دعوة للتدبر في روايات الصيام
الشيخ حسين عباس
أحبتي الأعزاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته …
إن تتبعَ الروايات الصادرة عن الرسول الأكرم وعترته الطاهرة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين …
يلاحظ أنها ترشد السائل قبل سؤاله، فإن سُئل المعصوم أجاب، وإن سُكت عنه نثر درر الفوائد، وهذا ما يرسم لنا ملامح طرق النجاة في الدنيا والآخرة، بل كان هذا حتى مع الأئمة أنفسهم، ففي الكافي ج 1 ص 64 يروي لنا الإمام علي عليه السلام حاكيًا عن النبي صلى الله عليه وآله : ” كنت إذا سألته أجابني، وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني .
وهناك رواية واردة عن إمامنا جعفر الصادق عليه السلام والتي نحن بصددها، توضح، تلك الأبعاد الروحية والمعنوية والأخلاقية للصائم. إضافة إلى جانب السلوك العملي للإنسان.
فصيام القلب، وصيام الخصوص، وخصوص الخصوص، يوضح لنا ذلك. فالصيام ليس فقط الإمساك عن الأكل والشرب! بقدر صيام الجوارح فلا فائدة من صيام مجروح بارتكاب المعاصي والذنوب، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : ” إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك وعدد أشياء غير هذا وقال: لا يكون يوم صومك كيوم فطرك.”.
والمعنى أن يكون الإنسان مرتبطا بالله الارتباط الروحي والمعنوي من خلال سلوكه اثناء الصيام، فلا غيبة ولا نميمة ولا بهتان ولا النظر إلى ما حرم الله.
وعندما نتدبر في هذه الآية الشريفة حيث يقول:
” إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا”.
نرى التوافق للرواية الواردة عن الإمام الصادق عليه السلام مع الآية الشريفة فمن المسّلم به أن القرآن والعترة الطاهرة “وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ”.
المسؤولية!
إذا فالإنسان مسؤول عن سمعه، وعن بصره، وعن فؤاده..، عن قلبه وعقله. فهل استعمله في طاعة الله؟ أو في محارم الله؟ أم صرف القلب والسمع والبصر عن الشر والمعصية؟
أم وجه ذلك للخير؟؟؟!
أحبتي الأعزاء..
الواجب على كل مكلف أن يصون سمعه عما حرم الله، وأن يصون بصره عما حرم الله، وأن يعمر قلبه بتقوى الله، ويحذر محارم الله، فيخاف الله ويحبه، ويخشاه جل وعلا ويخلص له في العمل، مما جاء عن إمامنا الصادق عليه السلام في وصيته: ” خَفِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وَ إِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ…”
دعوة للتدبر!
فلنتأمل هذه الرواية ونقف عند كل مفردة من مفرداتها..
لأنها بلسم وشفاء لكل قلبٍ مريض، فلو نفذت للقلب فتحت مباني النية الصادقة ورفعت الروح لمستوى الإخلاص في العمل، وحثت النفس على ترك ما يوجب غضب الله تعالى ..
الرواية
قال الإمام الصادق (ع) «إنّ الصيام ليس عن الطعام والشراب وحدهما، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب، وغُضّوا أبصاركم عمّا حرّم الله، ولا تنازعوا، ولا تحاسدوا، ولا تغتابوا، ولا تشاتموا، ولا تظلموا، واجتنبوا قول الزور والكذب والخصومة، وظن السوء، والغيبة، والنميمة، وكونوا مشرفين على الآخرة، منتظرين لأيامكم، منتظرين لما وعدكم الله متزودين للقاء الله، وعليكم السكينة، والوقار، والخضوع، والخنوع، وذل العبيد الخيف من مولاها خائفين راجين…”
أحبتي علينا أن لا نكون ممنْ قيل فيهم : “ما أقل الصوام وأكثر الجواع” ‼️
اسأل الله العلي القدير أن يتقبل منا جميعا صيامنا وقيامنا وأن يأخذ بأيدينا إلى ما يحب ويرضى ..
وفقنا الله وإياكم لما يحب وبرضى
ونسألكم الدعاء..