تعقيب على تعقيب.. دعبل: أشكر العوامي.. ولكن الصورة ما زالت ناقصة

حسن دعبل

عند ما كتبت متابعتي وتعقيبي لما يكتبه الأستاذ الشاعر عدنان العوامي، عن ميناء القطيف وما تعرض له من أحداث وحروب تاريخية، ليس من باب الإشارة وحسب، ولكن لمكانة هذا المكان الجغرافي ومكانته التاريخية منذ أقدم العصور وممالكه وحضاراته وتجارته البحرية ومدنه التي ازدهرت معها تجارة البخور والنحاس والعطور واللؤلؤ، وحروب القبائل ومدى تسابقها للسيطرة على هذه “البنادر” البحرية، حتى فتراتها المتأخرة.

الكاتب ماجد شبر أشار في كتابه “القبائل والصراعات لسياسية والقبلية”، وأيضاً الكاتب جلال الهارون في كتابه “تاريخ القطيف السياسي” أشارا إلى دور هذه الصراعات وما تعرض له ميناء القطيف من سيطرات وتدمير وحروب..!

وللاستغراب والإشارة لطريق الحرير البحري، المرادف لطرق الحرير البري، فهذا ليس من باب الفتح أو الجدل، فالنقوش والمستوطنات التجارية والنقود والمعثورات هي من تتحدث عن طريق الحرير. ولعل التدمريين هم من احتكر تجارة الحرير البحرية. 

فعلينا بتعدد القراءات وتنوعها، كي نزيل تلك الغبشة والغمامة لما غاب عنا وعن قراءاتنا المتواضعة، ومالم يتح لنا من متابعته والاطلاع عليه.

ولكي نفتح الأفق بصفحات غابت، أحيل الأستاذ العوامي للاطلاع على كتاب المؤرخ تيسير خلف في كتابه “ألغاز مليحة”، حيث أشار إلى تدمير الموانيء البحرية، وسلطة الحرير، وسقوط البارثيين وصعود الساسانيين، ونهاية حكم سلالة هان الملكية، حيث إن المشرق العربي دخل عصراً جديداً من العلاقات الدولية، من أبرز ملامحه نهاية السلسلة الحضارية التجارية العربية – الآرامية في الخليج العربي وحوض الفرات، وفي سياقها نهاية مليحة والزارة “القطيف” و “كرخ” و “ميسان”. فهذه المدن انتهت فعلياً بتدميرها على يد قوات أردشير في فترة تتراوح بين عامي 226 و 236 للميلاد.

ويشير خلف أيضاً في كتابه، عن الهجوم على مدن الخليج بقوله:

“لا نعرف الآن بالضبط ماذا حل بشبكة طرق الحرير بعد نهاية أسرة هان الغربية، ولكن الوقائع تشير إلى تدمير طريق الحرير العابر للخليج العربي على يد الملك أردشير الساساني، وتعزيز طريق الحرير البري، وجعله خياراً نحو الغرب”.

وتذكر المصادر التاريخية الإسلامي، ذات المرجعيات الساسانية، أخبار هجوم أردشير على الساحل الغربي للخليج العربي، وتذكر تدمير المدن التي كانت قائمة في ذلك الوقت.

ويذكر الطبري، الذي يعتمد على مصادر تاريخية ساسانية، أن عدداً كبيراً من ملوك العرب ورؤساء الحجاز تركوا بلادهم وسكنوا البحرين ومدن الخليج، أمثال الحجر والحسا، وسبع أو ثمان غيرها في عهد الملوك البارثيين (الإشكانيين)، وكانت الحجر ـ حسب قوله ـ المدينة الأهم في مدن البحرين. فأجْلَوا أهلها الأنباط واحتلوا مكانهم، والأنباط في عرف المؤرخيين المسلمين تشمل جميع الآراميين، ومن هنا نشأ حلف التنوخ الذي انطلق في جنوب العراق.

ويضيف الطبري أن أردشير الذي هاجم مدن الخليج، بنى في البجرين مدينة أطلق عليها اسم “تبن أردشير”، بناها على جثث أهلها، لأنهم فارقوا طاعته وعصوا أمره..!!

أما الإشارة إلى أسرة “الرحاحلة” كتجار اللؤلؤ وما تذكره المراسلات والوثائق، بأنهم من تجار القطيف البارزين هربوا إلى البحرين بعد استيلاء “مانع بن راشد بن شبيب” أي في عهد إمارة آل شبيب في شرق الجزيرة العربية، فإنما هي إشارة عابرة للنسيان، بعيداً عن النقص.

شاكراً للأستاذ الشاعر عدنان العوامي، إضافاته ومتابعته، وتقصيه للأثر الغائب.

تعقيب على تعقيب الدعبل: أتحدث عن الميناء.. لا طريق الحرير ولا الرحاحلة

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×