مشاعر أنثى

بلقيس السادة

 

التقيتها فجأة في محفلٍ ديني، ذات خلقٌ هادئ وجمالٌ طَبعتْ عليه آثار الزمن قليلًا من رحلتها معه.. رغم انعزالها وتقوقعها مع أفراد محدودين، كانت لي معها فرصة حديث في قاعة المطعم حيث نتناول وجبات الأكل، وكما هو حالها أحيانًا تجلس وحيدة تتناول وجبة غدائها ثم تقفل راجعة إلى غرفتها، انتهزتُ الفرصة وجلست أمامها بعد السماح لي بالجلوس معها مبتسمة، مما شجعني على محادثتها في شتى الأمور، وأخيرًا فتحت لي قلبها فضفضتْ كثيرًا متألمة متحشرجة الصوت قائلة: فرضت علّي الظروف الوحدة، وفرضتُ على أنوثتي الحرمان، لم أجد من يستحق عقلي أولًا قبل قلبي!!، لا تهمني نظرات العيون ولا الكلمات المعسولة، ما كان لم أحتفظ به بسبب قِصرٌ أو عجزٌ -سمه ما شئتِ- في الإدراك لدّي، وما أردته لم يكن!!، لذا عاقبتُ نفسي بالحرمان!!..

نعم قد تتحدث الأنثى التي بداخلي؛ لكن أقمعها بما وراء آثار التخلي والتحلي والتجلي.. وهذا المؤنس والمطمئن لي في هذه الدنيا الفانية!!!

أجبتها بتعاطف: معك حق، لكن لنفسكِ عليكِ حق.. و.. و،

قاطعتني قائلة بنبرةٍ حادة: هل هذا مافهمتيه من مقالتي؟؟!!

أردتُ اخباركِ، نعم قد تطفو الأنثى بداخلي إلى السطح سويعات، ويغلبني الحزن والدموع أحيانًا؛ لكن أرى الجمال والطمأنينة والراحة والسلام بما اختاره عقلي ومنطقي وليس قلبي.. وهذا يكفي، ياااسيدتي.

شددتُ على يدها قائلة: عفوًا حبيبتي إذ لم أكن فهمت خَطك في البدء، لكن، قد نخطط لمراحل ما في حياتنا، وتحدث بما لا ترسو عليه السفن، لكن ثقي بأن خطط الله أفضل الأقدار لنا، وأُحيّي فيك الصراحة والشجاعة والهدف الذي تُسيّرين به رحلتك في هذه الحياة.

ابتسمتْ ابتسامة باهتة كأنها أرادت أن تخبرني: أنتِ أيضًا لم تفهمي ما عنيتهُ من فضفضتي معكِ!!

سلمتْ علّي قائلة: تشرفتُ بلقائكِ ولي معك جلسة أخرى إن شاء الله.

احتضنتها واقفة وأردتُ اِخبارها: اختلاف الرؤى بيننا، لا يعني عدم فهمي لقضيتك، كل مافي الأمر انزعاجك لتسليط الضوء على مكنونياتك الداخلية جعلك محتدةً في الِاعتراف والدحض المباشر!!..

فعلًا امرأة ذكية محاورة، وهنا يكمن الجمال الخارجي والداخلي فيها كأنثى مسالمة، والأجمل احتياطها في كل أمورها جعلها امراة مميزةً متميزة.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×