عودوا إلى بيوتكم.. ولا تأكلوا من المطاعم
حبيب محمود
بقدر ما تُشير تقارير بلدية القطيف المتتابعة إلى صرامة في الرقابة الصحية على محلات الأغذية؛ تُشير ـ أيضاً ـ إلى مستوى مرعب من الإهمال والتراخي واتساع ذمة العاملين في المطاعم. ذلك ما يجعل من “طعام السوق” مصدر تقزُّز، لا تغذية..!
وفي سنواتِ عملي في البلديات، كُلِّفتُ عملاً فوق مستواي الوظيفي، في عقد التسعينيات. في عنك وصفوى؛ عملتُ في الرقابة الصحية. تجوّلتُ بين بقالات عنك والجش والملاحة وصفوى وأم الساهك والأوجام والدريدي وأبو معن، ومطاعمها وحلاّقيها، لأراقب نظافتها ونظافة عمّالها، وتواريخ صلاحية سلعها، وتراخيص المحلات وشهادات الصحة.. وهذه أعمال لا تحتاج إلى خرّيج دبلوم في الصحة العامة، بل إلى مشاهدة شخصية..!
خرجتُ من التجربة بما نفّرني من “طعام السوق”. كلّما دخلتُ مطبخَ مطعمٍ؛ تذكرتُ تحذير شيخنا الذي كنا ندرس عليه بعض الدروس من “طعام السوق”.
وهذا التعبير للشيخ نصير الدين الطوسيّ (598 ـ 672)، وضعه في كتاب اسمه “آداب المتعلمين”، ليكون دليلاً لطلاب العلوم الدينية في سلوكهم وتحصيلهم.
و “طعام السوق” من المكروهات التي يجدر بطالب العلم أن يتجنّبها..!
وكلّما تلقّيت منشوراً أو صورة أو فيديو عن “فضائح” مطاعمنا؛ تذكّرت التحذير من “طعام السوق”، وتكرّست قناعتي بسلوكي الذي يتجنّب وجبات المطاعم والبوفيهات، وحرصي على طعام المنزل.
تجربة الرقابة، وحدها، شمّمتني روائح عرق العمّال، وقزّزتني من عبثهم في أعضائهم، و “سلواطْهم” في الطعام الذي سوف يشتريه الناس.
لمثل هذه الأسباب؛ كان شيخنا لا يأكل معنا حين نحضر العشاء من مطعم. كان يتأدّب.
ولا يحتاج الأمر إلى أن تكون شيخاً حتى تتحرّى مصدر طعامك وطعام أسرتك.. إنه “طعام سوق”، والسوق “تبيع”، والباعة ليسوا أنبياء..!