الخلود الحزين
إبراهيم الزين |
مكتوبٌ على القديح أن تعيش الحزن مدى الرضا ، ومقدرٌ عليها أن تتقبل المصائب على رحاب التسليم ، فلا تمضي الأيام إلّا وتناولها كفٌ الزمان فاجعة تلو أخرى ، تتنافس وجعاً ، وتتسابق ألماً وحسرة ، وكأن القديح أصبحت بحيرةً من دموع ، وشجواً من أنين .
ولا ندري أي جراح ننتظر ، وأي الفراق نتوقع ، فهي تتلوا بعضها ، لدرجة أننا أصبحنا نقف على قارعة الفجاءة ، حيث الوقت لا يكاد يمر دون أن نسمع صدى الإسترجاع يتردد من أفواه الفافدين ، وعزاء المكلومين .
وها نحن على مسافة الإنتظار ، وسكة القادمين ، لتتناولهم أيادينا المرتجفة ، وتعانقهم قلوبنا المألومة ، لتزفهم حيث الرحيل الابدي ، والذكر المخلد .
هانحن بانتظار فخر القديح ، الذي أتخم النفوس عزة وشهامة ، وأمدها جوداً وكرماً ، فأحبته شغفاً وهياما ، وقد جعل من كل قديحي رمزاً يشار له باسمه ، وبأنه من ديرة الشهاب ( شهاب ).
يا أبا حسن . نحن على يقين أنه سيكون عرساً قديحياً بامتياز ، كما هو حال القديحيين حين يبدعون في المناسبات على اختلافها ، فتظل منقوشة على جدر الأزمنة ، ومرسومة على سعفات النخيل ، مطاولةً المجد من أبوابه الواسعة ، فعلى غير العادة دوماً ينتفض أهل القديح ليشكلوا لحمة الوفاء ، ومنظومة الشهامة والنخوة ، وهم اليوم يستعدون لاستقبال الغائب العائد ، والذي ارتاح من عناء الترحال ، ليحط في محطته الأخيرة ، فوق تراب قديحه الأبية ثم في رحمها يعود كما خرج منه بداية رحلته الحياتية التي ختمها بأبجدية الرضا ، ودعاء التسليم بالقدر والقضا ، فاهلاً بك يا أبا حسن عائداً بعد سفرٍ طويل ، وإلى سفرٍ جميل بإذن الله حين تلتحق بالصالحين الذين على شاكلتك ، ممن خلدهم عملهم ، وأبقتهم مواقفهم وأفعالهم ، أحياءاً في الدنيا ، وعند ربهم إن شاء الله يرزقون . فأنت خالد يا أبا حسن بيننا بلا ريب ، وإن كان خلوداً حزينا ، وإنا لفراقك يا شهاب لمحزونون .
أحسنتم أبو عبدالله
نعم الفقيد يملك كل الصفات الي سطرتموها في هذا الرثاء ويستحق منا رد الجميل والدعاء له بالمغفرة تغمده الله بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون