التوصية: «مجموعة واتساب»
عبدالرحمن السلطان* |
يبدو أن وسائل الاتصال الاجتماعية أضحت هي الهدف بحد ذاتها، ذلك أن عملية التواصل بين فرق عمل بعض المشروعات خلال مراحلها أمست أكثر ضجيجاً من هدف إنجاز المشروعات نفسها!
خلال الفترة الماضية حضرت العديد من الاجتماعات واللقاءات المهنية والاجتماعية، وكان القاسم الوحيد بينها بعد الاتفاق على المهام والمسؤوليات: أن يبدأ العمل عبر تأسيس مجموعة اتصال في المنصة الشهيرة: «واتساب»، وهكذا ومع مرور الزمن تضاعف عدد مجموعات «الواتساب» في هاتفي أضعافاً مضاعفة، وأصبحت غير قادرٍ على متابعة ما يحدث فيها من نقاشات أو ما يتمخض عنها من التزامات، ومن نافلة القول إن الجميع يعاني مثل ما أعاني من تشتت ذهني وصعوبة متابعة.
بالتأكيد هذه المجموعات تسهّل التواصل بين الأعضاء، وتفسح المجال بسهولة لمشاركة الروابط والملفات، وتسرّع من اتخاذ القرار ومتابعة الإنجاز، بشكل أسرع من البريد الإلكتروني أو الاجتماعات الدورية، لكنها حتماً تؤثر على جودة القرار وكفاءة الإنجاز، ناهيك عن انحرافها مع مرور الوقت إلى محتوى مختلف عن هدف إنشائها، كإرسال الطرائف والمقالات والخواطر وغيرها، وهذه أكبر مشكلة قد تواجه أعضاء المجموعات.
لابد من التريث قبل تأسيس أي مجموعة، والتأكد من أن الاتصال الدائم مفيد لإنجاز الهدف وليس فقط لتحقيق الشعور الزائف بالإنجازية، لابد أيضاً من وجود مشرف مجموعة حازم ودقيق، لا يتردد في معاقبة العضو الذي يخرج عن أهداف المجموعة، أو يرسل مواد غير مناسبة لهدف المجموعة، ناهيك عن تحديده لشروط المشاركة وطريقتها وتوقيتها، وماهية المواد التي ترسل في المجموعة وتلك التي ترسل عبر البريد الإلكتروني، ومتى يجب الرد على المقترحات أو الملاحظات قبل اعتمادها وتحولها إلى خطة عمل.
هذه المجموعات الاتصالية فرصة رائعة لتبادل الآراء والأفكار، ومشاركة المعلومات والصور بسرعة مذهلة لم تكن متوفرة قبل سنوات قليلة، والسؤال هنا: هل ساعدت هذه المنصة التفاعلية على سرعة القرار وكفاءة الإنجاز؟ أم أنها أضحت مجرد قناة تواصل إضافية؟، أو الأسوأ أنها مجرد وسيلة للشعور الزائف بالانشغال وتحقيق الإنجاز الصوري؟ هذه الأسئلة أنت وحدك من يستطيع الإجابة عليها، بعد أن تكون شجاعاً وتهرب مما لا يهم ولا يفيدك من مجموعات «الواتساب».
______________
*صحيفة الرياض، السبت 22 جمادى الآخرة 1439هـ – 10 مارس 2018م