الجبرين: شهرة الفنانين تفوق شهرة أعمالهم و الصحافة الفنية فقدت قوتها و تأثيرها
الدمام: صبرة
أكدت الدكتورة إيمان الجبرين، أن القيّم الفني المتميّز هو من يملك مهارات بحثية، لأنه لا يجيد تقديم تجربة فنية مميزة فحسب، بل يجيد سبر أغوار التاريخ وانتقاء لحظات وأعمال بعينها يرى فيها ما لا يراه غيره، وينجح بإعادة تقديمها من جديد لتأخذ حقها من التأمل والإعجاب.
جاء ذلك خلال اللقاء الفني “الكتابة عن الماضي كوسيلة لاستشراف مستقبل الفنون في المملكة” الذي نظمته جمعية الثقافة والفنون بالدمام، يوم أمس السبت الأول من فبراير.
وأضافت الجبرين، أن دور القيّم الفني يتلخص في خلق تجربة مكانية خاصة تعمّق متعة الزائر وتنقل إليه رسالة كليّة للمعرض، ويعتمد نجاحه على قدرته في إظهار أعمال الفنانين بأحسن صورة، وأحياناً إعادة تقديم هذه الأعمال بصورة جديدة، وهنا يلتقي في عمله مع عمل الباحث فحين يقدّم المعرض أعمالاً تاريخية يتعيّن على القيّم الفنّي أن يعمل كباحث يعيد استكشاف تاريخ هذه الأعمال وحياة من صنعها والسياق الذي انتجت فيه من أجل أن يقدم المزيد من المعرفة والمتعة لزوار المعرض.
خدمة الصحافة والإعلام للفنون البصرية
وعن خدمة الصحافة والإعلام للفنون البصرية أوضحت في الماضي قالت “كانت في الثمانينات التسعينات الميلادية لكن المرحلة الراهنة أعتقد أن الصحافة بشكل عام كما سبق أن ذكرت تعاني من ضعف شديد، وبالتالي لم تخدم بشكل جيد الفن البصري، وكذلك نضع اللوم أيضاً على الكثير من الجهات الراعية للمعارض، التي أصبحت تهمل إنتاج كتيب المعرض الذي يفترض أن يقدم الكثير من المعلومات التي تساعد الصحافة والباحثين في إنتاج مادة جيدة تخدم الفن والفنانين.”
وعن نوع الكتابة التي نحتاجها في المرحلة الراهنة وفي المستقبل، ذكرت الجبرين أننا بحاجة ماسّة إلى كتابة تحليلية تستطيع تحليل الحراك الفني في المملكة ضمن إطار أوسع، لمعرفة مدى تأثير البنية التشريعية الراهنة والمبادرات الجديدة، بالإضافة إلى التغيرات الاقتصادية والسياسية، وكذلك الاجتماعية للتنبؤ بمواطن الضعف لمعالجتها ومواطن القوة لتعزيزها.
وأضافت “نحن بحاجة أيضاً إلى (دراسات الحالة) التي تركز على فنان واحد، وتحلل أعماله، وتدرسها بشكل يعطي كل عمل تفرده، ويساعدنا على رؤية القيمه الكامنة فيه. فهذه الدراسات تساعد على خلق قيمة (معنوية) لهذه الأعمال مبنية على فهم ومبررات، نستطيع استخدامها كأساس لتحديد قيمتها (المادية) وجذب شريحة اكبر من أصحاب الأموال للاستثمار فيها واقتناءها”.
شهرة الفنانين تفوق شهرة أعمالهم
وتابعت “أؤمن بشدة أن أحد أهم أسباب تأخر نهضة السوق الفنية بالمملكة هو أن شهرة الفنانين تفوق شهرة أعمالهم، وبالتالي حتى وإن حضر أصحاب الأموال تلك المعارض فإنه لا يوجد ما يشجعهم على الاقتناء لأن جميع الأعمال المعروضة أمامهم تبدو متساوية من حيث القيمة المعنوية، ولن ينجح التسويق للاعمال الفنية سوى حين نبرز كل عمل على حدة ونصنع له شخصية مستقلة، فالكل يتحدث عن الفنان ويعرفه جيداً ولكن لا أحد يعرف أعماله بنفس العمق.
وأضافت الجبرين عن الكتابة الفنية وخدمة الفنون من جانب النقاد والكتّاب، أن الصحافة الفنية بشكل عام فقدت قوتها وتأثيرها الذي كانت عليه في الثمانينيات التسعينيات من القرن الماضي، إذ يندر أن يعبّر الصحفيين اليوم عن رأيهم في معرض فني أو عمل فنان، ولا يتسع المحال هنا لتحليل الأسباب، وإنما يجب التأكيد على أن الصحافة الفنية حين تحولت إلى أداة لنقل خبر مستنسخ ومكرر في جميع الصحف لم تعدّ مؤثرة وصانعة للحدث وللأشخاص. فمعرفة مكان المعرض واسماء المشاركين فيه والجهة الراعية متبوعة بعبارات ثناء ومجاملة مكررة لا تفيد أحداً.
وتابعت “نأمل أن نرى أقلاماً أقوى في التعبير، وأكثر قدرة على تبرير الاعجاب بحدث ما أو فشل آخر ليستفيد القاريء والفنان ومنظم الحدث على حدٍ سواء، فالحديث عن الفن مهم جداً بقدر الفن نفسه. “
مساعدة المؤرخين من قبل الفنانين
وعن مساعدة المؤرخين من قبل الفنانين بينت أن هناك أموراً كثيرة يستطيع الفنان عملها ليساعد المؤرخ وليساعد نفسه حتى يدخل التاريخ، و أهمها أن يحرص الفنان على توثيق كافة بيانات عمله و أرشفة تلك البيانات متضمنة اسم العمل وخامة التنفيذ، و أبعاده، وسنة إنتاجه وشرحها شرحاً مبسطاً ( في ملفات محفوظة لديه بالإضافة إلى اتاحتها عبر موقع الكتروني بسيط يحدّثه باستمرار في وسائل التواصل الاجتماعي رغم أهميتها إلا إنها لا تعطي مساحة كافية لاستعراض تفاصيل العمل الفني)، ولا يهم أن يكون الموقع الالكتروني للفنان احترافي ومكلف، طالما اشتمل الموقع على تلك البيانات وصور الأعمال مرتبة وسهلة القراءة، فتوفير أكبر قدر من المعلومات بطريقة يسهل على الجميع الوصول إليها مهم جداً للتعرف أكثر على الفنان و أعماله وزيادة الاهتمام به.
كما يحب أن يحرص الفنان قدر الإمكان على التقاط صور جيدة لمراحل العمل وللمعارض الكبرى التي عرضت فيها وأرشفتها لديه (إذ أن هذه من الأمور التي تثير اهتمام المؤرخين بعد مضي مدة من الزمن عليها، كما ترفع قيمتها السوقية في المستقبل).
وأشارت إلى أنه من المهم أيضاً أن تكون طرق التواصل مع الفنان معلنه وعملية، وإذا كان لديه من يمثله (جاليري او شخص محدد) يتم إيضاح ذلك حتى يسهل على المؤرخين والباحثين وكذلك القيمين الفنيين التواصل مع من يمثله مباشرة وعدم ازعاجه، وأخيراً، يجب أن تكون جميع حسابات الفنان في وسائل التواصل مرتبطة بموقعه الإلكتروني ومرفق بها عنوان تواصل موحد ليسهل عليه متابعة المهتمين بالتواصل معه.