1] المشاريع الجينية: نحو فهم الجذور و “الترسيم” علم بدأ في الخمسينيات.. ثم هبط إلى الهواة

علي الشيخ احمد

في عالم يتسم بالتقدم العلمي والتكنولوجي السريع، أصبح فهمنا للهوية والأصول أكثر تعقيدًا وتنوعًا. وتأتي المشاريع الجينية كمبادرات اجتماعية رائدة تهدف إلى استكشاف السلالات الجينية للأفراد في منطقة الخليج وما حولها. من خلال تحليل الحمض النووي، تسعى هذه المشاريع الجينية إلى تحديد الانتماءات الجينية، والكشف عن العلاقات بين الأقارب البعيدين، وفهم الأصول التي ينحدرون منها.

هذه المشاريع لا تهدف فقط إلى تعزيز المعرفة الجينية، بل تسعى أيضًا إلى بناء جسر بين الماضي والحاضر، وربط الأجيال ببعضها البعض.

في الأصول والأنساب

بدأ استخدام الجينات في علم الأصول والأنساب مع التقدم الهائل في فهمنا للحمض النووي وتقنيات تحليله. في عام 1953، اكتشف العالمان جيمس واتسون وفرانسيس كريك بنية الحمض النووي المزدوجة الحلزونية، مستندين في عملهما على أبحاث روزاليند فرانكلين وموريس ويلكنز. هذا الاكتشاف فتح آفاقًا جديدة في مجال الوراثة والجينات، ومهد الطريق لفهم كيفية انتقال الصفات الوراثية عبر الأجيال.

مع تطور تقنيات التحليل الجيني في الثمانينيات والتسعينيات، أصبح من الممكن تتبع الأصول الجينية للبشر بدقة أكبر. في عام 1987، قام العلماء ريبيكا كان ومارك ستونكينغ وألان ويلسون من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، بنشر دراسة رائدة استخدموا فيها الحمض النووي للميتوكوندريا (mtDNA) لتتبع الأصول الأمومية للبشر. أظهرت هذه الدراسة أن جميع البشر الحاليين ينحدرون من سلف أنثى مشتركة، عُرفت باسم “حواء الميتوكوندرية”. هذا العمل كان نقطة تحول في فهمنا للتطور البشري والهجرات القديمة.

تبع ذلك استخدام تحليل كروموسوم Y لتتبع السلالات الأبوية في التسعينيات. كان من بين الرواد في هذا المجال العالم مايكل هامّر من جامعة أريزونا، الذي استخدم كروموسوم Y لدراسة الأصول الأبوية والتنوع الجيني بين المجموعات البشرية. أضاف هذا التحليل بعدًا جديدًا في دراسة الأنساب والأصول، حيث يمكن الآن تتبع الخطوط الأبوية عبر الأجيال.

مع إطلاق مشروع الجينوم البشري في عام 1990، الذي كان تعاونًا دوليًا بين العديد من الجامعات والمؤسسات البحثية مثل المعهد الوطني للصحة (NIH) في الولايات المتحدة ومعهد سانجر في المملكة المتحدة، أُتيح فهم أعمق للتنوع الجيني بين البشر. اكتمل المشاريع الجينية في عام 2003، مما ساهم في تحديد التسلسل الكامل للجينوم البشري وتوفير قاعدة بيانات هائلة للعلماء.

هذه الجهود المشتركة من العلماء والمؤسسات البحثية أسهمت في تحويل علم الأنساب الجيني من مجال نظري إلى أداة عملية يمكن استخدامها لفهم الأصول البشرية والتاريخ السكاني.

إن استخدام الجينات في علم الأصول والأنساب يمثل ثورة في فهمنا للتاريخ البشري. بفضل جهود العلماء مثل جيمس واتسون، فرانسيس كريك، روزاليند فرانكلين، ريبيكا كان، ألان ويلسون، مايكل هامّر، وبريان سايكس، وبفضل مساهمات الجامعات والمؤسسات البحثية، أصبح من الممكن تتبع الأصول الجينية للبشر بدقة غير مسبوقة. الكتب المرجعية في هذا المجال توفر للمهتمين فرصة للتعمق وفهم التأثير الكبير الذي أحدثته هذه الاكتشافات على علم الأنساب والتاريخ البشري.

يُتبع غداً:

ماذا عن مشروع الجينوم السعودي..؟

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×