لا أمان في فضاء الإنترنت
حسن عبدالنبي
هل سبق لك أن بحثت عن شيء ما على جوجل، ووجدت فجأة جميع إعلانات قنوات التواصل الاجتماعي مرتبطة به؟ هذه ليست مصادفة!!
تستخدم شركات التسويق “برمجة معينة” لعرض إعلانات للأشياء التي تعرف بالفعل أنك مهتم بها. مشاركة حياتنا مع العائلة والأصدقاء هي إحدى مميزات هذه التطبيقات الاجتماعية، ولكن غالبًا ما ننسى أن كل شيء شاركناه تمت مشاركته أيضًا مع إدارات المنصات، وماعاد ملكا لنا.
يتتبع جوجل كلماتنا الرئيسية، ويتتبع الفيس بوك إعجابنا واهتماماتنا، ويتتبع انستغرام من نتبعه ويقوم بتحديد أماكن تواجدنا في كل خطوة. كل هذه المشاركات المفرطة للبيانات ماهي إلا نافذة تمنح الآخرين فرصة الوصول لأسرارنا العميقة. فمن الذي يتأكد من الحفاظ على مستوى معين من الخصوصية على الأقل؟.
يعد الأمان والخصوصية من أكثر المشكلات جدلاً في الوقت الحالي، والتي تعاني منها خدمات الشبكات الاجتماعية. ففكرة الخصوصية في الشبكات الاجتماعية غير واضحة ومبهمة؛ لأن بياناتنا الخاصة تتم مشاركتها مع أعضاء آخرين في الشبكة شئنا أم أبينا، وبالتالي لا توجد خصوصية تذكر وقد تكون معدومة.
الخصوصية ليست مجرد إخفاء الأشياء، إنها تتعلق بامتلاك الذات والاستقلالية والنزاهة.
مفهوم الخصوصية شيء لا بد أن يوضح لأنه في كثير من الحالات لا يتم تنفيذه بشكل جيد من قبل إدارات التطبيقات ولا يتم التحقق منه من قبل المستخدمين.
لك أن تتخيل الكم الهائل من البيانات العائدة لأكثر من ١.٤ مليار شخص “فقط” لدى فيس بوك، وفضيحة تسريب بيانات ٨٧ مليون مستخدم لشركة كامبريدج أناليتكا البريطانية، والتي استخدمتها لصالح حملة دونالد ترامب الرئاسية لعام ٢٠١٦ وساهمت في تغيير مسار الانتخابات. هنا قامت الشركة بتحليل البيانات الشخصية للمستخدمين ومنها استطاعت تغيير قرارات الناخبين. هذه نقطة لا بد لنا من أن نتوقف عندها وماهي إلا دليل واضح وفاضح على انتهاك الخصوصية.
للعلم فقط؛ مسيري القارة الزرقاء يمتلكون حقوق انستجرام و الواتس آب أيضا !!!!.
جرس آخر قرعه تقرير استقصائي لصحيفة نيويورك تايمز أن “شركة أمريكية تدعى Devumi تجمع ملايين الدولارات في سوق عالمية غامضة للاحتيال على وسائل التواصل الاجتماعي” إنهم يبيعون متابعين على تويتر ويقومون بعملية إعادة تغريد لأي شخص يتطلع إلى أن يصبح مؤثرًا على وسائل التواصل، الاجتماعي واكتساب شعبية عبر الإنترنت. حيث زودت الشركة بعض العملاء بأكثر من ٢٠٠ مليون متابع قد يكون بعضها ملفات تعريف باستخدام وجهك واسمك! بمن يمكننا وضع الثقة بعد كل هذا؟.
لقد تركنا حياتنا كالمنازل المشرعة في انتظار أن يتم اقتحامها من قبل أي شخص لديه عنواننا الافتراضي – ننشر الصور، نشارك اسمنا الكامل، عيد ميلادنا، أين درسنا، مكان ما نعمل، ونصطحب الناس حتى في أسفارنا كل هذا ونحن غافلون عن فكرة أهمية هذه البيانات. نجد الكثير من المشاكل الاجتماعية من طلاق ودعاوى القضاء لرد الاعتبار بسبب التشهير، وفضائح: مثل جرائم الابتزاز بنشر صور فاضحة تم الحصول عليها في غرف الدردشة. كلها نتيجة اقتحام المجال الشخصي والثقة المفرطة في تبادل البيانات الشخصية.
وسائل التواصل الاجتماعي ممتعة ومن السهل البدء في استخدام منصاتها الشائعة دون الانتباه لأهمية الخصوصية ومشاركة المعلومات الشخصية وتبعاتها. يجب أن لا نكون أدوات إنتاج للبيانات يستفيد منها كل من القائمين على التطبيقات وشركات الانترنت، وشركات التسويق أو حتى ضعفاء النفوس كلاً حسب أجندته الخاصة.
هنا ليس المطلوب حذف جميع حساباتنا على وسائل التواصل الاجتماعي! ولكن الأمر يتطلب استحضار ضريبة الثقة في عالم افتراضي محكوم بقيم معولمة غير القيم الاجتماعية الحقيقية. من المهم أن نفكر في ما يمكن أن يحدث مع ما نتشاركه وأن نكون مسؤولين عن معلوماتنا الشخصية وأن نثقف أنفسنا بشأن ما يمكننا القيام به لضمان الحصول على أكبر قدر ممكن من الخصوصية عبر الإنترنت.
يجب أن نعلم أنه يتم توحيد كل شيء في الوقت الحاضر، حتى أصغر الأشياء في حياتنا اليومية لتصبح في شكلها النهائي موحدة داخل ما يسمى بالقرية الصغيرة “هناك أهداف خفية من ذلك”. الإنترنت مفتوح على مصراعيه، ولا يوجد شيء اسمه خصوصية في هذا الفضاء. الأمر متروك لنا لنحمي خصوصيتنا ضد الأشياء التي يمكننا التنبؤ بها على أقل التقادير.