[وثائق] موقعها ساحل “الرويس”.. أول حادثة كهرباء قاتلة في القطيف الصيّاد محمد الصفواني فقد حياته وأصيب زملاؤه بصعقة ضغط عالٍ أثناء رحلة صيد
القطيف: خاص
مضت 58 سنة على الواقعة، ومع ذلك؛ ما زالت نتائجها مجهولة، والحكم القضائي غير معروف. والأطراف القادرون على الإدلاء بمعلوماتٍ دقيقة لم يعودوا على قيد الحياة. حتى وثيقة الصكّ التي حصلت “صُبرة” على نسخةٍ منها؛ ليس فيها ما يُفيد بشيء حول نهاية القضية.
تلك هي القضية/ اللغز التي بدأت تفاصيلها في الساحل المعروف بـ “الرويس” جنوب صفوى في يوم الـ 12 من شهر صفر من سنة 1382هـ، حين توفّي محمد جواد مصعوقاً بالكهرباء مصدره “كابل” ضغط عالٍ ضخمٌ تحت البحر.
كهرباء القطيف
وصلت الكهرباء إلى القطيف في بدايات 1380، عبر أعمدة التيار مُمدّدة من مدينة الدمام. ووصلت إلى أعداد محدودة من المنازل، ليبدأ نمط حياة الناس تغييراً شاملاً في السنوات اللاحقة. لكنّ الناس عرفوا الكهرباء ومخاطرها بشكل محدود. الصعقات الخفيفة بدأ الناس يحذرونها منذ البداية. وقد بدأت بعض حوادث الصعق الكهربائي تحدث في المنازل. بعضها وصل إلى الموت. إلا أن أغلبها ذهب أدراج النسيان، لكونها حوادث منزلية ربطها الناس بالقضاء والقدر.
ساحل الرويس
لكن حادثة ساحل “الرويس” كانت نوعية في طبيعتها ونتيجتها. لا شيء استثنائي يومها في البحر، غير أن المركب الشراعي الذي للتو قد هم بمغادرة المرسى كان على موعد مع مفاجأة غير سارة حيث شعر البحارة بأن قوة تدفعهم للأعلى..!
ما هي إلا لحظات قليلة حتى سقط بعدها أحمد بن علي بن ابراهيم على وجهة في البحر وسط ذهول البحارة الذين اكتشفوا اصطدامهم بسلك كهربائي ذي ضغط عالٍ. ونتج عن ذلك قطرات من النار كالجمر، أصابت بعضهم بحروق، كما أصابت السفينة، بينما أودت بعض القطع المتساقطة بحياة محمد جواد، أحد البحارة المشاركين في الرحلة.
القضية
تُوفي آل داوود في الحادثة التي أحزنت سكان صفوى وقتها. ثم تلت الوفاة قضية في محكمة الظهران. وتعامل مع القضية طرفان: السيد حسن بن باقر العوامي مقابل إسماعيل صائب الناظر، والقضية المنظورة هي دعوى تقدم بها موكلو العوامي ضد شركة الزيت العربية الأمريكية التي حضر الثاني ممثلاً عنها بمعية الأمريكي وليم تول.
العوامي تقدم بشكوى يطالب فيها بدية المذكور من شركة الزيت العربية الامريكية لأنها من تسبب في الحادث، بوضعها الخطوط الكهربائية من غير تحذيرات ولا أغطية ولا موانع للالتماس، في منطقة عهد البحارة الابحار منها طيلة المدة الفائتة.
ابتدأت الجلسة؛ وعرض السيد العوامي القضية، بادئاً بالحديث عن “الموقع المعروف ببحر الرويس بمنطقة صفوى”، و “مرسى قديم للسفن الآتية والعائدة من إلى صفوى، سواء ما كان منها للصيد أو الغوص أو المسافرين ولغير ذلك من أعمال البحر المعروفة عند أهالي القطيف”.
“إنه مرسى قبل وبعد مجيء شركة الزيت العربية الأمريكية إلى الأراضي السعودية، لاستمرار رجال السفن والبحارة استعماله بعد مجيء الشركة، وحتى بعد إحداثها أعمدة وخطوط أسلاك الكهرباء الآتية من راس تنورة للظهران وخطوط الأنابيب المتجهة إلى رأس تنورة التابعة جميعها للشركة”.
ثم سرد العوامي القصة “كانت السفينة الشراعية التي يملكها عبدالله بن مهدي بن داوود بقيادة عبدالله بن محمد العوامي تزاول صيد الأسماك وترسو كغيرها عند ساحل الموقع المشار إليه قبل وبعد وجود خطوط الكهرباء، وفي اليوم المصادف 18/2/382هـ أفرغت السفينة حمولتها من الصيد وعادت في عرض البحر، وعلى بعد مائة وخمسين قدماً تقريباً من المرسى شعر بحارتها بشيء غريب وحدثٍ فجائي سريع وجدوا أن قوة تجذبها إلى العلو وصرخ ربّانها قائلاً: متنا”..!
هكذا بدأت القضية في محكمة الظهران، ولا نعرف إلى أين انتهت.. والصورة لم تخبرنا ما إذا كانت طوعة ومريم ومعصومة ورحمة وعبدالله وجواد أبناء وبنات المتوفى محمد جواد قد كسبوا التعويض والدية أم لا.
الحمد لله وبعد، فبناءً على المعاملة المحالة إلينا من [مدير] شرطة الظهران برقم 2172/2 في 24/4/383، حضر لديّ أنا عثمان بن إبراهيم الحقيل، رئيس محكمة الظهران وتوابعها، [حسن] بن باقر العوامي الوكيل الشرعي عن كل من: طوعة ومريم ونعيمة بنات محمد جواد، وعن سليمان ومعصومة ورحمة وجواد وعبدالله أبناء محمد جواد، وعن المرأة زينب بنت علي الناصر وعن المرأة صالحة بنت محمد جواد، المنحصر إرث المتوفّى محمد جواد في المذكورين، والثابتة وفاته بموجب الصك الصادر من محكمة القطيف برقم 223 في 23/5/382هـ، والصك الصادر من كاتب عدل القطيف رقم 1012 في 3/5/382هـ، وتوكيل صالحة المذكورة بموجب الوكالة المصدق عليها من قاضي رفحة في 1/9/382 والوكيل الشرعي عن أحمد بن علي بن أحمد بموجب الصك الصادر من كاتب عدل القطيف برقم 915 في 21/5/382 وادّعى على شركة الزيت العربية الأمريكية في مواجهة محاميها إسماعيل صائب الناظر وبحضور محاميها وليام تول الأمريكي، بقوله إن الموقع المعروف ببحر الرويس بمنطقة صفوهْ مرسى قديم للسفن الآتية والعائدة من إلى صفوهْ، سواء ما كان منها للصيد أو الغوص أو المسافرين ولغير ذلك من أعمال البحر المعروفة عند أهالي القطيف.. أنه مرسى قبل وبعد مجيء شركة الزيت العربية الأمريكية [إلى] الأراضي السعودية، لاستمرار رجال السفن والبحارة استعماله بعد مجيء الشركة، وحتى بعد إحداثها أعمدة وخطوط أسلاك الكهرباء الآتية من راس تنورة للظهران وخطوط الأنابيب المتجهة إلى رأس تنورة التابعة جميعها للشركة. وكانت السفينة الشراعية التي يملكها عبدالله بن مهدي بن داوود بقيادة عبدالله بن محمد العوامي تزاول صيد الأسماك وترسو كغيرها عند ساحل الموقع المشار إليه قبل وبعد وجود خطوط الكهرباء، وفي اليوم المصادف 18/2/382هـ أفرغت السفينة حمولتها من الصيد وعادت في عرض البحر، وعلى بعد مائة وخمسين قدماً تقريباً من المرسى شعر بحارتها بشيء غريب وحدثٍ فجائي سريع وجدوا أن قوة تجذبها إلى العلو وصرخ ربّانها قائلاً [متنا] وانقلب أحمد بن علي بن إبراهيم على وجهه في البحر، وهو فاقد الوعي، ونظر بقية البحارة وإذا السلك الكهربائي يقطر مثل الجمرات النارية وأصابت البعض منهم ببعض الحروق كما أصيبت السفينة ذاتها، أما محمد جواد فقد تساقطت تلك القطع على رأسه وأودت بحياته في الحال، إنني أطالب الشركة بدية المذكور و [….] الإصابات لكل من: سليمان ابن المتوفى، وأحمد بن علي بن إبراهيم، لأنها تسبب في وقوع هذا الحادث، لإقامتها الخطوط الكهربائية ذات القوة القاتلة دون أن تغلفها بغلاف يمنع من حدوث الالتماس ودون أن تضع علامات تشير إلى خطر المرور والاجتياز، أو الاقتراب إلى تلك المنطقة، بل ولم تطلب من المسؤولين إصدار المنع من الاقتراب إلى منطقة بالغة الخطورة، كما تبيّن بعد الحادث أنها أقامت الأعمدة وثبّتت [……] الأمر على علّاته حتى وقع هذا الحادث الأليم، فتنبّهت إلى غفلتها…