نحو “درب زلق” قطيفي
زكي بن علي الصالح
في عام 1977م جلس الفنان سعد الفرج والفنان عبدالحسين عبدالرضا والمؤلف عبد الأمير التركي في حديقة “دروازة الجهراء” ينسجون الأفكار الأولى لمسلسل تراثي متميز، حيث لم يكن يدور بخلدهم وقتها أنهم على موعد مع القدر وفي لحظة تاريخية من خلال إعدادهم لمسلسل بات من أشهر المسلسلات في الخليج والعالم العربي، مسلسل أذهل نجاحه حتى معدوه الذين لم يكونوا يدركون آنذاك أنهم وضعوا أيديهم على وصفة سحرية صيّرت عملهم الفني مسلسلاً خالداً.
ويعزو المحللون الفنيون سر نجاح وخلود مسلسل “درب الزلق” لحنين الناس إلى الماضي أو ما يُعرف بـ “النوستالجيا” حيث جسّد المسلسل نمط الحياة في الزمن الماضي الجميل، فترة ما قبل الطفرة النفطية في منتصف السبعينات، الطفرة التي غيرت معالم الحياة بوتيرة حديثة ومتسارعة، نقلت الناس من حياتهم الأولى المتسمة بالبساطة وقوة الترابط وغلبة الروح الجماعية وسيطرة الموروث الشعبي على عقلية الناس وتفكيرهم، إلى عالم آخر يتسم بالتعقيد والفردانية وطغيان الماديات على العلاقات والمشاعر.
الحنين إلى الماضي هو ما يشد الجمهور للإقبال على مشاهدة درب الزلق وغيره من الأعمال التراثية مثل مسلسل “الأقدار” “فرجان لوّل” و”سوالف طفّاش” ولا تقتصر مشاهدة تلك الأعمال على من عاش وعاصر تلك الحقب التاريخية وإنما حتى من قبل الأجيال الحديثة التي يشدها الحنين إلى سيرة وماضي الآباء والأجداد.
هذا الحنين أنتج شغفاً لكل ما يمتُّ للماضي بصلة؛ لذلك نلحظ في القطيف الإقبال في تزايد على هواية جمع المقتنيات التراثية والمطاعم التراثية والمهرجانات التراثية.. إلخ، وأظن أن الوقت قد حان لتتويج هذا الشغف بإنتاج مسلسل تراثي قطيفي على غرار درب الزلق وغيره من الأعمال التراثية الناجحة، فالحاجة باتت ملحة الآن لإنتاج عمل فني يوثق حياة الناس ومعيشتهم في القطيف إبّان تلك الفترة، ويلاقي حنين القطيفيين لماضيهم وتراثهم ويلبي فضول الأجيال الحديثة عن ماضي آبائهم وأجدادهم، ويقدم المجتمع القطيفي ويشرح لهجته وعاداته وتقاليده وتراثه الشعبي لغيره من مجتمعات المملكة والخليج والعالم العربي.
كل الظروف وعوامل نجاح هذا العمل الفني ـ إن قدر الله له وأبصر النورـ أظنها متهيئة ومتوفرة في القطيف، من كوادر فنية وطاقات وقدرات، تبقى العقبة أمامه هي التمويل، وهذه يمكن التغلب عليها من خلال البحث عن جهة إنتاجية عامة أو خاصة، وفي حال عدم توفر هذه أو تلك فمن خلال دعم رجال المال والأعمال بالقطيف، وإن شاء الله لن يقصروا، فهل يشهد عام 2020 إعلان قرب ولادة مثل هذا المسلسل؟.