وديعة عوض.. سرطان في الرضاعة.. علاج في الحمل.. إنجاب بعد 7 سنوات واجهت المرض بإيمان.. وحاربته بقوة.. وهزمته بجدارة
الدمام: ياسمين الدرورة
قصة جديدة من محاربات سرطان الثدي، ولكن فصولها مختلفة وتوقيتها أصعب، بطلتها كانت وديعه عوض واحدة، التي اكتشفت مرضها صدفة، وعولجت منه وهي حامل وتعافت بلطف من الله.
وديعة هي أم وموظفة في الصحة تسكن مدينة الدمام سردت لـ “صُبرة” تفاصيل قصتها مع مرض سرطان الثدي، فقالت “تزوجت وأنا بالعقد الثاني من العمر، ولاحظت منذ أن وضعت طفلتي الأولى وجود كتلة صغيرة محسوسة في صدري، لكنها غير مولمة، لم أهتم بها ولكن حجمها بدأ بالازدياد.”
وأضافت “كان عمري ابنتي الثانية 4 أشهر حين لاحظت وقت إرضاعها عدم تدفق الحليب واحتباسه في صدري، في البداية أعتقدت أنها مجرد تغيرات طبيعية قد تحدث أو ربما أحتاج إلى تحسين تغذيتي، لكن الأمر استمر مما جعلني أشعر بعدم الإرتياح، وكانت لدي شكوك فطلبت من زوجيّ مرافقتي إلى العيادة للاطمئنان، فوافقتني الطبية الرأي في بادئ الأمر بأنه مجرد تجمع للحليب فقط”.
فحوصات معتادة
وتابعت وديعة “بدأت سلسلة الفحوصات الروتينية، فحص الماموجرام، وبعد أسبوع تلقيت اتصالًا بموعد آخر للموجات التلفزيونية (الفوق صوتية)، وبعد أسبوعين وردني اتصال من المستشفى، و أتذكر أنني كنت وسط أخواتي وخالاتي وهن مجتمعات في بيتي، عندما أخبروني على الهاتف أن نتيجة الأشعة تؤكد وجود ورم يستدعى البدء بالعلاج”.
واستطردت “في وسط الصدمة التزمت الصمت وتكتمت على الأمر في البداية، كوني الأخت الكبرى التي يعتمد عليها الجميع، ولا يمكنني إخافتهم، فخبر مثل هذا لن يكون يسيرًا خاصةً أن رحيل والدتي -رحمة الله عليها- بعد معاناتها بنوبة (سكلسل) لم تغيب عن مخيلتنا وأخواتي ما زالوا صغار”.
نتيجة الأشعة
وقالت وديعة “أخاف الأمر زوجي فاصطحبني يومها بسرعة جنونية إلى المستشفى، حاولت جعله يتروى فالأمر ليس بهذا السوء، ولا أشكو من أي ألم، وفي الأخير تم تحديد موعد آخر من أجل أخذ خزعة، لكن إنتظار أسبوع كان وقت طويل، حاولت معه أن أطرد أي وساوس من رأسي، كان قرار طبيبتي يومها البدء بالتدخل الجراحي بشكل جزئي، ووافقت على الإجراء حتى قبل الخزعة، كما أتذكر أنني كنت يوم العملية هادئة جداً ومتماسكة، وكأن الله أنزل علي السكينة”.
ليست في الحسبان
وأضافت “اكتشفت بعد شهر من الجراحة وقبل البدء بالعلاج الدوائي أنني حامل، بعد إصرار الطبيبة على إجراء فحص الحمل كانت النتيجة صادمة، ولم أصدق حتى سمعت صوت نبضات قلب الجنين بأذني في فحص الألتراساوند، كانوا مضطرين لعمل لجنة طبية لتقرر استمرار حملي من إنهاءه”.
المنام وقرار اللجنة
وتابعت “رغم التوقيت الغريب والقلق إلا أني حمدت الله على ذلك، ثم رأيت في المنام أن سيدة تلبس عباءة سوداء تسألني هل سأحتفظ بالجنين !؟ فأشرت لها على رجل من نور وقلت لها الجواب عند سيدي ومولاي الإمام الرضا فقد وكلته أمر هذا المرض”.
وأكملت “جاء يوم اللجنة وكنت جالسة بجانب زوجي الذي كان قلقاً وكان لا يهمه خسارة الطفل أمام إكمال العلاج ونجاتي، انتهى قرار الأطباء بإمكانية استمرار الحمل لأنني كنت قد أنهيت نصف رحلة العلاج بالجراحة، ورغم خوف زوجي إلا أني أقنعته بقراري وأنني أرغب في الانتظار”.
انتظار الولادة
واستطردت “حان الموعد المنتظر، تهلل وجه والدها وخفق قلبه بقدومها و اكتحلت عيني برؤيتها، أخيرًا ضممتها إلى صدري، كانت الفرحة التي أضاءت قلوبنا بعد ظلمة أطبقت علينا لأشهر، جاءت صغيرتي وجاء معها الوقت لإنهاء المرض الذي يزعج والدتها، أسميتها بإسم والدتي (منى) وكانت منى القلب، وبعد الولادة بأربعين يوماً قررت الذهاب لزيارة طبيب القلوب الإمام الحسين، وذلك قبل البدء بخطة العلاج المقررة، وهي العلاج الكيماوي التي سيعقبها العلاج الإشعاعيّ للتخلص من أي بقايا خلايا سرطانية حول المنطقة.”
مفاجأة سعيدة
وأضافت وديعة “تركت دنياي وتركت صغاري عند إخوتي وطفلتي الرضيعة أودعتها عند جارة وصديقة أمي، أخذني زوجي على كرسي مدولب، كنت لا أقوى على الوقوف حتى وصلت وطلبت من الله الشفاء في الحرم، ورجوته ألا أضطر إلى العلاج الكيميائي، وأن يطيل عمري لبناتي وأخوتي، بعد عودتي راجعت الطبيبة وقتها تفأجات من تغير نتائجي وذكرت بذهول أنه لا يوجد أثر للأنسجة السرطانية، وأنني لن أحتاج إلى العلاج الكيميائي أو الإشعاعيّ، وبدأت مباشرةً رحلة العلاج الهرموني التي استمرت 5 سنوات.”
القدر الجميل
وأكدت وديعة “في لحظات ضعفي وانكساري، كنت أرى الأمر اختبار، لكن الصحة أصعب الاختبارات التي لا يطيقها أحد، لكن حكمة الله ولطفه فوق كل شيء، كان أكثر ما يقوي عزيمتي هو إصراري على التعافي والبقاء بجانب إخوتي، كنت أفكر فيهم أكثر من بناتي، لم أرغب أن يفقدوا الأم مرتين، واليوم أختي تلك الطفلة التي كانت في الابتدائية أصبحت طالبه جامعية، وأخي الأوسط الذي يكبُرها بخمس سنوات عريس أبحث له عن زوجة المستقبل.”
واختتمت “بعد شفائي وتوقفي عن العلاج الهرموني بسنتين كان رزقي والقدر الجميل أن حملت ورزقت بقرة عيني أحمد، آخر حبات العنب، حين جاء أحمد كان ضعيف البنية ومريض، ولم أكن متأكدة أنه سيعيش، بعد بضعة أشهر وحين تماثل للشفاء ذهبت به لزيارة الإمام الحسين عليه السلام، مع إن والده قال لي يومها أنه مازال صغيراً إلا أنني صممت اصطحابه للزيارة، حملته في مهد مزين، ألبسته وعطرته واصطحبته للزيارة.”