مشاهدة الأفلام تنشّط 24 شبكة في الدماغ
ترجمة عدنان أحمد الحاجي
بالنسبة للكثيرين ممن يجلسون على أريكة حاملين في أيديهم عبوة فشار ويشاهدون فيلمًا يعني تعطيل العقل بهدف الاسترخاء والاستمتاع بعد يوم طويل من العمل. ولكن دون علمهم بأن هناك 24 شبكة دماغية لا تزال تعمل بنشاط عند جلوسهم هذا لمشاهدة أنواعًا مختلفة من هذه الأفلام، حسبما وجدت دراسة جديدة (1).
هذه الدراسة الجديدة (1)، التي نُشرت في 6 نوفمبر 2024 في مجلة Neuron، تبين أن أدمغتنا تنشط بشكل لا يصدق عندما نشاهد فيلمًا. استفاد الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من ذلك لوضع خريطة دماغ وظيفية تعتبر الأكثر دقة حتى الآن، حيث سجلوا دوائر شبكات دماغية محددة تنشط لدعم جوانب مختلفة من الإدراك.
لقد تتبعوا الشبكات الدماغية التي تنشط في الدماغ أثناء مشاهدة الفيلم وتمكنوا من تحديد شبكات الدماغ المختلفة اللازمة لمعالجة أنواع مختلفة من المشاهد.
وقال المؤلف الأول للدراسة، رضا راجي مهر Reza Rajimehr، وهو باحث في علم الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، لـ موقع Live Science: “دراساتنا تعتبر المحاولة الأولى للحصول على تخطيط لمناطق وشبكات مختلفة من الدماغ أثناء مشاهدة شخص لأحد الأفلام وهو على وضعه الطبيعي [بدون تدخل إو إثارة من قبل الباحث].” وبالمقارنة، تم إجراء العديد من دراسات تتبع شبكات الدماغ الوظيفية عندما يكون الدماغ “في حالة راحة،” وليس مشغولًا بمشاهدة مشهد معين.
في الدراسة الجديدة، استخدم الباحثون مجموعة بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) من مشروع الكينكتوم البشري (2) Human Connectome، والتي تنطوي على عمليات تصوير أدمغة 176 شابًا وشابة شاهدوا 60 دقيقة من مقاطع قصيرة من أفلام هوليود وغيرها. يقيس التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي نشاط الدماغ بشكل غير مباشر وذلك بتتبع مسارات تدفق الدم إلى مناطق مختلفة من الدماغ. إذا كانت منطقة من الدماغ نشطة، زاد تدفق الدم إليها.
وقال راجي مهر: “مشاهدة الأفلام هو مثير غني، ولكن من ناحية أخرى، لا يعتبر مثيرًا يمكن التحكم فيه بشكل جيد”. “وعندما تعرض فيلمًا على شخص ما، قد تحصل على بعض تحسس خاص من هذا الشخص المعين تجاه هذا المثير (3)، لكن لا يمكن تعميمه على أشخاص آخرين.” مدى تحسس الناس تجاه الأفلام واستجابتهم لها ليست سواء وتختلف باختلاف الأشخاص.
لذلك، البراعة التي استخدمها راجي مهر وفريقه هي حساب متوسط نشاط الدماغ لدى المشاركين. فقد مكنهم ذلك من تتبع ودراسة استجابات الدماغ والشبكات المشتركة بين جميع الأشخاص المشاركين في الدراسة. ومن خلال هذه الخريطة الأولية، تمكنوا بعد ذلك من تحديد الشبكات التي كانت نشطة أثناء مشاهدة مقاطع الأفلام المختلفة.
بشكل عام، نشطت 24 شبكة دماغية مختلفة أثناء مشاهدة الأفلام. يمكن للباحثين بعد ذلك تخصيص وظائف لكل شبكة وذلك بربطها بعمليات إدراكية محددة، مثل التعرف على الوجوه البشرية، ومشاهدة (مراقبة) الأشخاص وهم يتفاعلون مع بعضهم بعض، ومراقبة بيئات ومعالم مألوفة.
ويقول الباحثون إن هذا التحليل أدى إلى وضع خريطة وظيفية هي الأكثر شمولاً للدماغ حتى الآن.
ومن هذه الخريطة، اكتشف الباحثون علاقة عكسية بين “مناطق التحكم التنفيذي في الدماغ” (وهي مناطق الدماغ المعنية بالتخطيط واتخاذ القرارات) وبين مناطق الدماغ التي لها وظائف أخرى.
عندما يكون مشهد الفيلم معقدًا ويصعب متابعته كانت مناطق الدماغ التنفيذية المسؤولة عن التخطيط وحل المشكلات وتحديد أولويات المعلومات نشطة جدًا. ولكن عندما يكون مشهد الفيلم بسيطًا نسبيًا، تهيمن مناطق الدماغ الأكثر تخصصًا بما في ذلك تلك المرتبطة بمعالجة اللغة.
وأضاف راجي مهر: “إحدى النتائج التي كانت مذهلة جدًا هي أنه في نهاية كل مقطع من الفيلم، كان هناك [أيضًا] استجابة عالية في شبكات التحكم التنفيذية هذه [آليات التحكم التنفيذية لاتخاذ خيارات مرنة وتكييف سلوكنا من أجل التكيف مع بيئة دائمة التغير. ومن أمثلة الوظائف التنفيذية التحكم في الانتباه والمرونة الإدراكية والذاكرة العاملة (4)].”
خريطة وظيفية للدماغ بهذا المستوى من التفصيل يمكن أن توفر نظرة ثاقبة عن مدى تنظيم شبكات الأعضاء لدى كل من الأصحاء والمصابين باضطرابات، مثل الفصام أو التوحد. ومن الناحية النظرية، فإن فهم كيف يستجيب الدماغ للأفلام يمكن أن يكون مفيدًا لصانعي الأفلام لإنتاج أفلامًا بمحتوى أكثر جاذبية، كما يقول راجي مهر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://www.cell.com/neuron/fulltext/S0896-6273(24)00726-8
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/مشروع_الكونيكتوم_البشري
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/تحساس_ذاتي
4- https://www.sciencedirect.com/topics/psychology/central-executive-network
المصدر الرئيس
https://www.livescience.com/human-behavior/24-brain-networks-kick-in-when-you-watch-movies-study-finds