المجالس الرمضانية في القطيف: إصرار على الإحياء.. ولكن عن بُعد القائمون عليها أعدوا برامج تشمل ختمات قرآنية وأدعية وقراءة حسينية
القطيف: ليلى العوامي، فاطمة المحسن، بيان آل دخيل، شذى المرزوق
تضع الحاجة معصومة مكي يدها على قلبها، خوفاً من غياب أصوات القراء وهم يتلون القرآن الكريم من حسينية تقع بجوار منزلها، وبعدما كانت تطوف بيوت الجيران، وتستقبلهم أيضاً في بيتها لإحياء ليالي رمضان بالذكر والمجالس الحسينية، تخشى هذه السبعينية أن يتسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في إلغاء كل ذلك.
وبعد حوالى شهرين من الحجر المنزلي، أصبحت معصومة أميل إلى التعايش مع الأوضاع الجديدة التي فرضها الفيروس، “فالصحة في المقدمة، وحماية مجتمعنا واجب ديني وإنساني” كما قالت، وعلى رغم ذلك تجد صعوبة في قبول فكرة أن يمر هذا الشهر من دون المجالس الرمضانية وجلسات ختم القرآن.
وتحاول بنات معصومة إقناعها بفكرة أن المجالس الرمضانية هذا العام ستكون من خلال التقنية التي بات الجميع يستخدمها في المناسبات وغيرها، وأتقنوا استخدامها بسبب الحاجة إليها، وتقول ابنتها سكينة: “روحانية الشهر الكريم ستكون في القلب، وسنتلقاها عن بُعد”.
استعداد وتكيف ومحاسن
ويلفت الشيخ فيصل العوامي إلى إقامة البرامج الدينية والتثقيفية في الشهرين السابقين لرمضان على رغم إجراءات التباعد الاجتماعي، مبيناً أن استعداد المجتمع يملك قدرة للتكيف مع الظروف المختلفة وهي على درجة عالية من الاتقان، وهو ما بدأت تظهر مؤشراته بالنسبة للشهر الكريم.
ويقول الشيخ العوامي: “الاجراءات الاحترازية التي نفذتها الدولة بحكمة وإتقان صرفت الأذهان والاهتمام للجوء للعالم الافتراضي، لذا فإن التهيؤ للشهر الكريم يسير بخطى حثيثة، إذ أعد المهتمون الكثير من البرامج التي تُعد نقلة نوعية في إقامة المجالس الدينية والتثقيفية الرمضانية وختمات القرآن الكريم، وستكون وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي اللاعب الأساس في كل ذلك.وأعتقد أن محاسن هذه التجربة سيكون لها آثار حميدة حتى بعد تخطي مجتمعنا والمجتمعات الإنسانية جائحة كورونا”.
الانتقال إلى “يوتيوب”
في الاعوام الماضية،اعتاد القائمون على مجلس الحجة في حي الدخل المحدود بتاروت، على إقامة فعاليات متعددة خلال ليالي شهر رمضان المبارك،منها قراءة القرآن الكريم مع مجموعة من القراء، وكذلك القراءة الحسينية طيلة الليالي، وأيضاً هناك فقرة قراءة الأدعية،ومنها دعاء الافتتاح وأدعية السحر،إضافة إلى برنامج خاص لليالي الجُمع، وآخر حافل لليالي القدر.
لكن الفعاليات ستكون مختلفة نوعاً ما هذا العام، ويقول القائم على المجلس محسن الصيقل:”حسب الأوضاع المتوقعة في هذه الفترة؛ سيتم بث مجالس ليالي الشهر عبر قناة المجلس على يوتيوب، وكذلك ستبث بعض الفعاليات المختارة عبر نفس القناة”.
مستمرة بلا تجمعات
الحال نفسه في حسينية مياس بالقطيف، فمنذ صدور أول توجيه رسمي يدعو إلى تجنب التجمعات وإيقاف الأنشطة الجماعية على كافة المستويات، استجاب معظم مساجد وحسينيات محافظة القطيف،وتقرر إغلاق دور العبادة حتى إشعار آخر.
ويقول المسؤول في اللجنة الإعلامية فايز الضامن إناللجان التابعة للمساجد والحسينيات بدأتوضع خطط لضمان استمرار الأنشطة، بما يتوافق مع الإجراءات الاحترازية، لذا تبلورت فكرة إقامة الأنشطة الدينية والثقافية عبر العالم الافتراضي الذي توفره معظم وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً البث المباشر عبر”يوتيوب” و”انستغرام”.
اتفقت حسينية مياس مع الشيخ عبدالحميد الغمغام،الذي كان بدأ البث المباشر عبر “يوتيوب”، على إحياء كل ليلة بالأدعية، تليها محاضرة، وتم تهيئة مجلسه بما يضمن استمرار البث بجودة عالية من قبل الكادر الفني المختص.
واتفقت اللجنة الإعلامية على أن يستمر النشاط في العالم الافتراضي مع الأخذ بالاعتبار خصوصية شهر رمضان بالصيام وتلاوة القرآن، وستعمل على توفير فقرات قرآنية وآخرى في فقه الصيام. وتتضمن الخطة إضافة الجانب التفاعلي، حيث من المتوقع استضافة أحد المشايخ مع مدير حوار، وإتاحة الفرصة للمشاهدين لطرح الأسئلة خلال البث المباشر.
تنسيق بين المجالس
كذلك توقف مجلس الحسين في سيهات عن اقامة المناسبات، ويقول القائم على المجلس محمد معتوق المسكين: “إذا استمرت الإجراءات الاحترازيةإلى شهر رمضان فستكون برامجنا بالاعتماد على تقنية البث المباشر في مواقع التواصل الاجتماعي”.
من جانبه، ذكر مسؤول حسينية المهدية في مدينة صفوى جاسم فريد، أن قراءات شهر رمضان ستكون مختلفة، ففي العام الماضي كانت لمدة 30 ليلة بحضور المستمعين، فيما تم تخصيص ليالي محددة (13 و14 من الشهر) هذا العام، وستكون القراءة عبر بث مباشر وتسجيل، وعلى يوتيوب.
وأضاف فريد: “اتفقنا وحسينية الرسول أن نبث عبر قناتنا بث خطيبهم، وبعدها خطيبنا”، مبيناً أن الخطيب سيكون الشيخ هاني الصنابير عبر بث مباشر في الليالي المخصصة.
فيما لم تبد الأمور واضحة تماماً في حسينية الإمام الحسن (الحسنية) بصفوى، فلم يتم الترتيب لقراءات شهر رمضان بعد، بحسب مسؤول الحسينية محمد الصادق، موضحاً أن الحضور في السنوات الماضية كان يتراوح بين 60 إلى 120 شخصاً في الأيام العادية، وفي المناسبات كان يصل إجمالي الحضور في قسمي الرجال والنساء إلى 600 شخص.
تباين في الجارودية
وكانت حسينية الإمام موسى بن جعفر بالجارودية تواصلت العام الماضي مع الشيخ عبد الحي قمبر،لإحياء رمضان، وكذلك هذا العام، إلا أنهم لم يتوصلوا لاتفاق حول الكيفية التي ستُنقل فيها القراءة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
فيما فضّلت حسينية السليمان عدم إقامة المجالس الرمضانية، وشاطرها الرأي مجلس القرّاء في البلدة ذاتها، والذي يقرأ القرآن الكريم في مصلى المقبرة في كل عام، فقد تم الغاؤه، تماشياً مع الاحترازات المفروضة في غلق المقابر.
ويقول مسؤول اللجنة الإعلامية في مجلس الإمام الحسين في الجارودية علي الرمضان، إنه في العام الماضي، قرأ الشيخ محمد صويلح، وكان المجلس طوال شهر رمضان، وكان المجلس ينطلق بقراءة آيات من القرآن الكريم كل ليلة جزء قبل المجلس الحسيني، بحضور ضعيف في بداية الشهر، وبعدها يتراوح العدد بين 30 إلى 50 مستمعاً ومستمعة، ويزيد إلى أكثر من 100 في أيام وفاة الإمام علي عليه السلام.
أما هذا العام، فتم اختيار الخطيب السيد حسين الناصر، وسيتم التنسيق معه بخصوص البث المباشر عن طريق قنوات التواصل الاجتماعي، أما عبر “انستغرام” أو “يوتيوب”.