[شعر] حبيب المعاتيق: يقلب السوسن كمن لا يدري القصيدة الفائزة بالمركز الأول في جائزة راشد بن حميد
حبيب علي المعاتيق
إلى شاعر يسكن في الجوار منذ أربعين عاماً؛ ولا أعرفه
من قبل أن تنحتَ الأفكار معدنَهُ
مشى،
وكيّفَ ما يلقى وأيَّنَه
أعاد مَوضَعة الأشياء،
كوَّنها،
غير الذي القدرُ المحتومُ كوَّنَهُ
يقسو الوجود على جنبيه
حيث مضى فرداً
يقلًب في كفيه سوسنه
كان الزمانُ كئيبا
في تنقلِهِ،
يمشي على غير إيقاعٍ؛
فلحّنه
وكان في الليل مزمارٌ بلا شجنٍ
فقال: “يا غُربة الدنيا”،
فأشجنهُ
كان الغرام رتيبا خائفا
فرِقاً
وكان أشجعُ ما في الحب أجبنهُ
فراح يبعثُ في العشاق فكرته:
ما أتعسَ الحبَّ
لو أعطاك مأمنه
أغرى الحنين بأن يسقي الغرامَ لظى
وحرض الشوق
إن أغفى ليطعنَه
أعمى ومن فرط ما أغرت نبوأتُهُ
عينَ الحقيقةِ،
باع الحبُ أعيُنَه
من يومها عاش أعمى؛
كل همتهِ
يعد من لم يكن أعمى
ليلعنَهُ
**
آتٍ من اللغة البيضاء
أثخنها حباً أليما بما كانت لتثخنَهُ
مشى على قلقِ المعنى
تموت به كل القصائدِ
لو ممشاه طمأنهُ
تقتات خبزَة هذا الشك مهجتُهُ
يموت جوعا
إذا ما الشكُّ أيقنهُ
تغربت روحه العُليا
وما بَرحت
أخالُ غير ديار الأرض موطنَه
كأن طينته السمراء
ما عجنت إلا لكي تطحن المعنى
وتعجنه
مضى يكوّر هذا العمرَ في يدهِ
ويستلين على كفيه أخشنَه
مشى إلى سدرة الإلهام؛ ثم رقى
في الفيض
أبعد مما كان أمكنه
وشفَّ شفَّ
إلى الحد الذي حضنت
أضلاعها الريح؛
ما هبّت لتحضنهُ
وطار وجهةَ لا يُدرى؛
فيا مَلَك الأفاق لو نلتَه
أرجعه مسكنه
به جناحان،
طارا في قريحته
للغيب؛
ثمةَ لا سجنٌ فيسجنَهُ
فليس أبعد من هذا الخيال مدى
يهفو جناحاه إن رفّا
لتظعنه
مضا يصفُّ تراتيل الهوى سورا
كأنما مَلَك بالوحي لقَنَهُ
ما كان قطَّ نبيا في تمظهرهِ
لكن حلما كهذا الحلم
أبطَنَهُ
**
خمسون ألف أذانٍ
كلما وُلدت
في رأسه فكرةٌ كالوحي؛ أذَّنَه
تناوشتهُ
وبالأحرى تناوشها
وراح يُعمل فيها الريبَ؛
ديدَنه
تدور في رأسه دور الحياة
فما أبقى على عتبات الرأي
أوهنَه
فكلما فكرةٌ خلاقةٌ وُلدت
صلى على جسد الأخرى
وكفَّنَهُ
اقرأ أيضاً
حبيب المعاتيق: سعيد بتمثيل بلدي والفوز بالمركز الأول في الشعر