قلب مفتوح 1] علّة كامنة لسنوات..!

حبيب محمود

.. ما أتذكّره؛ كان أثر قُبلة على جبيني. فتحتُ عينيّ؛ كان وجه شقيقي الأكبر “عبدالله” أمامي. لم يكن لديّ صوت، ما زال فمي وحلقي مزدحمين بأنبوب الأوكسجين. لكنني لمحتُ سمرة يده، مددتُ يدي إليها.. ضممتُها بكفي.. وضغطتُ..!

وجوهٌ أخرى لا أتذكر ترتيب مرورها على بصري وأنا أفيق للمرة الأول من سبات ست ساعات.. وجه زوجتي “آسيا” يبتسم.. وجه ابني أحمد يبتسم، وأيضاً، قال “الدكتور يقول إن العملية نجحت”.

هناك وجه الدكتور زكي الزاهر؛ كان مبتسماً أيضاً.. كنتُ أريد شكره. لم أتمكن من الكلام، وضعتُ يدي اليمنى على صدري لأعبر له عن امتناني..

سمعته يسأل من حوله: هل يقصد أن صدره يؤلمه..؟

أوه.. الدكتور لم يفهمني.. رفعتُ كفّي وضممتهما باطناً بباطن.. فهمني الدكتور زكي.. وابتسم.

لاحقاً؛ عرفتُ أن ابنتيّ “نجاة” و “سلام”؛ كانتا موجودتين، أيضاً.

ما أتذكره قبل الإفاقة؛ هو أنني حُملتُ على سرير غرفة التنويم. شاهدتُ أضواء السقف في الممرات، تشبه مشاهد الأفلام. ما كان بيدي من حيلة سوى قراءة تشهد الصلاة. وفي غرفة العمليات؛ طُلب إليّ الانتقال من سرير غرفة التنويم الواسع إلى سرير غرفة العمليات الضيق. وآخر ما أتذكّره أثناء نقلي جسدي بين السريرين هو كلمة قصيرة: بسم الله، وعلى بركة الله.

ليس لديّ سابق تجربة في المستشفيات. عشت 58 سنة في تمام من الصحة والعافية، لم تثقب جلدي غُرزة، لم يُجبر لي عظم، لم أبت مريضاً في مستشفى.. الأعراض التي أخذتني إلى الطواريء والعيادات؛ كلها على وزن أنفلونزا، آلام قولون، ألم أسنان.. أعراض عابرة..

وأكثرها تكراراً مشكلات قلق صحي، لم يُمسك منها الأطباء حقيقة طبية تستدعي تنويماً أو جراحة..

وها أنذا، بعد كلّ هذا السنّ على سرير عملية جراحية كبيرة، عملية قلب مفتوح، في مركز البابطين لطب وجراحة القلب. إنه المركز الذي يُجري عشرات العمليات المماثلة كل شهر. في حسابات المركز؛ إنها عملية روتينية، معتادة. وفي حساباتي؛ هي عملية عُمر.

عملية لا أعلم ماذا يجري فيها تحديداً، ولا أعلم ما يجري بعدها. وها أنذا، بعد أكثر من عشرين يوماً على إجرائها، لم أجرؤ حتى على النظر إلى “الشق” الجراحي الذي يبدأ من أسفل رقبتي.. وكلما لمحت جزءاً منه؛ تحاشيتُ النظر إلى الباقي..! قال لي الدكتور أمجد برناوي إنها غرز تجميلية.. وطمأنني الدكتور محمد سلام إلى أن العملية، برمتها، كانت سهلة وسلسلة.

جسدٌ ناحلٌ، لا يتجاوز وزنه 55 كيلو جرام، وطول لا يزيد على 162 سم. هذا كله أنا. حتى القلب “صغير”؛ حسبما قال لي استشاري جراحة القلب الذي قاد فريق العملية، الدكتور خالد الخميس، وهو مدير المركز أيضاً. وهو الذي استعجل إجراء عملية القلب المفتوح قبل موعدها المقرر بخمسة أيام.

وهو الذي صدمني ـ بعد العملية ـ بإخباري بأن الحالة كانت متقدمة جداً، وأن العملية؛ كان يجب أن تُجرى “من زمان”..!

شريانان رئيسان، تضيّقا حدّ الخطر، ووصل مستوى التكلس وصل فيهما إلى 230 من أصل 300. وأنا منذ 2016؛ أعاني اضطرابات متنوعة، وخضعت لكثير من إجراءات تخطيط القلب.. وجرّبت إجهاد القلب مرتين.. وأشعة “إيكو” مرتين.. ومراقبة قلبية بجهاز خاص مرة واحدة.. راجعت أقسام الطوارئ كثيراً كثيراً..!

لم يُمسك أي طبيب شيئاً يُشير إلى وجود مشكلة في القلب.. كلّ ما عثروا عليه هو ارتفاع في الضغط. ومنذ 2020 بدأت قصتي مع حبة صباحية لا يمكنني التغافل عنها.

قلبٌ معتلٌّ في شريانين.. خادع أجهزة التخطيط، والمختبرات، والفحوصات السريرية، والاختبارات.. إلى أن جاء ظهر الخميس 2 يناير 2025م.

‫7 تعليقات

  1. جيد ان الله تعالى نجاك
    فاصبحت في امتحان جديد
    فهل ستصر على مناصرة الظالمين ضد المظلومين والتي وصلت بك الى درجة ان تطالب الناس بعدم زيارة ائمتها لان فلان لا يقبل
    ام انك ستشكر الله وتعاهده بان لا تقف الا مع الحق والحقيقة فقط حتى لو ادت الى غضب فلان وعدم رضا فلتان
    وعندما لا تستطيع الصمود مثل الابطال اكتف بالسكوت فهو اهون الاشرار
    اني لك من الناصحين

  2. سلامة قلبك أستاذ حبيب نحمد الله على سلامتك و نشكره على نجاح العملية و خروجك سالما معافى

    إن أغلقوا قلبك المفتوح للشفاء من علة أصابته
    سيبقى مفتوحاً للجميع كما كان
    الله يعافيك و يشافى جميع المرضى بلطفه و رحمته

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×