكن مع فارق الأشخاص ، تلعثمت حروف كلماته بين النفي والشك في آن واحد.

الانتظار
كانت نهاية شهر رمضان المبارك العام الماضي وكان عليّ الانتظار لبضعة أيام قبل انقضاء عطلة عيد الفطر كي أتمكن من حجز موعد بالمستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة، مرت العشرة أيام ثقيلة ،كان كل يوم فيها يهز طمأنينة قلبي.

فحوصات معتادة

بدأت رحلة المواعيد في عيادات كنتُ أخشى حتى النظر إلى لافتاتها سابقاً ولم أتوقع يومًا أن أحتاج إليها.

البداية كانت بفحص الماموجرام وهو جهاز آمن ولم تتجاوز مدة الفحص 20 دقيقة، بعدها بإسبوع تواصل معي قسم الأشعة لإعطائي موعد آخر لعمل الموجات الفوق صوتية (الالتراساوند) حتى الآن كانت الخطوات روتينية ولا خطر واضح إلإ أن النتيجة لم تكن حاسمة أيضاً واضطروا معها لطلب خزعة.

هنا بدأت أشعر بالقلق من جديد، لكن مازال هناك احتمال أن تكون مجرد كتل حميدة أو تكلسات لا غير، كما حدث مع صديقتي، لا شيء مؤكد.

مواعيد كثيرة و مشاعر مرتبكة

تكمل غزال قصتها “بعد أيام كنت جالسة في مكتبي عندما تلقيت اتصالًا توقف معه الزمن لوهلة، حدثت نفسي أنه مجرد موعد أشعة للبطن والصدر، أعقبه اتصال آخر في أقل من عشر دقائق لم أتمكن من خلالها استحضار أي نوع من المشاعر يجب أن أشعر رافقه ضجيج عقارب الساعة كان موعد آخر لأشعة العظام.

وفي لحظة ارتباك شعرت بيأس مفاجئ ،بدأتُ أدرك ما وراء التساؤلات.. جال في خاطري لم يعد هناك داع لانتظار نتيجة الخزعة، مع هذين الموعدين تكاد تكون النتيجة واضحة.

محطات لطف

كنت بحاجة لشعور الطمأنينة أو ربما لشخص يلملم مشاعري وأفكاري المبعثرة، في لحظة إلهام وجدت نفسي ألجأ لصديقة لم تكن على قائمة الطوارئ، ولحسن الحظ أنها أجابت مباشرة رغم انشغالها الدائم، كانت كلماتها كالماء البارد الذي صب على قلبي فهدأ روعي.
تمكنت بعدها من تنفس الصعداء وإكمال يومي بسلام رغم أجيج نار القلق الذي اشتعل في صدري واعتصر فؤادي، كانت تلك المكالمة محطة فارقة في أيامي القادمة.

في انتظار أسوأ الاحتمالات

محطة أخرى في قسم الأشعة، و جندي آخر بجهاز امتصاص الأشعة الذي علقه ناحية قلبه وقف ليطمئنني في مرحلة التشخيص وإلى أين وصل المرض في جسدي ونال منه.
كان يحدثني بقلبه، وتمكن بمهارة رفيعة المستوى احتواء قلقي، الأمر الذي دفعني للسجود شكراً لله على رصيف المستشفى.

نتائج الأشعة
خرجت من عنده ممتنة وسعيدة بكلماته على قدر سروري بنتائج الأشعة. قال لي: “كل صعب هناك ما هو أصعب منه صحيح !!، بالإمكان القول إن جميع نتائجك سليمة ومطمئنة باستثناء أن لدينا هنا مشكلة صغيرة يمكن تدبر أمرها”.
اتصلت بأختي لأعلمها، سعدت بفرحتي لدرجة أنها قالت لي: “الحمدلله الحمدلله مبروك، (بس) سرطان بالثدي”.

رحلة العلاج

حاولت أن أبقى ثابتة وقوية كانت مرحلة المرض تستوجب البدء بالعلاج الكيميائي علاج كان علي تحمل ثقله لمدة تسعة أشهر. مرحلة شعرت معها بضعفي، كنت أفقد معها أجزاء من روحي ذلك التعب المستمر، شعور الغثيان البشع وتساقط خصل شعري.

بذلت قصارى جهدي في التكتم على موضوع مرضي، لبست الملابس الملونة، وأخفيت شحوب وجهي من العلاج الكميائي بمساحيق التجميل؛ كي لا ينكسر أو يحزن قلب أمي، شعرت بالإشفاق والخوف عليها لو تكشف أمر مرضي.

التدخل الجراحي

لم يكن العلاج الكيميائي في حالتي كافيًا فكان القرار الأنسب هو التدخل الجراحي، فأجريت العملية التي تكللت بالنجاح ولله الحمد.

وكان لوقوف زوجي وأخواتي بجانبي ووجودهم معي كل يوم وفي كل لحظة الفضل في استرداد عافيتي بعد مشيئة الله ورحمته.

التعافي والعودة للحياة

“كانت فرحتي أكبر من أن توصف، عندما أخبرني طبيبي بأني أنهيت مراحل العلاج على خير، حمدت الله كثيراً على لطف أقداره”.

انتصرت هنادي وكانت أقوى من المحنة. عادت للحياة بشجاعة محارب منتصر بعد الكثير من الصبر والأمل. وهدفها اليوم أن توصل صوتها لكل سيدة وتخبرها بأن لا تتوانى في الاطمئنان على صحتها وأن تبقى دومًا كشعاع شمس مشرقة لا يخبو نورها وشجرة مزهرة تعانق أحلامها السماء لا يقتلها خوف ولا يكسر أغصانها مرض.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×