بإرادتنا.. نختار أن نمرض
عبدالله الدبيسي*
لن أوجه اللوم هنا إلى مثل تلك التجمعات الطائشة كما حصل على كورنيش القطيف. لقد أوسعها الجميع استنكارا.. الكلام موجه إلى شرائح من المجتمع لا زالت في غفلة عما يجري أو قُل إنها في حالة تغافل وتساهل بمخاطر العدوى وآثارها على مجمل الأوضاع وفي مقدمتها الصحة.
في بداية الأمر مثّلت المجالس المرتبطة بأهل البيت عليهم السلام ذروة المشكلة لانتشارها على مستوى المدن والبلدات بين مجالس للرجال وأخرى للنساء واستمرت المناشدات لأصحابها إلى أن دخلنا في الوقت الحرج.
بعض هؤلاء بسطاء حد الإنفصال عن الواقع وقد لا يدري من يتساهل أو يستمر بعقد وحضور هذه المجالس أنه ترك الواجب إلى ما يراه مستحبا ولا عذر لمتساهل في هذه المرحلة.
أضف إلى ما سبق مجالس الفاتحة فما زال بعضها يُعقد ويحضرها المعزون.
بعض أهل العزاء يرون لأنفسهم العذر ولكن لا عذر في الواقع لأن الواجب يقضي بإلغاء أوتأجيل مجلس الفاتحة في هذه الظروف بل الاعتذار مطلقا حتى عن الجلسة الخاصة في البيت.
وبين المتساهلين بل في مقدمتهم أهل الديوانيات والجلسات اليومية فاللقاءات ما زالت متواصلة.. في بعضها على الأقل وكأن شيئا لم يكن في تقدير هؤلاء.
ولأن بعضنا لايريد أن يتغير أو يتصبر فهو يمضي على أسلوب حياته المعتاد مثل هذا الذي يسلم وجهه إلى الحلاق كما هي عادته كل يومين أو ثلاثة ولا يبالي، المهم هو الذقن وليس صحته وسلامة الآخرين.
أما اجتماع العوائل فيبدو في سلوك بعضهم وكأنه استثناء من قائمة العزل، وبعضها عوائل كبيرة ولكنهم لا يرون في الاجتماع أي محذور مهما كثر العدد، المخالطة في نظرهم تعني الاجتماع بالآخرين فقط، ولا بد بالطبع أن يكون بينهم من يخالط الآخرين.
معلوم أن العزل هو الأساس في مكافحة العدوى ولو أن الناس سعوا الى ذلك بمحض إرادتهم وفرضوا العزل على أنفسهم قبل فرضه بالقرار لتجنبوا العدوى، وتجنبوا كذلك إطالة مدة العزل.
البعض للمفارقة يطلبون الشيء ونقيضه في وقت واحد فحين تلفت نظر أحدهم إلى وجوب الحذر والالتزام تجده يتبرم: (ما أقدر على جلسة البيت.. ما أقدر ما أشوف الناس.. ما أقدر.. ما أقدر.. !!) ولا يدري أنه يتسبب هكذا بإطالة زمن الحجر لأنه يساهم في المخالطة وانتشار العدوى.
تسجيل إصابة جديدة يعني بدايةً ومدةً جديدة للعزل، وقد تكون أنت السبب أيها المتساهل.
إن العزل لا يعني انقطاع التواصل ولا أن يصبح البيت سجنا، اخرج وامش مع عائلتك وامش مع الصديق ولا ضرورة للمجلس أو الديوانية، ومن المهم أن لا تسود بيننا لغة التهوين: المرض بسيط.. هذه مبالغات.. تضخيم للمخاوف.. الخ.
هذه اللغة تعني أو تساعد الآخرين على التهرب من الالتزام.
إن ما يسود العالم الآن هو القلق وليس التهوين.. قلق حقيقي وخوف من الآثار المحتملة التي قد تعرض نشاط المجتمعات للشلل، صناعات ضرورية لحياة الناس أصبحت مهددة بالتوقف، حتى نقص الغذاء بات محتملا على مستوى العالم؛ إن استمر الوباء في الانتشار، والمسؤولية لدفعه واجب الجميع.
__________
*المقال منشور بالتزامن مع الزميلة صحيفة جهينة