[مقال] ريان المصلي: الصدمة الثقافية المجتمعية
ريان المصلي
الصدمة الثقافية المجتمعية Culture shock
مصطلح متداول وبات معروفاً لدى الكثيرين وعادةً ما يقع في الصدمة القادم من الخارج. المعتاد في بعض الدول الأجنبية الالتزام بالنظام في شتى المجالات. فحينما يأتي زائر ويرى الأغلبية لا يلتزمون بالأنظمة المرورية مثلا يتفاجئ !
قواعد المرور
أحد الأصدقاء في بداية قدومه وأثناء خروجه من المطار رأى علامة قف فوقف وإذا بالمار من الجهة المقابلة بدل الوقوف زاد في سرعته حينما اقترب من العلامة ونظر باستغراب ولسان حاله “شكله مو صاحي واقف لعلامة قف!”. وصل الحال لدرجة أن الالتزام بقواعد المرور أمر شاذ. مررت في إحدى الطرقات وإذا بشخص قادم عكس السير فتساءلت هل يخشى على نفسه؟، ألا يوجد له أهل يخافون عليه ولفقده؟ فإذا بثلاثة سيارات قادمة عكس السير خلفه وكأن الأمر طبيعي جداً. والبعض يرى قطع الإشارة الحمراء في أولى الثواني بالخصوص من حقوقه الطبيعية!
الأمور الحكومية والمدنية
من الأمور التي يعتاد عليها المغترب هي الابتسامة والكلام الجميل من الشكر والاستئذان والاعتذار حال الخطأ. في تجربتي مع الأحوال المدنية والجوازات، أسلم على الموظفين فلا يردون السلام، ويكتفي البعض بهز الرأس وهو ينظر للأوراق وعيناه تقولان “خلصنا مو فاضيين لك” وبعد الانتهاء أقول شكراً فلا ألقى جواباً كذلك، مع أن الموظفين في الغرب مثلاً لديهم زحاماً أكثر، والعملاء بكثرة لكنهم لاينسون التصبيح والتمسية عليك، والبعض يسألك عن أحوالك مما يدخل السرور عليك وعليهم. أردت إصدار جوازاً جديداً لمولود خارج المملكة فقدمت بالمطلوبات في الموقع وحين سلمت الأوراق للموظف طلب أمراً غير موجود في المطلوبات فعرضت عليه ورقة الموعد والمطلوبات وقلت هذا الأمر غير موجود هنا، رمى الأوراق علي وقال جيبه وبعدين يصدر الجواز، ونادى: “اللي بعده”. وضاعت من وقتي ساعتان بسبب هذا الاجراء مع العلم أن ساعتين، يمكنني أن أجري فيها ٤ عمليات مناظير بالأشعة فوق الصوتيه للمساهمة في إنقاذ 4 أشخاص. وقس على ذلك من أوقات الناس وموظفي الجوازات أيضاً. فحينما تخلق عقبات يضيع وقت الموظفين أنفسهم. خاطبت مدير الجوازات بخصوص هذا الأمر وقال هناك تفاوت بيننا وبين نظام أبشر. وأنا أقول لهم تعاونوا ليزول (التفاوت) وتتسهل أمور المواطنين وأموركم. حصلت لي مشكلة في فيزة لدى إحدى الدول الأجنبية والنظام لايمكِّنُكَ من استخراجها وحين ناقشتهم بظروفي عملوا استثناء للنظام لتيسير الموضوع. في حين ببلداننا تعطَّل أمورنا بسبب النظام الذي وضعه البشر وحينما تقول في هذا الظرف النظام في غير مصلحة المواطن والوطن يُرَد عليك: هذا النظام!.
ألا يجوز تعديل الأنظمة واللوائح إذا تسبب في تأخير وتعطيل أمور المواطنين، ولها انعكاسات سلبية على المصلحة العامة. وللانصاف هناك نقلة نوعية، وتسريع للطلبات، واستفادة من الجانب الإلكتروني، وإذا عُمِلَ على معالجة القصور سنصل إلى مثالية نستحقها جميعاً.
القطاع الخاص
للقطاع الخاص نصيب من السلبية التي لا نتمناها. دخلت إحدى المحلات التجارية وطلبت لقيمات من الكنافة بالقشطة والأخرى بالجبن. وقلت للموظفة هل ممكن فصلهما في صحنين فأجابت: لا. قلت كيف نميز بينها إذاً. قالت: شكلها واحد ولمعرفة مابداخلها افتحها وشوف جبن لو قشطة. قلت: أحد الأشخاص لديه حساسية من القشطة وهذه الطريقة ستسبب له إحراجاً والأفضل وضعهم في صحنين مختلفين أوالتمييز بينها بشكل آخر. قالت: “جيفه دي”. موضوع الحساسية والجانب الصحي يجب أن يُؤخذ بجدية لما له من خطورة كبيرة قد توصل للوفاة. علينا أن لا نأخذ مثل هذه الأمور باستخفاف وعدم اهتمام، ففيها احترام للإنسان بماهيته، والمحلات تريد كسب وارضاء الزبون لما فيه مصلحتها، خصوصاً أن الأمر عقلائي منطقي.
صحيح أن هذه القصص فردية لكنها تعبر عن سلوك عام به نوع من التقصير يحتاج إلى تغيير.
وفقت للحضور لإحدى دروس التفسير للسماحة الشيخ حسن الصفار وتطرق لموضوع تعديل السلوك المجتمعي عن طريق النصيحة اللائقة والكلمة الطيبة، وأن يسعى الجميع للنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى يصحح المخطئون أنفسهم (وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فتعبير أمة دلالة على الكثرة حتى يعي المقصرون بتقصيرهم، ويصبح السلوك الخاطئ غير متقبل مجتمعياً ويكون التغيير من الجميع إلى الجميع.