زركشة “البكاكير” وأقلام “القدو”.. فنٌّ حرفي لا نُدرك جمالياته أم مصطفى تقضي حياتها بين الخرز والخيوط وتدير مشروعها الصغير

صفوى: بيان آل دخيل

ليست القصة في كون “البكّار” و “القلَم” من أدوات التدخين؛ بل من زاوية كون هذا النوع من المشغولات يدخل ضمن فنون حِرفية مهمّة، يكاد لا يُنظَر إليها إلا على نحو عابر..!

في القطيف ـ كما في المنطقة الخليجية ـ تنتشر حرفيات متخصصات في زركشة أدوات التدخين، يحوّلن قصبات عارية إلى تحف فنية جميلة، ولكن لأن هذه الأدوات مألوفة فإن عيوننا لا ترى الجمال بدقة.. نراها ولا نُدركها..!

السيدة الصفوانية التي اعتذرت أن يُشار إليها بغير كنيتها “أم مصطفى” واحدة من ممارسات هذه الحرفة الفنية، وهي تعمل فيها منذ سنواتٍ طويلة، وتملأ يومها بفرز الخرز والخيوط والقصبات.. فما هي قصتها..؟

بكّار الوالدة

وضعت أم مصطفى ” البكار” الذى ورثته عن والدتها أمام ناظريها حزينة بعدما  انكسر، فهو من رائحة أعز الاحباب.

بعد لحظات قليلة وجدت أم مصطفى نفسها تمسك بـ” البكار” وتحاول إصلاحه، ولم تتيقن أن تلك المحاولة ستنجح، أعادت ترميم وإصلاح أهم شئ يذكرها بأمها، كما انها لم تعرف أن إصلاح ” المكسور” سيكون هو مشروعها الصغير مستقبلاً.

أم مصطفى التي تعيش في صفوى بمحافظة القطيف اكتشفت موهبتها فى صناعة زركشة “البكاكير وأقلام القدو”، وهى من أدوات للتدخين، ومنتشرة في عدد من دول الخليج العربي.

والقدو كان منتشرا بشكل كبير في السنوات الماضية بين الرجال والنساء، ولا يخلو بيت من القدو إلا ما ندر، فهو أنيس مجالس النساء حتى ما قبل عقد من الزمان، إذ لم يكن يخلو مجلس نسائي منه، سواءً كان مجلس حزن أو فرح أو عرس أو غيره، حتى ان نساء كبيرات كن يعتبرن عدم تقديمه في المناسبات عيباً اجتماعياً.

من بيتها

قررت أم مصطفى امتهان صناعة وتزيين البكار وقلم القدو، من بيتها حتى تتمكن من الاعتناء بأبنائها.

تقول أم مصطفى، ” عمل جميل فلا اتنقل إلى المداومة فى مكان آخر فأنا اعمل من منزى وأراقب أبنائي”، وتكمل ضاحكة ” أعمل براحتي ولا مدير يتأمر علي”.

أم مصطفى تتقبل نقد زبائنها فهى ترى أن تعليقاتهن اثناء الشراء دافعا لها لتحسين بضاعتها فهى تحاول طوال الوقت ارضاء زبائنها.

وتحكى أم مصطفى بداية قصتها مع صناعة وتزيين البكارات واقلام القدو،” كانت البدايات عندما أردت تزيين وزركشة بكارا تبقى لى من أمى “.

وتضيف “حاولت الحفاظ عليه لكنه انكسر، فحاولت اصلاحه، وفعلت ذلك، و الغريب أنى احببت إصلاح وتزيين وزركشة القدو”.

وتابعت أثناء حديثها لـ” صبرة” : كان لدي وقت فراغ بالإضافة إلى أني أحب الأعمال الفنية، كما أنى  أدخن القدو فلم يكن مستغرباً أن أنجح في هذا المجال”.

خامات تزيين القدو

تستخدم أم مصطفى فى تزيين اقلام القدو والبكارات أنواعا والوانا مختلفة من الصوف والخرز البلجيكى ذو الحجم الصغير إ ذإنه أكثر ترتيبا حسب وصفها .

ولأن أم مصطفى تزين قلم القدو أحياناً تشرح ما تقوم به وتقول” نشتري الصدير “باغة” من محل خياطة ويتم قصه بشكل صغير ثم يلف حول القلم وتختار الألوان بحيث يكون لونين متباينين ليظهر جماله .

وتستعين أم مصطفى بأدوات صناعة وزركشة أقلامها وبكاراتها من البحرين، القريبة من المنطقة الشرقية .

وتقول أم مصطفى إن النساء تحب أن يزين “قدوهن” بالأخص لأن “القدو” يجمع الناس،  فحين تجد النساء القدو مرتب وجميل وألوانه جميلة، يفضلن الجلوس مع صاحبته.

وتجد أم مصطفى أن القدو كأداة تدخين غير جميل ولا حياة فيه بدون تزيين.

وتفضل النساء ألوان معينة فهناك من تريد أن يكون البكار والقلم يتوافقان مع ديكور منزلها.

تفضل النساء اللون الأسود والابيض لتزيين القدو في أيام عاشوراء، ولكن في المناسبات السعيدة والأعياد تلجأ النساء للألوان الفاتحة المشعة كتعبير عن السعادة”.

العائلة

أسرة أم مصطفى تساعدها في عملها أحياناً، حيث يشترون لها بعض أدوات التزيين كالخرز، وذلك اثناء سفرهم إلى دوله مجاوره للمملكة، ويحاول زوجها وأبنائها مساعدتها في قص القصب وترتيبه ولكنها لا تفضل مساعدتهم رغم أنها تقدرها لأنها تشعر بمسؤولية تجاه عملها ولا يعجبها أن يكون هناك أي خطأ.

وترى أم مصطفى أن نسبة بيع البكار وأقلام القدو ممتازة كسابق عهدها، مضيفة ، ” عانينا فقط من فترة توقف التتن لفترة وطالما هناك “تتن” هناك بيع للقدو ومعداته”.

الأسعار

في سوق السبت، في صفوى المتنقل، يقف حسن المحسن يبيع معدات القدو (أقلام، بكاكير، دبات) حيث يبيع بعضا من منتجات أم مصطفى.. يقول إن هناك ركوداً في حركة البيع، بسبب ارتفاع الأسعار.

ويشير المحسن إلى الأسعار الحالية: التطريز بخرز صغير: 55 ريالاً، التطريز بخرز كبير 50 ريالاً، أما الأقلام غير المطرزة فيتراوح سعرها بين  18-20 ريالاً. ويؤكد المحسن أن النساء يفضلن أن تكون ألوان البكار هي ذات ألوان القلم فهن يحبن “الطقم”.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×