خمسُ وصايا لاستقبال الشهر الكريم
الشيخ حسين بن منصور آل عباس*
في خضم هذه الأيام العصيبة، والوضع المتأزم، نعيش لحظات استقبال شهر رمضان المبارك. وكما نعلمُ جميعا فهو شهر الخير والبركة، و شهر العفو والرحمة، والمغفرة والتوبة، وشهر الضيافة الإلهية، وشهر القران الكريم، شهر الله .
وهذا الشهر العظيم أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره إجابة، حيث تتجلى فيه عبادة عظيمة، بمراتبها الكبيرة حيث يصوم فيه الجسد فالجوارح فالقلب وهو أعظم مرتبة للصوم. وبذلك تكون النتيجة بقول قلوبنا قبل ألسنتنا: “وَاعْتِقْنا مِنَ النَّارِ بِعَفْوِكَ”.
فكم هي صور جميلة، نكون في زواياها ومعانيها، فكلنا شوق لـ:” إِلهِي وَقَفَ السَّائِلُونَ بِبابِكَ, …” نسأله تعالى أن يوفقنا وإياكم لصيامه وقيامه وتلاوة كتابه.
ولكن هنا لي وقفة معكم أحبتي:
لاشك في أن هذه الظروف تحتم علينا التغيير في نمط الحياة، فكما هو معلوم في هذا الشهر العظيم يتزاور المؤمنون مهنئين بعضهم بعضا، بقدومه المبارك، كما نجد الفرحة والبهجة بين المؤمنين، والشوق الإيماني يقودهم لتلاوة أو قراءة القران الكريم في معظم المساجد والمنازل، والبعض الآخر ينظم وقته للاستفادة من المحاضرات الدينية، والحرص على مجالس الإمام الحسين عليه السلام في الحسينيات أو المجالس الخاصة بالبيوت.
وكلنا يستشعر راحة القلب المستأنسة بذكر الله فالشهر فرصة عظيمة حيث:” وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ” فيُتَقرَبُ الله بالختمات القرآنية، ليكون وقت الليل على الخصوص دائب في ذكر الله تعالى من قارئ قرآن أو دعاء جميلٍ في معانيه وما أحلاها وما أعذبها عندما نقول:” اللّهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ، وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ …”
ألا وإننا في هذا الوضع الجديد حيث الاحتياطات من هذا الوباء، وللمحافظة على الانفس من الوباء سيبقى الناس في منازلهم، ولكي يستمر الأنس بالله تعالى ادعوا الأحبة إلى:
أولاً:
الاستمرار في قراءة القران في البيوت، فقد ورد عن الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): “البيت الذي يُقرَأُ فيه القرآن ويذكَرُ الله عزَّ وجلّ فيه تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشّياطين، ويُضيء لأهل السّماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض. وانّ البيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يُذكر الله عزّ وجلّ فيه تقلّ بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشّياطين”
ثانيًا:
أؤكد على الاستماع الى مجالس الإمام الحسين عليه السلام، وإلى المحاضرات الدينية وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو قنوات التلفاز الموثوقة والمنسجمة مع تعاليم أهل البيت عليهم السلام .
ثالثًا:
إن البقاء في المنزل فرصة كبيرة جدًا لأن يكون الزوج اكثر قربا من أهله وعياله بخلاف السابق فقد يخرج الاباء والابناء الى التزاور لفترات طويلة أو قصيرة، فـ ” اغتنموا فرص الخير فإنها تمر مر السحاب “. من مساعدة الزوجة، وتعليم الأبناء، وتثقيفهم، ومداراتهم والقيام بشؤونهم .
إنها فرصة ذهبية لان يجلس الابناء بقرب الوالدين ويزداد بينهم الود وتكبر لديهم المحبة اكثر فاكثر.
ومن باب التذكير لي ولأخواني المؤمنين، إظهار المحبة ليس قولا، بل له تطبيقات عملية، لنجعل الزوجة والأبناء يشعرون بذلك، وإليكم هذه الطائفة من الروايات الشريفة في هذا المجال:
– ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا سقى الرجل امرأته أجر .
– وعنه (صلى الله عليه وآله): لا يخدم العيال إلا صديق أو شهيد أو رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة .
– وعنه (صلى الله عليه وآله): اتقوا الله في الضعيفين: اليتيم والمرأة فإن خياركم، خياركم لأهله .
– كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): من حسن بره بأهله زاد الله في عمره .
-وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): جلوس المرء عند عياله أحب إلى الله تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا .
ويظهر من هذه الروايات أهمية أن يولي الرجل الزوجة كل عناية ومحبة .
ملاحظة مؤلمة:
إنني – ومع الاسف- وبالاطلاع على مجريات بعض الامور وفي هذا الظرف ( العلاقة الزوجية والأسرية ) بالذات أجدُ التشاحن والتباعد والمشاكل في البيت الواحد، حيث بلغت مبلغًا مؤلما، فبعض المؤمنات يتصلن بي لطلب الطلاق من زوجها، !
فالبعض من الرجال – مع احترامي – يريد التفرد والتمرد والتأمر والتنمر في قوله وفعله في حين أنه مطالبٌ بفتح الرحمة في قلبه، لإشاعة المحبة والرأفة ..
هل تعلم أن كلمة واحدة من قلبك لزوجتك تجعل بيبتك جنة من نعيم . فتأمل معي قول الرسول
( صلَّى الله عليه وآله ): ( قَولُ الرَّجل للمرأة: إنِّي أُحِبُّكِ ، لا يَذْهَبُ مِن قَلْبِهَا أبَداً ).
رابعًا:
حاول أن تصحح وضعيتك مع الله ومع عباده، وأن تستقبل هذا الشهر الكريم بنفسية زاكية وقلب طاهر صادق نقي، وليس بقلب مليء بالضغائن والأنفة والكبرياء والعجب والغرور وما شابه ذلك من المساوئ…. كن متواضعًا فالتواضع يكسر غرور النفس، فقد جاء في الرواية النبوية ” «إنّ التَّواضُعَ يَزيدُ صاحِبَهُ رِفعَةً، فتَواضَعُوا يَرفَعْكُمُ اللّهُ”.
إن شهر رمضان شهر الرحمة والمغفرة والتوبة، والعفو ، ورحمة الله وسعت كل شيء… فينبغي علينا ان لا نفوت الفرصة لنأخذ من هذه المائدة العظيمة .
خامسًا:
إن وجوه البر و الخير كثيرة ومتشعبة ومتعددة، فسارعوا الى ذلك ولنتسابق في عمل الخير، يقول تعالى:” وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ ..”
ولا تنسوا الصدقة في هذا الشهر العظيم . وصلة الرحم ومواساة الفقراء والمحتاجين واليتامى والمساكين من أفضل القرب الى الله، واوصيكم ونفسي بالوالدين والاحسان لهم في حياتهما أو مماتهما .
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، ومرضي الفعال بحق محمد وآل محمد ..
أخوكم:
حسين بن منصور آل عباس
* إمام مسجد الإمام علي الهادي بسيهات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رحم الله والديك شيخنا الفاضل كيف حالك وكيف حال الاهل كلهم أن شاء الله بخير وصحة وسلامة وعافية يارب يوفقك ويسعدك ويرزقك ويسهل عليك كل عسير ويسير ويقضي حاجتك وحوائج المؤمنين والمؤمنات سلامي للجميع اخوكم عبدالله البصراوي بو محمد
يعطيك الف عافيه شيخنا العزيز
ونسألكم الدعاء
بارك الله فيك شيخنا الموقر يا ابا علي على الكلمات والنصائح الجميلة التي اثلجلت الصدر و اراحت القلب أدام الله عزك وفضلك علينا.
تحياتي