[شعر] أمجد المحسن: الّليلُ غير وفيٍّ
أمحد المحسن
الَّليـــــلُ غيرُ وفِيٍّ، والصَّــــــــباحُ وفي،
والعشقُ ما ليسَ يخفَى، والحنينُ خفي
خُذها إليكَ العَصَا العصماءَ لا تَخَفِ،
وقُمْ من الَّليـــلِ، أفرغْهُ، أفِضْ وطُفِ
وخُــــذْ من الَّليــــلِ لامَيْهِ، وربّهــــــما
للصَّيــــدِ، علَّ ميــــاديرَ الكلامِ تفــي !
لِما لإيــــلافِ أســــــواقٍ بضائِـــعَـــها،
نفرتَ مـن كلِّ شــــيءٍ غيرِ مُختَـــلِـــفِ
يا لاتَ مـــؤتلفـــاً يا لاتَ مُختــــلِـــفاً،
يا غيــرَ مُعتكِــــفٍ يا كُــــلَّ مُعتَكِــــفِ
حدِّثْ عن الأمر، قلتُ: الأمرُ أكثَــــرُهُ،
ما أورثَ السَّلَـــــفُ النّاجُــــونَ للخَلَفِ
غطستُ أُنقِـــــذُ نفسِـــــي من براءَتــها،
واستغرقَتْــــني ببحــــري وفرةُ التُّحَـــفِ
خاصَرْتُ في غُـــبَّــــــةٍ حوريَّـةً، ومتـــى
وجدتَ حوريَّــــــةً في الغُـبَّــــــةِ اقتَرِفِ!
أنا المعَــــرِّفُ عن شِعري ومُكْتَــــشِــفي،
غوَّاصَ ذِي صُدَفٍ، طوَّاشَ ذِي صَدَفِ،
لا تِيهَ ذِي صَلَــفٍ ، بلْ كِبْـــــرَ ذِي أنَـفِ،
لا كنتُ إنْ لم أقُـــــلْ شِعـراً ولم أُضِــفِ،
وقلتُ هــــاؤُمُ ألواحـــي وذِي صُحُـــفـي،
وقْـــــفاً على أصدقـــــاءِ الـــلامِ والألِــفِ
وقفاً على أصدقائـــــي أينـــــما وُجــــدوا،
مِ الآن حتَّى غَــــدِ الأصــــلابِ والنُّطَــفِ
إلا الذيـــن عَمُــوا من فَــــرْطِ ما لؤُمــــوا،
أو الـذي بزبـــــوري غيـــــرُ مُعـــتَـــــرِفِ..
جَنَى العَـــــراءُ على البُســتانِ، وانقصَفَتْ
عِيدانُ ظلَّــــينِ من هِـــيفٍ ومِن هَـــيَــفِ
عَــــراءُ جِـــــنٍّ فلا ظِـــــلٌّ ولا شجَــــــرٌ ،
فمن سَعَى في عراجــــيني وفي سَعَـــفـي؟
فقُلـــتُ أبــــذُرُ بُســـــــتانَ الكـــــلامِ على
كيفِ الكلامِ أذيـــبُ الخَشْــــنَ بالرَّهَـــفِ
لما انتهيـتُ من الرّاهــــنامـــــجِ امتــــلأتْ
محاملي ، فهبطْــــتُ الأرضَ عن شَغَفــــي..
أنْــــزلتُــــها لُغـــتـــــي ، ها إنَّ كوثَــــرَها،
وقُلتُ يا بحـــــرُ هـــذا البَــــــرُّ فلْتَـــقِـفِ!
يا شِعــــرُ ها هو مينائـــي، سأهـــبِطُـــــهُ ،
أبحِرْ بفُلْــكِــــكَ دوني، لم تعُـــدْ هَدَفِـــي
لم أبْتـذِلْـــــكَ لأجـــــلِ الآخــــــرينَ، وما
إلا لأجلـــهـــــمُ شِعـــــري ومُحتَــــرَفِــــي
وما كتبتُــــكَ ما اعـــــتادوا وما انتــــظروا،
وقُلتُ يا اثنَيـــــنِ من تاجـــي ومن شَرَفـي
يكفي الذي مرَّ ، قــــال الشِّعـــرُ يا لُغـــتي،
كفَّيتِ وفَّيتِ ، رُدِّي البابَ ، وانصَـــرِفي..
الشِّعرُ كالحُــــبِّ لا بُخـــــلٌ ولا سَــــرَفٌ،
مَن ضَاقَ بالبُخــــلِ ذرعاً ضَاقَ بالسَّـــرَفِ!
لكنَّــــنــي حينَ ودَّعــــتُ القصيــــــدةَ لم
أفطَنْ إلى ختْـــــمِ شيطــــــانٍ على كَتِـــفي
لعنتُ شيطــــــانَ شِعــــــري كم أصادفُـــهُ،
كأنَّهُ حيِّــــــزُ الأســــمــــاءِ في الصُّـــــدَفِ
رأيتُني وقـــد اسْتَــــدْرَكتُ وانعَـــطَـــفَـــتْ
رُوحي كما لو جميـــــعُ الأرضِ مُنعَطَـــفـي
هذي السّمـــــاواتُ عنِّي من سيحـــملُـها ؟
أوَّاهُ يا ليـــــتَ شِعـــــري ليـــتَـــــهُ تَرَفـــي!
للشِّعرِ ما يُشبــــــهُ الحُمَّــى الحرونَ، وهلْ
رأيتَ مَن مَــسَّــــــهُ شيطانُــــــهُ وشُفِــــي؟