عامٌ من المحبة والألم
بلقيس السادة
ما نكتبه ونقرأه ونسمعه.. لن يكون نفحات تعليم لنا وللآخرين فحسب، ليس كلام ببغاء ملقّنة؛ كل ما نحتاج إليه هو تنبيه وعيّ يمسّ عقلاً، لبيان طريق وإدارة أمور في هذه الحياة، واتباع قانون.
حياتنا سوف تكون أفضل من غيبوبةٍ نحن في غنى عنها.
ذلك حتى لا تكون حياتنا دائرة حول “لن تجني من الشوك العنب”
من رحم الألم دونت كلماتها، وبقوة الإرادة الشخصية والإيمانية تلحفت بطريق الأمل بالله ورحلتها الطويلة مع المعاناة؛ لتخبركم بأن هذا المرض حمى ألمت بها، وشفيت منها بإذن الله؛ وبين البداية والنهاية مشوار من الصراع المرير، والحقن، ورائحة المستشفى، والمواعيد، والألم؛ وما أدراك ما الألم..!!
انخفضتْ موجاتهُ عند نقطة الخالق والابتلاء الذي مُنيت به شاكرة صابرة تحسب ألمها عند بارئها؛
لقد ارتأت لكم المسيرة لتخبركم كونوا عند حسن ظنكم بالله، فهو المحي والمميت، وهو الشافي إذا كان لكم بقية من العمر، بالأمل نحيا ونصارع أقدارنا، أترككم مع كلماتها وزفراتِها التي دونتها لتكون درسًا قويًا من الإيمان والثقة المطلقة بالله عز وجل، اسمٌ على مسمى سجدتْ له شاكرة صابرة محتسبة ألمها في ميزان أعمالها.. ساجدة عبداللة :
“عام من الألم .. لا، لحظة من فضلكم لايمكنني أن أحصر التاريخ في الألم، لأن أي لحظة ألم تعادل محبة،
غريب أليس كذلك أن أقول عن الألم محبة..؟!
الألم يعني أنك على قيد الحياة، وإلا مافائدة الروح التي بين جنبينا إن لم ترسل لنا إشارات وجع.
قبل أكثر من عام صارت الروح ترسل لي إشارت حب (ألم)..
بدأت تظهر لي أشياء غريبة بجسدي؛ ربما كانت هذه الاشارات إنذار مبكر لما سيأتي بعد ذلك!!.
راجعت عدة مستشفيات، وكانت كل الاحتمالات تشير إلى أن هناك زائر غريب يزور جسدي، إنه أخبث زائر على الإطلاق..
احتل الغدة اليسرى، ثم انتقل سريعاً للغدة اليمنى؛ تعرضتُ لعميلة استئصال وأنا في عمر ال٢٢ سنة، استغرقت عمليتي ١٠ ساعات.
١٠ ساعات كانت كفيلة بإيلام أهلى وأحبتي، كفيلة بأن تجمع لي أصدق الدعوات..
أعلم بأن خارج هذه الغرفة كان العالم كئيب، كيف للآخرين أن ينتظروا حياة بأكملها، إنه لأمر بالغ الأسى..
وددت لو أقول لهم، صلاتكم من أجلي أكبر حب وأكبر علاج.
خرجت للحياة ببقايا خلايا خبيثة، مما اضطرني للمعالجة بالكيماوي خلال ٦ أشهر، هذه الأيام كانت أكثر أيام حياتي وجعاً وحباً؛ كيف لك أن تتساقط كأوراق الخريف، كأنك على وشك الجفاف!!، تساقط شعري، اسوداد جلدي، الشعور بالألم والحروق التي تكوي أوردتي..
كل هذه الآلام كانت رسالة حب من خالقي؛ لم تُهَبِّط من عزيمتي بل اكسبتني قوة؛ لكي أحيا من جديد،
والحمدلله حمداً دائماً لاينقطع أبداً.. ها أنا اليوم بكامل صحتي وجمالي،
حاربت هذا الزائر الغريب، أو الحمى أو الصداع، بكل ما أوتيت من قوة وإيمان بالله عزوجل .
رسالتي لكل مريض ومريضة:
إن الرضا بالقضاء والسلام الروحي والتسليم الكامل لله، هو أكبر علاج قد تتلقاه ليساعدكم على تخطي هذه المرحلة، لا لليأس، لا للاستسلام .
إنها رسالة حب من الله، علينا تقبلها بكل حب ورضا؛ هذا المرض ليس نهاية كل شيء، ربما تكون بداية لكل جميل، بداية حب الله لك لأنه اختارك لهذا البلاء”.
هكذا دونت كلماتها بكل ثقة وامتنان لتخبركم كونوا مع الله في الشدة والرخاء يكّن معكم دائمًا.