حتى أمّهاتنا درسن.. مع الأولاد…!
حبيب محمود
لا جديد، ولا غرابة، ولا داعيَ لتهويل ما ليس هائلاً أصلاً. فكثيرٌ من أبناء جيلي زاملوا بناتٍ في “المُعلّم”، وخالطوهنّ على براءة وعفويةٍ، إلى أن قاربوا سنّ العاشرة..!
والتعليم التقليدي الذي سبق التعليم النظامي في كثير من أنحاء بلادنا؛ كان مختلطاً ومنفتحاً على وجود الأطفال الذكور والطفلات الإناث معاً، تحت رعاية “معلّمة” امرأة. وهذا ـ بالضبط ـ ما بدأنا نشهده في مشروع وزارة التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة. المختلف في الأمر؛ هو شكل بيئة “الكُتّاب” التي صارت “مدرسة”.
كان الأولاد الصغار يتلقّون الدراسة الأولية على أيدي “معلمات” نساء، ويبدأون بتعلّم القرآن الكريم. وحين يكبرون قليلاً، وتجد أسرهم سعةً؛ ينتقلون إلى “معلم” رجل، لدراسة الخط ومباديء الحساب والنحو والصرف، وهكذا يتقدّم “الوُلَيْد” في تعليمه. ولو وُفّق ودُعم مالياً لاستمرّ حتى بلوغه الاجتهاد الفقهي، وارتداء عمامة، على أيدي الرجال.
لم يكن أسلافنا مُتهاونين في دينهم، ولا متساهلين في أخلاقهم. وما من فقيهٍ ليس لديه وقفة واضحة من “الطفل المُمَيِّز” ومخالطته النساء. والطفل ـ فقهاً ـ هو من لم يبلغ الحُلُم.
وهناك طفلٌ “مُمَيِّز” ـ بتشديد الياء وكسرها ـ وهذا النوع من الأطفال له أحكامٌ خاصة في إمامة الجماعة ومخالطة النساء الكبيرات.
وهناك طفلٌ “غير مُمَيِّز”، والمعنى أن فهمه وانتباهه لا يرقيان إلى مستوى الخطر على النساء.
والأطفال دون العاشرة؛ أغلبهم غير “مُميِّزين” في موضوع اختلاطهم بنظرائهم من البنات. علاوة على أن النساء هنّ من يرعاهم في فصول “الطفولة المبكرة”.
هكذا كان واقع الناس، وهكذا بدأت الأمور تعود، بعد فاصلٍ زمنيّ طويلٍ ضُربت فيه سراديق من العزل والتمييز، دون طائل، ودون جدوى.. بل ودون مُبرّر..!