أمل كيدار.. أقوى من السرطان هاجمها في الغدد اللمفاوية وخاضت رحلة طويلة.. نحو الانتصار
القطيف: ياسمين الدرورة
مساء البارحة كانت في كورنيش الناصرة، لتروي قصتها..قصة السرطان الذي اختار غددها اللمفاوية، ومع ذلك هزمته بإصرارها..
أمل حسن آل كيدار، زوجة و أم لثلاثة أبناء من محافظة القطيف، تفاصيل رحلتها امتدت سنواتٍ، وصفتها بأنها قصة أمل وثقة بالله ختمت بالشفاء.
وقالت أمل لـ “صبرة”: “أتذكر أنني لطالما عانيت من متاعب صحية، وكانت مناعتي ليست بالقوية في مراحل عمرية مختلفة، وقبل الفترة التي سبقت “كورونا” لاحظت وجود إفراز بسيط من الصدر، وكنت حريصة على الفحص السنوي، فأجريت فحص الماموجرام وبعد ثلاثة أيام أخبروني بأن النتيجة ليست حاسمة وأنني أحتاج إلى إجراء الأشعة فوق الصوتية.”
كورونا والحجر
وأضافت آل كيدار “حدث ما حدث وتوقفت عجلة الحياة، وأغلقت جميع المواعيد بسبب وباء كورونا، ثم مضت أشهر لم يكن قلبي مطمئناً، كان هناك شعور يدفعني إلى المراجعة رغم أن الأمر قد يكون مجرد إلتباس، وعندما عادت الأمور إلى مجراها الطبيعي طلبت موعد آخر للفحص والاطمئنان”.
الأشعة التليفزيونية
وتابعت آل كيدار “وردني بعدها اتصال من مستشفى الملك فهد التخصصي أخبروني فيها ببضرورة إعادة الفحوصات لعدم وضوحها، حينها شككت بالأمر، وفي الأشعة التلفزيونية أخذت الاختصاصية بالنظر إلى الشاشة وقد قطبت حاجبيها وعبس وجهها قليلًا، جلست خلف مكتبها وهي تتنهد، لاحظت أن البياض في الصورة أكثر من السواد، فذكرت لي أنّ الأنسجة سميكة ويوجد بعض التكتلات وهي تشير إلى اللون الأبيض، وتريني بعض البقع الدائرية، وذكرت أن التقرير يستغرق بعض الوقت، و في نفس الموعد تم أخذ تحاليل إضافية و خزعة من المنطقة، وأخبروني ألا أقلق، و أن جمعيها فحوصات لزيادة الاطمئنان، وأنهم يشكون بأمر سيتحققون منه”.
التهيؤ لما سيكون
وسردت آل كيدار التفاصيل “قدت سيارتي وذهبت وحدي لأخذ النتيجة دون علم أحد، حدثت نفسي بأن الله إذا قدر لي المرض سأحتسب الأجر وأصبر، أعلمني الطبيب بطريقة مباشرة وبدون أي مقدمات أن الورم في منطقة الصدر هو ورم سرطاني لمفاوي يجب البدء بعلاجه، تماسكت لحظتها وخرجت من المستشفى أجر قدمي وأنا أحاول مغالبة الصدمة، بقيت صامتة لا أعلم لحظتها هل كانت لحظة قوة أم لحظة إنكار، رفعت رأسي إلى السماء وحمدت الله على هذا الابتلاء، وذكرت ما عاهدت نفسي عليه، كنّت متيقنة أن الله اختار لي هذا الامتحان كي ينقيني مِن الذنوب وحتى أقابله طاهرة نقية بلا شوائب.”
دعم العائلة
وأكملت حديثها “لم يصبني اليأس أو الضعف يومًا، وكان وقوف زوجي بجانبي وأبنائي أكبر داعم لي، عندما عانيت من تساقط الشعر بعد العلاج الكيماوي تضايقت وأصبت بالإحباط وقتها الإ أن بناتي و أخواتي كن معي على الدوام يدعمنني قبل كل جلسة وبعدها، وكذلك زوجي”.
بين الجفاء و الإشفاق
وقالت آل كيدار “كان هناك صديقات تأثرن للغاية بعد سماع خبر مرضي، لدرجة أنهن تجنبن الاتصال بي أو التواصل معي بأي شكل، لم يتحملن فكرة أنني مصابة بالسرطان، وربما اتألم، لم يتمكن من مشاطرتي التجربة، لكنني استمحت لهن العذر، وشعرت بالألم والخوف الذي يُخفينه لدرجة أنهن لا يرغبن بالاتصال، وبعض المكالمات التي وردتني كانت غير داعمة أبدًا وكأن الموت يرفرف بجناحه فوق رأسي، البعض كن يودعننّي، والبعض لم يستطعن الكلام بنبرة حيادية، كانت كلماتهن إشفاق لم أكن بحاجة إليه، تجاهلت هذه النوعية من المشاعر لأنني كنت بحاجة إلى التفاؤل والشجاعة.
رحلة علاج طويلة
وأضافت “مررت بكل مراحل العلاج، ابتداءً بالجراحة، حيث أعلمني الطبيب أن ثمانية غدد من أصل 25 مصابة بالسرطان، مما سيضطرّهم إلى إزالة الغدد اللمفاوية كاملة في منطقة الإبط، تلتها مرحلة العلاج الكيماوي ثم الإشعاعي للقضاء على أي بقايا سرطانية، تبعها العلاج البيولوجي لكن جسمي لم يتحمله، فقرر الإطباء البدء معي بالعلاج الهرموني بخطة علاجية لمدة 7 سنوات.
زفاف ابنتي
وأكملت “كانت ابنتي الثانية مخطوبة إلا أنها رفضت أن تقيم حفل زفافها قبل أن أتعافى، وفعلاً أجلته بضعة أشهر صممت فيها على التعافي بسرعة، وفي زفافها تزينت وغطيت رأسي بشعر مستعار لأبدو أمامها في يوم فرحتها بأبهى صورة. “
أمل بين أروقة المستشفى
وتابعت “تلك القصص المباشرة والتفاصيل التي تشاركناها في أروقة مستشفى التخصصي على أسرته البيضاء جعلتنا نشجع بعضنا ونتفاءل بالحياة، و كنت أتعجب وأشعر بالسعادة في نفس الوقت عندما يقابلني نفس الأشخاص وهن في انتظار رؤيتي بشوق وحماس، ويؤكدن أن كلامك في الجلسة الماضية بدد خوفنا و أضاء الأمل في قلوبنا، وشجعنا على الاستمرار بالعلاج، كانت نظرات عيونهن وكلماتهن وسامًا فخريًا يشعرني أنني فراشة تنشر السعادة والأمل، وكنت أؤمن أنه يجب علي دعم نفسي ومن حولي، وكذلك من هُن في مثل وضعي ممن لم يتجاوزن مرحلة الخوف و يتقبلن المرض ومتاعب العلاج.”
الاستعداد قبل الجلسة
وأضافت آل كيدار “كنت أستعد بما فيه الكفاية قبل جلسة العلاج بيومين، أقود سيارتي وأقف بمحاذاة أمواج البحر وأنا استنشق هواءه واملأ روحي بنقاءه، كانت المناعة تنخفض بعد الجلسة وأبقى ضعيفة واهنة بلا طاقة تسعفني حتى للنهوض، ثم ينبغي علي الذهاب لأخذ إبر رفع المناعة لسبعة أيام متتالية بالمركز الصحي القريب من منزلي.”
الأمل في شال
واستطردت “كانت فترة العلاج طويلة ولم أرغب أن انغمس في التفكير، أخرجت خيوط صوفية ملونة كنت خبأتها في صندوق منذ أكثر من 11 سنة، أمسكت الصنارة وبدأت أستعيد خفة يدي وقررت بحماس وطولة بال صنع شال كبير، كانت ألوانه الجذابة تلفت الأنظار عندما أتلحف به و أعتز به لأن حياكته كانت تمنحني الأمل، وألوانه تذكرني بشجاعتي رغم أنني بعد الشفاء صنعت غيره لكنه كان مختلفاً فهو أول قطعة صنعتها، حكت بعدها الكثير من القطع وملابس الصغار المليئة بالألوان.”
العيادة الرياضية الجماعية
وأضافت “بعد التدخل الجراحي كان يجب علي معرفة كيف أعتني بنفسي واستعيد حركة ذراعي، زودني المستشفى التخصصي بالتعليمات وكافة الإرشادات، لكنني لم أكتف بذلك وطلبت من طبيب الأسرة في المركز الصحي تحويلي إلى العيادة الرياضية بمركز التوبي، كنت سمعت أنهن يقدمن برنامج تأهيلي متكامل للمتعافيات، بدأت رحلة التأهيل منذ قرابة العام مع اختصاصية العلاج الطبيعي عقيلة العوامي التي كانت مصدر أمل وطاقة إيجابية”.
شوق وتحدٍّ
واختمت تفاصيل قصتها قائلة “فكرة العلاج الجماعي مُلهمة، فمشاركة رحلة العلاج والتجارب والمشاعر مع أخريات يقوي إيمانك ويشعرك بالطمأنينة وأنك لست وحدك، أنتظر الجلسة الأسبوعية بشوق ولهفة لألتقي بعضوات المجموعة، وأيضًا لأحافظ على ما كسبت من لياقة مع استشارة ومتابعة المتخصصة التي لا تقصر أبدًا معنا، و إذا كان هناك واحدة منا تشعر بمشاعر سلبية أو إحباط نشجعها، ونرفع من معنوياتها، ونتبادل الأحاديث والضحكات ونحن نتحد بعض في تمارين العلاج الطبيعي.”
اقرأ أيضاً
اليوم الوردي الأخير.. إزالة الورم لا تستدعي خسارة الثدي بالضرورة