هل كورونا لا يصيب المؤمنين..؟
علي المادح
كان هناك امتعاض واضح وجلي يتردد من الوسط الديني على تعليق المناسبات الدينية، واليوم تُعد استجابتها لنداء العقل من أجل السلامة العامة وعياً وإحساساً بالمسؤولية.
وكان هناك أصوات أخرى خرجت مطالبة بفصل الوباء الجديد عن العبادات، والمناسبات الدينية عبر وسائل التواصل الاجتماعية، منددةً بمن يجد رابطاً بينهما، والآن هم بذاتهم يخرجون على وسائل التواصل ويأمرون الناس بالوقاية والالتزام بالحجر المنزلي وتعليمات الجهات المتخصصة.
كانت هناك أشعارٌ تُكتبْ ومقالاتٌ تُنشر ومقاطع فيديو تتحدث عن عزم الحضور في التجمعات الدينية، وعدم تعليقها غير مكترثةٍ بالأرقام المتزايدة للمصابين، ومتحديةً لكل ما يجري، واليوم نجد صوت العقل يسيطر على الموقف.
كان هناك خجلٌ واضحٌ من المؤسسات الفقهية الإسلامية الشيعية حيث لم تتحدث عن وجوب تجنب التجمعات والأماكن العامة، وإغلاق المراقد مؤقتاً، أو لنقل لقد تأخرت كثيراً في إصدار فتوى واضحةٍ وجليةٍ تجنب الناس عناء العلاج عبر الوقاية الصارمة، ووجوب اتخاذ الوقاية المناسبة في الأماكن العبادية المقدسة، بما في ذلك من ضرورة تعليقها وإغلاقها مؤقتاً، حتى صدرت فتوى صريحة وصارمة من مكتب السيد السيستاني بتجريم وتحريم كل من ينشر المرض جاهلا أو متعمداً ليضع حداً لذلك الخجل.
المؤمنون لم يستوعبوا الظاهر والباطن إذن، ومازالوا يهتمون بالشكل على حساب المضمون، ويعتقدون أن الأمراض تستثني المؤمن الملتزم بالشعائر.
لكنهم صدموا حين اكتشفوا أنَّ الوباء ليس لديه فرقٌ بين المؤمن وغيره، فلا فرق بين مسلمٍ أو مسيحي أو يهودي أو رياضي أو سياسي أو عالم دين إلا بالوقاية والأخذ بالأسباب.
لقد صُدم المسلمون عامةً من إغلاق الحرم المكي وتعليق العمرة مؤقتاً، وقد تكاثرت المظاهر الدالة على تلك الصدمة من خلال ما تم نشره في وسائل التواصل للحرم المكي حيث يبدو الصحن المطهر فارغاً من الآدميين تماماً.
هل تعلمون أنّ هذا القرار الشجاع وسرعة اتخاذ التدابير والإجراءات يعبرعن عمق المسؤولية لدى الجهات المختصة في وطننا الغالي، بينما هناك دول لم تكترث بصحة الناس وزجت بهم نحو المرض معتقدة أنّ المرض لن يوثر عليها كما حدث في إيطاليا وإيران.
المؤمن هو العاقل الذي يقي نفسه وعياله من خلال تعليق جميع أنشطته، والمكوث في بيته ملتزماً الإشتراطات الوقائية لتجنب التقاط الفيروس ومن ثم نشر العدوى.
إنَّ ذلك المخلوق المجهري غير الحي يبحث عن كائن حي من أي مذهبٍ أو ديانة المهم أن يكون جاهلا بسبل الوقاية منه ليكون فريسته السهلة فيتكاثر ويتمدد بين الأحياء.
.
مقال جميل ..
احسنت بارك الله فيك