شوارع مهمة في القطيف تنتظر التشجير

حسين بن علي عبد الكريم العطل

عرفت القطيف منذ الأزل بكونها واحة، واشتهرت بكثرة الغطاء النباتي فيها والمحاصيل الزراعية المتنوعة التي كانت تُصدر إلى مختلف المناطق والدول.

فقد كان من يزورها يُسحر بجمال مزارعها وبساتينها المنتشرة على ضفاف الخليج العربي، وهذا ما حدث مع الرحالة ابن بطوطة عندما زار القطيف، وكان مطلع كلامه: “مدينة كبيرة حسنة، ذات نخل كثير”، فكانت القطيف أكبر واحة على ضفاف الخليج. وقد حدثني جدي -رحمه الله- أن في خمسينيات القرن الماضي كان يتجول بين البساتين وهو لا يكاد يرى الشمس من كثرة النخيل.

لربما مع التمدن ودخولنا في عصر الصناعة والبترول في السبعينات، ابتعد الأهالي عن الزراعة وعملوا في الصناعة والشركات، فأُهملت البساتين وأصبحت للنزهات و”الكشتات”. كما أن كثيرًا من تلك البساتين الملاصقة لمركز المدينة أُزيلت بالكامل لتصبح أحياء سكنية، مثل (مياس، البستان، المدني وغيرها)، وجميعها أسماء لبساتين ومزارع كانت في تلك المناطق، وهذا ما يُسمى بالزحف العمراني. آخر تلك المناطق كانت بساتين الرامس في العوامية، التي أصبحت مخططًا سكنيًا.
لم يقتصر ضرر الزحف العمراني على البساتين فقط، بل امتد حتى وصل البحر. فبسبب الردم، أُزيلت غابات المانجروف “القرم”، أو تدهورت بعضها، مثل الغابات الواقعة بمدينة سيهات. علمًا أن شجرة المانجروف هي إحدى أهم الأشجار في تنقية الجو من الكربون، وزراعتها ضمن أهداف مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر” و”السعودية الخضراء”، سعيًا للوصول إلى صفر انبعاثات كربونية.

رغم كل تلك العوامل، استمرت القطيف في المحافظة على موروثها الزراعي. وقد عززت القيادة الرشيدة الحفاظ على الغطاء النباتي وتكثيفه لرفع جودة الحياة. وهذا ما سعى إليه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من خلال رؤية 2030، حيث طُرحت مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر” و”السعودية الخضراء”. وقد حضرت شخصيًا في مبادرات أقيمت في الرياض، و كانت تهدف إلى رفع الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البرية.
تسعى الرؤية أيضًا لأنسنة المدن لرفع جودة الحياة، ومن أهم عوامل الأنسنة دمج المدن مع الطبيعة المحيطة. وفقًا لما نشرته وزارة الشؤون البلدية والقروية في معايير وضوابط التشجير داخل المدن، فإن فوائد التشجير لا تقتصر على الجمالية فقط، بل تساهم في:
• امتصاص الأصوات وتخفيف حدة الضوضاء، خاصةً في الأماكن المزدحمة في المدن وخلافة.
• إيقاف زحف الرمال والحد من ظاهرة التصحر.
• حماية التربة والحد من مشكلة تعرية التربة وانجرافها بفعل عوامل التعرية كالرياح والمياه.
• حماية المدن من الرياح الشديدة وكسر حدتها.
• كما تساهم الأشجار في تلطيف وتنقية الجو.

لا أنكر وجود جهود من بلدية المحافظة في الأعوام الأخيرة لدعم الغطاء النباتي وتعزيز ثقافة الزراعة، مثل “مبادرة زراعة اللوز القطيفي” التي أقيمت في الحدائق العامة عام 2024، وزراعة أشجار المانجروف على السواحل.

إلا أنني تعجبت من خلو بعض الشوارع الرئيسية في المحافظة من التشجير، مثل:
• طريق الخليج العربي في حي الزهراء: وهو طريق ساحلي حيوي، حيث بمجرد أن تتجاوز التقاطع الأول يختفي التشجير من الجزر الوسطية والمثلثات التنظيمية في التقاطعات.
• طريق الملك عبد العزيز: المفتتح جزئيًا من بداية حي البحاري حتى دوار صفوى، حيث رُصفت الأرصفة والجزر الوسطية دون ترك أحواض للزراعة.
• امتداد طريق أحد (الهدلة): رُصفت الجزيرة الوسطية من تقاطع شارع أحد مع شارع ابن النفيس حتى تقاطعه مع طريق الظهران الجبيل الفرعي بطول يقرب من 2900 متر. وهو أحد أهم مداخل المدينة الرئيسية وواجهة للقادمين والخارجين من المدينة، مما قد يترك انطباعًا سيئًا عند الزوار والسياح.
• امتداد طريق أحد: من تقاطعه مع شارع القدس حتى تقاطعه مع طريق الخليج العربي بطول 900 متر تقريبًا، رغم كون تلك المنطقة من طريق أُحد أحد أهم الطرق التجارية المزدحمة في المنطقة، إلا أن الجزيرة الوسطية خلت من التشجير، مما أفقد الطريق جزءًا من جماليته.
• الجزر الوسطية التنظيمية حوا الدوارات الرئيسية: مثل دوار سيهات، دوار الناصرة، دوار كورنيش سيهات، بالإضافة دوار شارع حجر بن عدي، الذي خلا من التشجير تمامًا، مما أثر على جمالية المكان وأضعف من جاذبية المنظر العام.


شوارع رئيسية تفتقر للتشجير:

• شارع 14 المحاذي لكورنيش المشاري: بطول 1100 متر.
• شارع أبو بشير الزبيدي في حي الخزامى: بطول 700 متر.
• شارع الجزيرة: من تقاطعه مع شارع القدس حتى تقاطعه مع شارع الفتح بطول 550 مترًا.
• شارع عبد الله بن الحارث: من تقاطعه مع طريق الرياض حتى دومينوز بيتزا بطول 1000 متر تقريبًا، رغم كونه من أهم الطرق التجارية في المحافظة.
• شارع حجر بن عدي، شارع العوامية وغيرها.

ولكون المحافظة واحة خضراء ضاربة بجذور التاريخ، وفي ظل التحول الجاري نحو أن تصبح محافظة سياحية وجاذبة للاستثمار، فإن علينا جميعًا التكاتف لزيادة عدد مبادرات التشجير بمشاركة القطاعين العام والخاص. كما يجب تمكين المواطنين من المساهمة الفاعلة في تحقيق أهدافنا الوطنية ورفع جودة الحياة، سعيًا لتحقيق رؤية المملكة 2030 الطموحة.

‫2 تعليقات

  1. يكفي بان تقوم بجولة واحدة ميدانيا على احياء وشوارع محافظة القطيف لتكتشف حقيقة مايقال في الصحف وفي وسائل التواصل الاجتماعي عن تنفيد بعض المشاريع التي لا تصل إلى رغبة وطموح المواطن . يجب ان تتوفر الشفافية بين والمواطن والمسئول حتى نتمكن من بناء الوطن حسب رؤية وطموح القيادة الرشيدة حفظها الله شوارعنا تحتاج إلى جهود وطنية مخلصة كي تظهر بأحلى صورة نتمناها من ناحية الأسفلت والأرصفة والتشجير والمجسمات الجمالية نحن كمواطنين سئمنا من كلمة تعثر المشروع وننتظر سنوات من العمر حتى يحل هذا الإشكال ويتخذ القرار في إعطاء المشروع متعهدا آخر وفي الختام اقول وبالله التوفيق يجب محاسبة كل من يثبت عليه التقصير في اداء الامانة التي أوكلت اليه من ولاة الامر الذين يبدلون الغالي والنفيس للوصول لراحة ورفاهية المواطن .والمجاملات والتملق لا تبني الأوطان والشكر موصول إلى كل من عمل وأخلص لرفعة وتقدم هذا الوطن العزيز على قلوب الجميع .🇸🇦

  2. التشجير او غرس الاشجار في محافظة القطيف قائم ومستمر وهذا يعكس اهتمام من يهتمون بذالك من مؤسسات حكومية وافراد وجمعيات (وخاصة المتطوعين التابعين للبلدية) ؛
    المهم هنا ؛ أننا نحتاج إلى عدم تكرار الأخطاء التي تؤدي الى عدم الاستفادة منها ؛ كمثال قبل شهور تم غرس مايزيد عن 1000 شتلة (شجرة صغيرة) او ممكن اكثر من عشرة آلاف في الحدائق وخصوصا المطلة على الشواطىء (الكورنيش) لكن غلبيتها او اكثر من نصفها لم يعيش (بل يبس ومات) ؛ وممكن السبب هو انها اشجار صغيرة جدا ونحتاج إلى زرع اشجار أكبر تتحمل الحرارة والملوحة الخفيفة والرياح ؛ وان لا نزرع في موسم الخريف الذي تتساقط فيه الاوراق ! وبعضها تحطم من الهواء هي مع العمود الخشبي الذي وضع لمساندتها وبعضها بفعل الاطفال المشاغبين وان كانوا قلة ؛
    وقبل 40 سنة كان كل حي فيه حزام واحد على الأقل من الاشجار ولكن كل شجرة تموت من العطش او تتحطم بفعل الحوادث لا يتم زرع غيرها ؛ (مثل حال تحطم الوحات والاشارات حاليا فغالبيتها تهمل على الرغم من دفع التامين للاصلاح او الاستبدال) ؛ وبعض الاشجار لا يتم سقيها لفترات طويلة !
    كمثال في حي الخامسة تم اعادة تاهيل الحديقتين بازالة كل الاشجار مع تركيب اللعاب اطفال ومظلات (شغل متعوب عليه صحيح لكن ازالة الاشجار ؛ محزن) لكن اهمال السقي حول الحشايش الخضراء الى صفراء لانهم اعتمدوا على نظام السقي الإلكتروني وغياب الرقابة البشرية لمدة تجاوزة ثلاث سنوات !
    ولم يتم تبليغ البلدية من أي احد ولكن مادور المراقبين ! حتى اعيد زرع الحشايش مرة أخرى !
    أما وضع حالة الطقس بين المزارع وفي المزارع فيقول الفلاحين ان الحرارة فيها وبينها ليست كما كانت سابقا !
    وكما ضعف وقل الماء تغيرة حالة الحرارة المنعشة صيفا وشتاء الى العكس في هذه السنوات !
    ولهذا الاهم هنا علينا ان نحافظ على الموجود اولا وكذالك عدم اهمال اشجار النخيل عند يتساقط الرطب حولها حتى لا تداس بالرجل وكاننا لم نهين النعمة !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×